7 أسباب وراء انتشار الدروس الخصوصية

  • 10/5/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق - عبدالحميد غانم: حدّد عددٌ من الخبراء وأولياء الأمور 7 أسباب لانتشار ظاهرة الدروس الخصوصية في جميع المراحل الدراسية، بما فيها الجامعة، يأتي في مقدمتها ضعفُ تأسيس الطالب منذ البداية، فيلجأ للدروس، وعدم مُتابعة أولياء الأمور لأبنائهم بمدارسهم بسبب أعمالهم والاستعاضة عن ذلك بالدروس الخصوصية، والمباهاة والتفاخر بالحصول على دروس خصوصية، والتقليد الأعمى بين الطلاب في الحصول على الدروس دون أن يكونوا بحاجة إليها، وإعلانات المُعلمين الخصوصيين في وسائل الإعلام ومواقع التواصل، بجانب الاعتقاد السائد بين أولياء الأمور بضرورة توفير الدروس الخصوصية لأبنائهم حتى لا يتهموا بالتقصير، وقد يكون هناك سبب أو عامل نفسي في الطالب يدفعه للحصول على دروس. وقال هؤلاء في تصريحات خاصة ل الراية  إن الدروس الخصوصية تحوّلت إلى ظاهرة متأصلة وثقافة سائدة في المجتمع تتطلب وضع ضوابط وآليات واضحة للتعامل معها ومع كثرة إعلانات المدرسين الخصوصيين في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، واضعين عدة حلول لتغيير هذه الثقافة تكمن في تأسيس الطالب منذ بداية التعليم الابتدائي ومتابعة الأب والأم لأبنائهما في مدارسهم والتواصل الدائم مع المدارس والحصول على تقارير أبنائهم الدراسية، والتوعية لتغيير ثقافة المُجتمع من الدروس الخصوصية عبر مجالس أولياء الأمور بالمدارس ومُناقشة القضية، وعمل استبيان وتوزيعه عليهم لمعرفة النسبة التي تحصل على دروس وأسباب ذلك. ومن بين الحلول أيضًا استخدام طرق تدريس حديثة وسهلة ومحببة للطالب تصل إلى عقله وتجعله يستوعب دروسه وتراعي التطوّر من حولنا، وعدم تعويد الطالب على الاتّكالية، وإقامة أنشطة علمية وفنية ورياضية، ومراعاة الفروق الفردية بين الطلاب حتى نعود كما كنا في السابق ليكون التعليم قائمًا على المُتعلم وليس المعلم، بجانب تحسين الوضع المادي للمعلم حتى لا يضطر أمام ضغط الحاجة والعوز إلى الدروس الخصوصية، مع تحديد راتب المعلم بمدارس التعليم الخاص أسوة بالمدارس الحكوميّة.   عبدالله العبدالجبار: دروس خاصة في الكوفي شوب   يؤكّد عبدالله العبدالجبار، أن الدروس الخصوصية تحوّلت إلى ثقافة مجتمع، فلا يوجد بيتٌ إلا وبه دروس خصوصية، وهذا يرجع إلى انشغال أولياء الأمور في أعمالهم عن مُتابعة أبنائهم ليقوم مدرس الدرس الخصوصي بهذا الدور. وقال: من المُلاحظ نشر إعلانات المدرسين الخصوصين في الصحف بشكل يومي بأسعار تتراوح ما بين 250 و300 ريال للساعة الواحدة، وهذا أمر يتطلب وضع ضوابط له لصون كرامة المدرس وحفاظًا على هيبته وقدره واحترامه في المجتمع، ووزارة التعليم والتعليم العالي عليها دور في وضع الآلية التي تراها مناسبة للحدّ من هذه الظاهرة المُنتشرة في هذه الأيام بشكل ملحوظ. ويضيف: الأمر أيضًا يتطلب وضع آلية من الوزارة لتسجيل المدرسين الخصوصين والتأكّد من أن المتقدّم يعمل مدرسًا ولا يمتهن مهنة أخرى، وفي حالة التأكّد من ذلك يمنح بطاقة