الشرفات يكتب: كي تبقى نقابة المعلمين حاضرة .. !!

  • 10/2/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يُخطئ من يظن ولو للحظة أننا ضد مطالب المعلمين المشروعة بتحسين وضعهم المعيشي؛ ليصبحوا في مقدمة موظفي القطاع باعتبارهم سادة العطاء الوطني، وسنام الوفاء للأرض، والقيادة، والتراب. ويُخطئ أكثر من يعتقد أن قيادة العمل النقابي هي حالة انفعالية لحظيّة مهما كان الوجع ماثلاً، والحق باسقاً، وقد قلنا أن العمل النقابي هو جزء لا يتجزأ من العمل الوطني ولا يمكن أن نتخيل بأن يكون نقيضاً له مهما كانت مطالب المعلمين ملّحة، وأيّاً كان المشهد السياسي، والإجتماعي وقتذاك.الإرادة الشعبية، والنقابية لا تكفي وحدها لتحقيق المطالب إلاّ في حالات هي أبعد ما تكون عن الحالة الوطنية. ولذلك يتوجب أن تستند لأساس قانوني في القانون، والدستور وبدون ذلك تخرج المطالب من إطار المشروعية إلى دائرة الفوضى، وهذه حالة لم يشهدها الواقع الوطني على الأقل منذ عقود. والحقيقة التي قد لا يتفق معي فيها الكثير من المعلمين هي أن إضراب المعلمين يستند إلى إرادة حقيقية من الجسم النقابي، ومساندة عاطفية، وموضوعية من المواطنين، وبعض القوى والفعاليات، ولكن النقابة لم تستطع أن تُقنعنا بأنها تستند إلى أساس في القانون، أو الدستور.هناك فرق واضح، وكبير بين الحق في التعبير، والإضراب؛ فالأول حق فردي يستند إلى أساس دستوري، وقانوني في قانون الاجتماعات العامة، في حين أن الثاني هو ممارسة جماعية تؤثر في الحياة العامة، ولذلك يجب أن تستند إلى أساس قانوني، وضوابط دقيقة في الممارسة، وتدّرج في التطبيق، ولا يكفي أبداً القول بأن الإضراب هو جزء من حق التعبير؛ لانه ببساطة ليس كذلك، والمفهوم القانوني لمصطلح الإضراب يدحض أي ادعاء بأن الإضراب يستند إلى أساس قانوني.بعيداً عن القراءة السياسية للإضراب، وأسبابه، ومرامية فإن حماية المكتسب النقابي لتجربة نقابة المعلمين التي لم تُكمل عقدها الأول بعد؛ تفترض أن يتم التعامل معها بحكمة وأناة، ووعي، وموضوعية بعيداً عن الغضب، والانفعال، وتغليب لغة الحوار، والمصلحة الوطنية وفن الممكن. فقد سبق للنقابات المهنية في عقد التسعينات أن مارست الحكمة في التعاطي مع الغضب الرسمي والذي كان مصراً وقتها على تعديل التشريعات، وتوصلت مع الحكومة إلى تفاهم غير مكتوب في ضوابط العمل النقابي عندما تخرج آثاره للعلن.للدولة هيبة، وشوكة أدبية، وقانونية أيّاً كان المعترض، أو المحتج، فرداً أم نقابة، أو مؤسسة، وأن حالة العناد التي قد تمارس أحياناً ضد المؤسسات العامة تتطلب حذراً، وإدراكاً بأن السلطة التنفيذية هي صاحبة الولاية العامة في إدارة الدولة وفقاً لأحكام الدستور، وأن ثمّة مخاطر تشريعية قادمة في تجريم الإضراب في قانون العقوبات، وترتيب عقوبات قد تصل إلى حلّ الهيئة المعنوية عن العمل - وهي النقابة في هذه الحالة- وعندها سندرك جميعاً أن غياب الحكمة قد تؤدي إلى مصادرة نضال طويل لجيش المعلمين للحصول على مكتسبهم النقابي.عندما يتوقف الإضراب لن نألو جهداً في إسناد نضال المعلمين؛ لتحسين وضعهم المعيشي وبما لا يقل عن الحد الأدنى لضمان عيش كريم لأساتذتنا الأجلّاء في الإطار المطلبي والذين تعلمنا منهم كيف يكون التفاني، والإخلاص في العمل سبيلاً لرفعة الوطن، وصون أمنه، وبعيداً عن أي توصيف سياسي للأزمة التي يشهدها قطاع المعلمين حالياً، ورغم بعض الحالات الفردية من الإساءة للأشخاص، والهيئات بعبارات لا تليق، ورفض الآخر وعدم قبول رأيه، واحتكار الحقيقة؛ فإن المعلم الذي يُؤسس لمنظومة الأخلاق الوطنية، والإنسانية في العالم أجمع لا يمكن أبداً أن ينحدر لمستوى الردح، والشتيمة، وقدوتنا في ذلك المعلم الأول في وطننا الحبيب جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه، وحفظ الله وطننا الحبيب من كل سوء ...!!!

مشاركة :