الرواية الأولى التي كتبها الكاتب السويدي يوناس يوناسون، نالت العديد من الجوائز وأصبحت سريعاً الأعلى مبيعاً في المكتبات. صدرت في العام 2009. قرأتها بترجمتها العربية التي صدرت عن دار المنى وترجمها علاء الدين أبو زينة. لا أعرف الكثير عن الأدب السويدي. وبالنسبة لي هذه مقدمة جيدة، رواية تحتوي على الكوميديا والإثارة وتجعلك غارقاً فيها حتى تنتهي منها. ذكرتني بالسويدي الذي كان يجلس هو وزوجته في الطاولة المجاورة في أحد مطاعم فانكوفر. تبادلنا الحديث بعفوية وكان عفوياً وخفيف الظل، أنا التي كنت أعتقد أن السويديين شعب صارم ولا يعرف النكتة. طبعاً هذه إحدى ميزات البشرية في التعميم وادعاء المعرفة حتى لو لم يسبق له التعرف على أحد من السويد من قبل. الرواية تحكي قصة رجل بلغ المئة عام من عمره وقرر أن يهرب من دار المسنين الذي كان يعد احتفالاً كبيراً يحضره العمدة بمناسبة بلوغه هذا السن. الرواية فيها خطان متوازيان، خط الحاضر بأحداثه المثيرة والمليئة بالمصادفات العجيبة والغارقة في الكوميديا، وخط حياة ألن كارلسون منذ بداية حياته وحتى بلوغه المئة عام. والمليئة أيضاً بالأحداث المثيرة والعجيبة والغارقة في الكوميديا. من خلال رواية تفاصيل حياة كارلسون يعلق الراوي على أهم الأحداث التي وقعت في العالم خلال قرن من الزمن. ويأتي التعليق بطريقة هزلية فيها الكثير من السخرية والاستخفاف بكل السياسات التي حكمت العالم في القرن العشرين. كوميديا سوداء، حيث هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن بها للعقل البشري أن يستوعب ما قام به أعظم قادة في العالم، مثل تشرشل، هتلر، روزفلت، ترومان، ستالين، ماوتسي تونغ ورئيس كوريا الشمالية السابق وولده. عبقرية الرواية أنك تقرأ عن كل الحروب والتعقيدات وتطورات صناعة القنبلة الذرية وأنت تضحك بصوت عال، ربما هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن بها أن تتقبل هذه الوقائع. أحداث الرواية تقع في الخيال غير القابل للتصديق، لكنك تصدقها لأنه كيف يمكن للعالم أن يسير في هذا الجنون لولا أنه يشبه الرواية. وكيف لا نصدق الرواية ونحن نرى في الواقع ما يفوقها من عجائب. الرواية ليست تاريخية، الرواية سخرية مريرة من الواقع. لكنها بأسلوبها هذا، أقرب إلى الواقع من الحقائق التاريخية. أبطال الرواية ليسوا ملائكة لكنهم ليسوا شياطين بالمعنى الحرفي للكلمة. تتعاطف معهم، ولا شعورياً تقف إلى صفهم، حتى لو كانوا لصوصاً. مسألة تحتاج منا نحن الأسوياء إلى تحليل نفسي، لماذا نتعاطف مع الخارجين على القانون في الروايات ولا نفعل ذلك في الحياة الواقعية.
مشاركة :