بعد يوم واحد من صدور حكم منظمة التجارة العالمية بشأن النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن دعم بروكسل شركة الطيران العملاقة "إيرباص"، طلبت واشنطن أمس من منظمة التجارة العالمية أن تعقد اجتماعا في 14 تشرين الأول (أكتوبر) للإذن لها باتخاذ "تدابير جمركية مضادة" ضد الاتحاد الأوروبي. ووفقا لقواعد منظمة التجارة، ستقدم المنظمة هذا الإذن تلقائيا في ذلك الاجتماع، ولا يسمح للاتحاد الأوروبي بالانتقام من التدابير المضادة، التي تأذن بها المنظمة. وجاء الطلب الأمريكي حتى بعد أقل من يوم واحد من حكم المنظمة الذي فازت فيه الولايات المتحدة بأكبر جائزة تحكيم في تاريخ منظمة التجارة في نزاعها مع الاتحاد الأوروبي بشأن الإعانات غير القانونية لشركة إيرباص. ويأتي الحكم النهائي عقب أربعة أحكام أولية سابقة للفريق التحكيمي وهيئة الاستئناف من 2011 إلى 2018، وأقر الحكم في آخر الأمر بأن إعانات الاتحاد الأوروبي لشركة إيرباص تكسر قواعد منظمه التجارة العالمية. ويبين الحكم أن المعونات، التي تلقتها "إيرباص" كلفت شركات الطيران الأمريكية مئات المليارات من الدولارات كإيرادات ضائعة على مدى 15 عاما تقريبا من التقاضي. وفي أيار (مايو) 2011، أكدت هيئة الاستئناف أن الاتحاد الأوروبي وأربعا من دوله الأعضاء (ألمانيا، وفرنسا، وبريطانيا، وإسبانيا) منحت أكثر من 18 مليار دولار كتمويلات مدعومة لشركة إيرباص، ما سببت خسارة شركة بوينج مبيعات أكثر من 300 طائرة وحصة كبيرة من السوق في جميع أنحاء العالم. لكن هناك نظير لهذه الفقرة في حكم أولي أصدرته المنظمة في 28 آذار (مارس) 2019 بشأن شكوى للاتحاد الأوروبي ضد الولايات المتحدة خلص إلى أن الولايات المتحدة واصلت تقديم الدعم المالي لشركة بوينج بشكل غير قانوني بما يخالف الأحكام السابقة للمنظمة التي تدين هذا السلوك، وأن الدعم تسبب في إلحاق ضرر كبير بمنافستها الأوروبية "إيرباص". وعلمت "الاقتصادية" من البعثة التجارية الأمريكية أن الولايات المتحدة ستطبق التعريفات، التي وافقت عليها منظمة التجارة على بعض سلع الاتحاد الأوروبي بدءا من 18 تشرين الأول (أكتوبر)، ويتوقع أن تدخل واشنطن في مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي تهدف إلى حل هذه القضية. وحسب المعلومات الأولية، يبلغ عدد المنتجات الأوروبية، التي ستخضع للتدابير الجمركية الأمريكية المضادة 326 منتجا، بموجب القسم 301 من قانون التجارة الأمريكي لعام 1974 الذي يخول الرئيس الأمريكي اتخاذ جميع الإجراءات المناسبة، بما في ذلك الانتقام، للحصول على إزالة أي عمل، أو سياسة، أو ممارسة لحكومة أجنبية تنتهك اتفاقية تجارية دولية، أو تثقل أو تقيد التجارة الأمريكية بصورة غير مبررة، أو غير معقولة، أو تمييزية. وفي بيان رسمي أصدرته الولايات المتحدة عقب حكم المنظمة، أوضح الممثل التجاري الأمريكي "منذ سنوات، قدمت أوروبا إعانات ضخمة لشركة إيرباص أصابت بشكل خطير صناعة الطيران الأمريكية وعمالنا.. وبعد 15 عاما من التقاضي، أكدت منظمة التجارة أن الولايات المتحدة