في فقدان الاقتصاد الأمريكي لسرعة نموه، أصبح السؤال الذي يشغل بال المحللين الاقتصاديين هو: إلى أي مدى سيتباطأ أكبر اقتصاد في العالم؟ وإلى أي مدى سيتمكن من الإفلات من دائرة الركود؟ورغم أن انخفاض معدل نمو الاقتصاد إلى أقل من 2%، يُستخدم عادة كمؤشر على انكماش قادم للاقتصاد، فإن بعض الاقتصاديين يرون أن الاقتصاد الأمريكي يمكنه النمو بما يتراوح بين 1% و1.5% من دون أن يسقط في دائرة الانكماش.وتراجع ما يسمى «سرعة التهاوي» للاقتصاد الأمريكي بعد ظهور بيانات مؤشر نشاط قطاع التصنيع الأمريكي، الثلاثاء، الذي سجل أقل مستوى له منذ نحو 10 سنوات. في الوقت نفسه، مازال مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي يتعرض للضغوط من أجل خفض أسعار الفائدة لتعزيز نمو الاقتصاد، في حين يواجه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تحديات اقتصادية خطيرة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المنتظرة بعد نحو عام من الآن.سرعة التهاويواستمد تعبير «سرعة التهاوي»، من عالم الطيران، ويشير إلى فقدان أجنحة الطائرة على توليد الطاقة اللازمة لاستمرار التحليق إلى أعلى، في حين أنها تكون قادرة على استمرار التحليق عند المستوى القائم، مع احتمال هبوطها فيما بعد.الإنفاقبحسب وكالة «بلومبيرج» للأنباء، فإن استمرار أطول فترة نمو متصلة في تاريخ الاقتصاد الأمريكي سيتوقف على استمرار قدرة المستهلكين الأمريكيين على الإنفاق بما يعوض التراجع في أداء قطاع التصنيع على خلفية الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وقال ستيفن جالار، كبير خبراء الاقتصاد الأمريكي في مجموعة «سوسيتيه جنرال»، إن فكرة سرعة توقف الاقتصاد أصبحت اليوم، وبشكل مفاجئ، أكثر أهمية مما كانت عليه في أغلب أيام فترة نمو الاقتصاد، فالاقتصاد الأمريكي يسير بمحرك واحد وهو المستهلكون.من ناحيته، قال أولريش ليوشتمان، خبير أسواق الصرف في كوميرتس بنك الألماني في تقرير للعملاء، إن موضوع سرعة التوقف أصبحت شأناً عاماً اليوم، وهو ما يمكن أن يهدد الطلب على الأصول المالية الأمريكية، ويحدث هذا عندما يتراجع المستهلكون والشركات عن خططهم للإنفاق في مواجهة ضعف الأداء الاقتصادي.وقد تراجعت النظرة المستقبلية للنمو الاقتصادي، بالفعل، حيث تراجع قطاع التصنيع إلى دائرة الركود خلال النصف الأول من العام الحالي، كما تراجع الإنفاق الاستثماري، وتراجعت وتيرة نمو الوظائف»، ويتوقع المحللون نمو الاقتصاد الأمريكي بمعدل 1.7% من إجمالي الناتج المحلي خلال العام المقبل.تباطؤ النموفي حين يتوقع أغلب المحللين استمرار معدل نمو الاقتصاد الأمريكي خلال العام المقبل فوق مستوى سرعة التهاوي، فإن يواكيم فيس، وأندرو بولز، من مؤسسة «باسيفيك إنفستمنت مانجمنت» يتوقعان تباطؤ النمو إلى نحو 1% خلال النصف الأول من العام المقبل، وأضاف المحللان أنه في حين لا يمثل ركود الاقتصاد قاعدة تفكيرنا الأساسية، فإن الأمر لن يستغرق وقتاً طويلاً حتى يتجه الاقتصاد الذي يتحرك بسرعة التهاوي نحوه.ورغم أن تراجع سرعة التهاوي، يعني أن الاقتصاد يمكنه مواصلة النمو بوتيرة أهدأ، من دون أن يصل حتماً إلى الركود، فإن النبأ السيئ هو أن هذا لا يعني أن الولايات المتحدة أقل عرضة لمخاطر هذا الركود. (د ب أ)
مشاركة :