ساهم انتشار مزارع اعتراض واصطياد الطيور المهاجرة التي انتشرت بكثرة في الآونة الأخيرة في المملكة في إيقاع الزبائن الذين يشترون الطيور بعد اصطيادها ونتفها في فخ عدم التمييز بين الطيور المباحة للأكل وتلك المحرمة. وفيما فقدت القارة الأميركية الشمالية ما يزيد عن 3 مليارات طائر في أقل من 5 عقود، قُدّرت الطيور المهاجرة التي تُصاد في منطقة البحر الأبيض المتوسط بنحو 25 مليون طائر سنوياً، فيما انتشرت في بعض مناطق المملكة مؤخراً ظاهرة إنشاء أو تأجير مزارع مخصصة لاعتراض وصيد الطيور المهاجرة بوسائل وأساليب متنوعة لعل أسوأها شبكات الصيد. منظومة متوازنة قال الأكاديمي والمستشار البيئي الدكتور عبدالرحمن الصقير لـ«الوطن» إن «الله خلق الكائنات الحية وفق منظومة دقيقة ومتوازنة تترابط عبر شبكة غذاء معقدة ومحكمة تتأثر وتضطرب عند الإخلال بأحد خيوطها، وتشكل الطيور رقما مهما في سلسلة الغذاء وشبكة الغذاء الطبيعية، كما تؤدي أدوارا بيئية بالغة الأهمية، فهي تضبط أعداد الحشرات التي تلحق الأذى بالإنسان وحيواناته ومحاصيله الزراعية، كما أن بعض الطيور تلقح أزهار نباتات معينة لتنتج الثمار وتساعدها على البقاء، وتقوم الطيور الآكلة للحبوب والثمار بنقل البذور إلى مناطق جديدة مما يحافظ على بقاء النباتات ويساعد في انتشارها، وتسهم الطيور في تخصيب التربة عن طريق فضلاتها الغنية بالعناصر المعدنية، وتقوم الطيور بتخليص البيئة من بقايا الحيوانات والنفايات العضوية إلى غير ذلك من المزايا والفوائد». القسوة والتعذيب أوضح الصقير أن شبكات الصيد تُنصب في المزارع وتعزز بأجهزة تقليد أصوات الطيور لخداعها وجذبها لحتفها في تلك الشبكات التي لا تفرق بين نوع وآخر، فيقع فيها ما يؤكل من الطير وما يحرم أكله، حيث تتعلق الطيور الضعيفة في تلك الشبكات وتُصاب وتتكسر أطرافها وقد تموت معلقة قبل أن ينتبه الصياد لها فيأخذ ما يصلح أكله ويطلق ما لا يجوز أكله. وأضاف «يجمع الصيد بالشبكات عددًا من المساوئ، فهو صيد بالجملة لا يفرق بين الأنواع الجائز أكلها وتلك التي لا يصح أكلها، كما أن في هذا النمط من الصيد قسوة وتعذيبا للطيور، وقد يؤدي الجهل أو الجشع والغش إلى عدم التمييز بين أنواع الطيور والتخلص من تلك الطيور غير المباحة، فيجمع كل ما اصطادته الشبكات ويُنتف ويُجهز للبيع على مشترين لا يعلمون حقيقة ما يجري خصوصاً وقد دخل في هذا النشاط عُمال أجانب يغلب عليهم الجهل واللامبالاة». مزارع الصيد أبان الصقير أن تفشي ظاهرة مزارع الصيد يؤدي إلى إخلال خطير بالتوازن البيئي والتنوع الحيوي، وهذا قد يفسر تزايد أعداد الحشرات خلال الفترة الأخيرة نظرًا لانخفاض أعداد الطيور التي تتغذى عليها فتحافظ على بقاء أعدادها بالمستوى الطبيعي، مشيرا إلى إن تخصيص بعض المزارع لممارسة هواية الصيد لا ينسجم إطلاقا مع توجهات وزارة البيئة والمياه والزراعة بالحفاظ على المخزون المائي ووقف زراعة بعض المحاصيل الزراعية المهمة التي تستنزف الموارد المائية، فمزارع الصيد تهدر المياه على نشاط ترفي غير مفيد للاقتصاد الوطني وغير مسهم في الأمن الغذائي، كما أن صيد الطيور بهذا الشكل الفوضوي يؤثر على التنوع الحيوي ويهدد بعض أنواع الطيور بالانقراض ما قد يثير حفيظة بعض المنظمات الدولية المعنية بالبيئة والتنوع الحيوي ويسيء إلى سمعة المملكة. مساوئ مزارع الصيد ـ لا تُميز بين الطيور ـ تؤثر على التنوع الحيوي وتهدد بعض الأنواع بالانقراض ـ لا تنسجم مع التوجهات بالحفاظ على المخزون المائي ـ تؤثر على سمعة المملكة لدى بعض المنظمات الدولية المعنية
مشاركة :