جان فريدريك، تحول من مدير عام إلى صانع عصائر لم تكن خلفيته بكونه منحدرا من عائلة فرنسية «مرتاحة» ماديا، أو تحصيله العلمي في الهندسة من المدرسة الفرنسية النخبوية، عائقا أمام قراره أن يصبح صانعا للعصائر. فبعد ستة أعوام عمل خلالها في قطاع الطيران والدفاع، حصل على الماجستير في إدارة الأعمال من كلية إنسياد. ومن ثم تولى منصبا إداريا حمله بين ماليزيا وإندونيسيا والفلبين وسويسرا وغيرها من البلدان، للعمل مع شركات مثل فيليبس وكوانتم وسيجيت. بعد قيامه بعديد من عمليات إعادة الهيكلة، بدأ جان فريدريك بالتحول إلى حياة ريادة الأعمال. قرر وزوجته شراء فندق ومطعم في منتجع للتزلج، لكنه تنحى عن الفكرة عندما عرض عليه دور رئيس في شركة تأمين تقوم بتطوير ابتكار مذهل. في أحد الأيام، فوت جان فريدريك رحلته بسبب اجتماع عمل، ما أجبره على البقاء لليلة أخرى في باريس. تذوق جان فريدريك أثناء تناوله العشاء مع أحد أصدقائه عصيرا رائعا ونادرا. ليكتشف بعدها أن صانع العصائر سيغلق أعماله بسبب عدم إيجاده شريكا، بعد أن روى جان فريديريك القصة لزوجته قررا اللقاء مع الرجل صانع العصائر. بدت الصفقة واعدة لكن تطلب إبرامها عامين بسبب التعقيدات في إبرام العقد. خلال تلك الفترة حرص جان فريدريك على السفر كل أسبوعين إلى مزرعة العنب، ليتعلم أصول المهنة منذ البداية. لكن في اللحظة الأخيرة قبل المالك عرضا من شركة صينية. استعان جان وزوجته بوكيل ليعرفهما على الكروم الأخرى، وفي النهاية استحوذا على Domaine des Maravilhas مقابل وادي Châteauneuf-du-Pape. سرعان ما أدرك جان فريدريك وزوجته أن دخول قطاع صنع العصائر يشكل تحديا. فافتقارهم إلى شبكة العلاقات جعل بيع المنتج أمرا ليس بالسهل. كما كافحوا لتسويقه بسبب انشغالهم بعمليات التصنيع التي استحوذت على وقتهم وجهدهم. بعد خمسة أعوام، أصبحت سمعة الزوجين واعدة، واستعانا بخبراء على طول الخط. وفي الوقت الذي يسخر فيه جان فريدريك من نفسه كونه لم يتقن قيادة الجرار في المنحدرات الوعرة، إلا أنه استفاد إلى حد كبير من خبرته في إدارة الأعمال. وقد ترى قريبا علامته التجارية أثناء تناولك وجبتك المفضلة في أحد المطاعم. لونا، تحولت من العمل في سوق الأسهم كمحللة إلى هندسة المناظر الطبيعية مقارنة بليلى وجان فريديريك، واجهت لونا عقبات أقل خلال رحلتها. فنشأتها في المرتفعات الاسكتلندية ومرافقتها عائلتها أثناء السفر ساعداها على تعزيز فهمها للثقافات المحلية واللغات. كما أن قضاءها عاما في فرنسا وآخر في أستراليا جعلاها ترغب في السعي نحو كسب المال من أجل تمويل شغفها بالسفر. لذا قررت العمل في مجال الاستثمار المصرفي في لندن. بدأت موظفة في قاعة التداول في "جولدمان ساكس" قبل انضمامها لبنك آخر يبيع الأسهم الأوروبية. كانت تستمتع بالسفر المستمر والعملاء النافذين والشخصيات البراقة من حولها. بعد سبعة أعوام بدأ القطاع المصرفي في التحول. وأصبحت بيئة العمل أقل متعة ما دفعها إلى النظر في الخيارات الأخرى. لطالما انجذبت لونا إلى الزهور والنباتات كونها تذكرها بالجانب الفني في عائلتها. لذا حصلت على وظيفة بدوام جزئي في حديقة تشيلسي للفيزياء، الأمر الذي دفعها إلى بيع أملاكها في سبيل الحصول على تعليم مناسب في هذا المجال. تطلب التدريب جهدا أكبر مما بذلته للحصول على شهادتها في الاقتصاد، لكنها سرعان ما اكتشفت أنها اتخذت القرار الصحيح. بدأت بمشاريع صغيرة لأصدقائها، ورغم شغفها انطوت مهنتها الجديدة على قدر معين من النشاط البدني إلى جانب عملها المصرفي. على الرغم من وجود فريق يساعدها على العمل اليدوي، إلا أن هندسة المناظر الطبيعية تعد حقا مجالا ميدانيا. ترى لونا أن عملها في القطاع المصرفي بما ينطوي عليه من تعلم مستمر - مع تحول الأسواق بشكل يومي -، عزز من مرونتها وقدرتها على التأقلم مع عملها الجديد. وفي حين لم تكن تتمتع أبدا بشخصية مندوب المبيعات بشكل فطري، إلا أن الضغط الذي كانت تتعرض له لتحقيق نسبة مبيعات في عملها السابق، أعدها لأن تكون رائدة أعمال وخفف من خوفها للتحدث مع "شخصيات مؤثرة". بشكل عام، تنصحنا لونا باتباع غريزتنا، وعدم القلق من ارتكاب الأخطاء كونها ضرورة للنجاح. تفتقد أحيانا حياتها السابقة لكنها تحب ما تقوم به لدرجة يصبح معها أي شيء آخر بعيدا عن المقارنة. بالرجوع إلى نموذجنا الخاص بالتحولات المهنية الناجحة "استكشاف وتجربة ومشاركة وتوسع"، ينطوي طريقها نحو النجاح على الاستكشاف والتجريب الحدسي، لكن تحقيق الارتباط يجب أن يكون على طول الخط. وهناك سبع نصائح للحرفيين الطموحين وأنه في حال لم تعلم ماذا تريد راجع حياتك للبحث عن أدلة. ومنها خذ الوقت الكافي للاستكشاف والتجربة، لتقليل احتمالية المخاطر والتأكد من مهنتك الجديدة. وتقبل فكرة أن عليك التعلم بشكل مكثف، وأن ذلك ليس بالأمر السهل. وعليك الاستفادة من الكفاءات والمهارات التي اكتسبتها خلال مسيرتك المهنية. ولا بد أن تكون مستعدا لأن تشمر عن ساعديك وتقوم بالعمل بيديك. وأن تكون متواضعا على الدوام كونك تبدأ من الصفر. كما يجب أن تأخذ بعين الاعتبار عمرك والمرحلة التي تمر بها وعوامل الخطورة، لكن تذكر أيضا أن الأخطاء ستساعدك على النمو.
مشاركة :