لها الحق في فرض التدابير المضادة ردا على الإعانات غير القانونية للاتحاد الأوروبي". وتعويض الـ7.5 مليار دولار سنويا، الذي منحته منظمة التجارة إلى الولايات المتحدة يعد أكبر تعويض في تاريخ المنظمة، أو ما يقارب ضعفي الجائزة الكبرى السابقة. وطبقا لمعلومات "الاقتصادية"، فقد حسب محكم منظمة التجارة مبلغ التعويض هذا استنادا إلى النتائج، التي توصلت إليها المنظمة بأن المعونة المقدمة من الاتحاد الأوروبي لشركة إيرباص تسبب خسائر كبيرة في مبيعات طائرات بوينج المدنية الكبيرة، فضلا عن عرقلة صادرات طائرات بوينج الكبيرة إلى أسواق الاتحاد الأوروبي وأستراليا والصين وكوريا وسنغافورة. وبموجب قواعد منظمة التجارة، يكون قرار المحكم نهائيا وغير قابل للاستئناف بعد استنفاد استئناف واحد، وقد تم استنفاده فعلا. وستطبق التعريفات الأمريكية على مجموعة من الواردات من دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، مع تطبيق معظم التعريفات على الواردات من فرنسا وألمانيا وإسبانيا وبريطانيا- وهي البلدان الأربعة المسؤولة عن الإعانات غير القانونية. ورغم أن الممثل التجاري الأمريكي لديه السلطة لتطبيق تعريفات بنسبة 100 في المائة على المنتجات المتأثرة، إلا أن الزيادات التعريفية ستقتصر في الوقت الحالي على 10 في المائة يتم فرضها على الطائرات المدنية الكبيرة و25 في المائة على المنتجات الزراعية وغيرها، لكن رغم ذلك، فإن للولايات المتحدة السلطة لزيادة التعريفات في أي وقت، أو تغيير المنتجات المتضررة. وأفاد مصدر في البعثة التجارية الأمريكية في جنيف بأن الممثل التجاري سيقوم باستمرار بإعادة تقييم التعريفات استنادا إلى نتائج المناقشات، التي ستجري مع الاتحاد الأوروبي في غضون الأسابيع المقبلة. وأطلق الممثل التجاري الأمريكي قائمة أخيرة- بعد قائمة أولية أصدرها في بداية نيسان (أبريل) الماضي- بمنتجات الاتحاد الأوروبي، التي ستغطيها الرسوم الإضافية. وتقرأ "الاقتصادية" في القائمة "الأخيرة" المكونة من 14 صفحة، منتجات ضخمة تراوح بين طائرات نقل الركاب الجديدة "إيرباص"، وطائرات نقل البضائع غير العسكرية بمختلف أنواعها، والطائرات العمودية غير العسكرية بمختلف أنواعها، والعربات الواطئة الخاصة بخدمة الطائرات، وأجسام الطائرات وأجنحتها، وحاويات للغاز المضغوط أو المسيل، سواء من الحديد أو الصلب، وسبائك النحاس والزنك، والأسلاك المعدنية، وأجهزة اللحام، والدرجات الهوائية والبخارية، وأفران المايكروويف للأغراض الصناعية والمختبرية، وصولا إلى مختلف أنواع المسامير والبراجي، والأسماك، والمنتجات البحرية (الطازجة والمجمدة)، ومختلف أنواع الحليب، والألبان، والزبدة، والأجبان، ومختلف أنواع الفواكه الطازجة، وعصائر الفواكه، والزيتون، وزيت الزيتون، والزيوت بمختلف أنواعها، والشكولاته، والكتب، والكتيبات، والمنشورات والمواد المطبوعة، وغزل القطن، والسجاد، ومواد البناء، وصخور البناء، والمرمر، ومختلف أنواع الملابس، والبطانيات، وأغطية الفرش، وأدوات المطبخ، والنظارات، وساعات الحائط.
مشاركة :