قبالة السواحل الماليزية وعلى مياه المحيط الهادي يلجأ شعب الباجاو أو ما يعرفون محلياً بغجر البحر للعيش بقرى صغيرة بنوها من أكواخ الخشب المرتفعة قليلاً عن الماء منذ أمد طويل بعد أن حكمت عليهم القوانين السياسية والحدود الجغرافية بأن يسكنوا البحر ولا يطئوا اليابسة. ويعتبر الباجاو وهم من أصغر الأقليات تعداداً في آسيا حيث لا يزيدون عن خمسة آلاف نسمة بحسب الإحصائيات المعلنة ويسكنون بشكل رئيسي مقابل السواحل الماليزية وينتشرون بشكل عام في المناطق البحرية الممتدة ما بين الفلبين إلى جزر بورنيو الاندونيسية والسواحل التايلندية. وأصول شعب الباجاو في الحقيقة غير معروفة ولم يتم تحديدها بدقة وفقاً لتصنيفها العرقي ولكن المعتقد عموماً بأنهم ينحدرون من مناطق جنوب الصين وهاجروا منها قبل حوالي أربعة آلاف سنة تقريباً وبحسب رأي العلماء المختصين في هذا المجال فقد يكون غجر البحر هم آخر شعوب السكان الأصليين لآسيا. ويقضي الباجاو حياتهم كاملة في البحر فهم يولدون ويعيشون ويموتون عليه وبسبب ذلك فهم من السباحين والغواصين وصيادي الأسماك المهرة بل أن من وسائل التسلية عند أطفالهم اللهو مع أسماك القرش والغوص بصحبتها إلى أعماق المحيط. ولا يحمل شعب الباجاو أي جنسية ولا يتبعون سياسياً أو نظامياً لسلطة أي دولة ولا ينتمون لأحد وهم بذلك ينعزلون بشكل شبه كامل تقريباً عن العالم بحياتهم البدائية والتلقائية وهم في الحقيقة مكتفين ذاتياً إلا من بعض الأشياء البسيطة التي يقايضون بها سكان السواحل الماليزية بما يصطادونه من الأسماك. وبالرغم من أن شعب الباجاو لا يتلقون أي تعليم نظامي أو أساسي ولا توجد عندهم مدارس إلا أنهم خبراء جداً في طرق العيش والبقاء ومن مهاراتهم أنهم يستطيعون تحديد الأوقات اليومية والتواريخ عموماً بالاعتماد على حركة المد والجزر وبدقة كبيرة جداً. ومن الغرائب التي يعاني منها غجر البحر هؤلاء أنهم يعانون من الدوار والتعب الجسدي عند تواجدهم على الأرض الصلبة أو اليابسة لبعض الوقت وهو ما يجعلهم لا يحرصون على الذهاب إليها إلا نادراً وعند الحاجة الملحة فهم كالأسماك يموتون خارج الماء.
مشاركة :