ناصر.. رغم مرور نصف قرن على رحيله!

  • 10/1/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

‭‬ لا أعتقد أنه إلى الآن هناك زعيم عربي وخاصة في التاريخ المعاصر استطاع أن يستقطب التفاف الشعوب العربية حوله بكل أطيافها سواء في حياته أو بعد موته مثل الزعيم العربي الراحل «جمال عبدالناصر»! ورغم مرور نصف قرن تقريبا على رحيله فإن هناك الكثير من الشعوب العربية لا تزال تحتفي بذكرى رحيله، وهذا العام الذكرى الـ«49»، وأيضا رغم حملات التشويه الكبيرة لسيرته من جانب «الإخوان» وأعداء القومية العربية والناصرية من النخب الضالة فإن الشعوب تستذكر سيرته بكل حب وحنين إلى زمنه، وإلى مبادئه وإلى نزاهته وإلى انتصاره للفقراء والفلاحين والعمال، وإلى ارتباط زمنه بشكل خاص بالزمن الجميل فكرا وفنا وثقافة ومسرحا، حيث كانت مصر مصدرا عربيا كبيرا ومهما لكل ذلك، إن لم تكن المصدر الأهم على المستوى العربي. ‭{‬ هناك ارتباط بين ما آلت إليه الأوضاع العربية وأوضاع بعض القيادات العربية في زمننا الراهن وعلى مدار العقود الماضية والحنين الشعبي العربي لنموذج عبدالناصر! وببساطة هناك مقارنة بين فقدان تلك القيادات العربية أي مشروع عربي وعبدالناصر الذي كان يملك مشروعا، بل مشاريع على مستويات مختلفة، مثل «المشروع القومي الوحدوي» و«المشروع التحرري» من الاستعمار على المستويين العربي والأممي لكل الدول النامية التي كانت واقعة تحت ربقة الاستعمار، و«مشروع دولي» حيث كان قياديا في (دول حركة عدم الانحياز) مع «تيتو» و«نهرو» إلى جانب مشروعه الأهم في نصرة المظلومين والفقراء من فلاحين وعمال في بلده، ووطنيته العالية التي جعلته نموذجا متحديا للغرب، وعلى مستوى آخر ازدهرت مصر في فترة حكمه في كل المناحي الثقافية والفكرية والسياسية والفنية رغم ما كان يروجه مبغضوه المتضررون من مبادئه بأنه دكتاتور! على المستوى الشخصي كان «ناصر» زعيما نزيها نظيف اليد لم يمدها إلى المال المصري العام وإنما كان يعيش بما يأخذه من الدولة كراتب حاله حال غيره! ولذلك لم يترك خلفه لا أملاك ولا مال في البنوك حيث حسابه البنكي ككل لم يتجاوز بضع عشرات من الجنيهات! يحن الشعب العربي إلى مثل تلك النزاهة ونظافة اليد التي يفتقدها، في كل من يصل إلى السلطة أو إلى المسؤولية، في ظل الملايين والمليارات التي تتكشف أوراقها عند التدقيق في السجلات المالية لهؤلاء أو عند إجبارهم على الرحيل عن السلطة! ‭{‬ أهم شيء يفتقده الشعب العربي هو وضوح الرؤية والإرادة السياسية والعقل الاستراتيجي الذي أراد توحيد الدوائر الثلاث (العربية والإسلامية والأممية) لخدمة القضايا العربية والتخلص من قهر ما يمارسه المستعمرون القدامى على الشعوب العربية وشعوب العالم النامي! كانت كاريزمته واضحة، قوية، قادرة على التحدي، وفرض الواقع الذي يريده ولذلك قام بتأميم القناة ومواجهة العدوان الثلاثي عام 1956، وبناء السد العالي، والاهتمام بتطوير الثروات المصرية والأيدي العاملة المصرية! ‭{‬ أسباب كثيرة لا يتسع لها المجال هنا للدلالة على السر الذي يجعل الشعوب العربية تتشبث به وبذكراه، ولن ننسى أن من بين أهمها هو الإحساس العربي بالكرامة في زمنه، ولذلك كان يتشبث بسماع كل خطاباته التي كانت تحرك الشعب العربي من المحيط إلى الخليج! رحم الله عبد الناصر، فذكراه في 28 سبتمبر ستبقى شاخصة أمام الأعين، لأن المقارنة بين زمنه والزمن العربي الراهن الذي تردى إلى أقصى الحدود منذ رحيله ستبقى شاخصة بدورها، لأنه للأسف مستمر وقابل للمزيد في المراحل القادمة!

مشاركة :