تفيد بنوع التخصص والمادة التي يدرسها وتحديد سعر الساعة، خاصة أننا كأولياء أمور لاحظنا أن بعض المدرسين يقومون بتدريس جميع المواد، وتحميل قيمة مواصلاته على الطالب! وتابع: الأغرب الآن في الأمر في حالة عدم رغبة المدرس التدريس في المنازل يطلب من الطلاب حجزًا في كوفي شوب لإعطائهم الدروس الخصوصي، وهذا يتنافى مع طبيعة مجتمعنا وقيمة التعليم خاصة إذا كان الطلاب بنات وليس أولادًا. ويواصل: الدرس الخصوصي تحول إلى وسيلة للكسب السريع على حساب جودة التعليم، خاصة أن مدرسين يطلبون من الطلاب في حالة تكوين مجموعة من 8 طلاب مثلًا احتساب المبلغ على كل طالب، وليس على المجموعة ككل.   راشد العودة: الدروس الخصوصية أصبحت ظاهرة مزمنة   يقول راشد العودة، استشاريّ تعليم بوزارة التعليم والتعليم العالي: الدروس الخصوصيّة قضية قديمة متجدّدة وأصبحت ظاهرة مزمنة فلا يخلو بيت من الاستعانة بمدرسين خصوصيين. ويضيف: سواء اتفقنا أو اختلفنا حول مشروعية الدروس الخصوصية لكنْ هناك أسبابٌ حولت الدروس الخصوصية في نهاية المطاف إلى ثقافة مُجتمع تبدأ بوجود خلل وضعف في تأسيس الطالب منذ بداية المرحلة الابتدائية تظهر آثاره عندما ينتقل الطالب إلى الصف الخامس الابتدائي، وما يليه من إعدادي وثانوي، والسبب الثاني هو منح الطلاب الكثير من الدروس على حساب المضمون والفكر والتطبيقات، وهذا دفع أولياء الأمور إلى الاستعانة بالدروس الخصوصية للقيام بهذه الواجبات، خاصة أنه للاسف دور الدروس الخصوصية هنا أصبح فقط القيام بحلّ واجبات الطالب، ويتحمّل عبء أولياء الأمور في متابعة أبنائهم. ويواصل بالقول: أيضًا من الأسباب التي تدفع إلى الدروس الخصوصية وحولتها إلى ثقافة مجتمع تراكم الواجبات وتقصير بعض المعلمين والأنشطة، فالمعلم مطالب بالتحضير والإعداد في البيت والتحضير الإلكتروني مع متابعة الدروس ثم إرسالها للمنسق، وهذا شكل عبئًا لدى المعلم جعلته لا يستطيع مُتابعة الواجبات المنزلية للطالب، ليتأكّد أن الطالب قام بحلها، وبالتالي نسبة كبيرة من الطلاب يعانون ضعف التأسيس فلجأوا إلى الدروس الخصوصية، أضف إلى ذلك أن الطالب مُطالب بالتفوق في الرياضيات والإنجليزيّ والفيزياء والكيمياء. ولفت العودة إلى وجود أشخاص يعطون دروسًا خصوصية قد يكونون ليسوا مدرسين بالأساس رغبة من الأهل في إنجاز أبنائهم الواجبات المدرسية في وقتها، وهذا وغيره من الأسباب يزيد من تفاقم هذه الظاهرة وتأصيلها حتى أضحت ثقافة مجتمع. وقال: قد نجد عذرًا للطلاب وأولياء الأمور في الدروس الخصوصية لتحسين المعدل، عدا ذلك أصبح هناك عملية اسمها »تسليع» التعليم الذي تحوّل إلى سلعة، وبالتالي يجب أن نعيد النظر في مرحلة التأسيس الأولى للطالب ومساعدة المعلم ورفع العبء عنه، كذلك ينبغي على أولياء الأمور أن يكونوا أكثر حرصًا على متابعة أبنائهم وتشجيعهم وتحفيزهم على عدم اللجوء للدروس الخصوصية، والاعتماد على النفس، وعلى المدرسة.   يوسف المطوع: انشغال الوالدين أحد الأسباب   اعتبر يوسف المطوع، أن ظروف العمل للأب والأم وتأخرهما في الدوام حتى الساعة الثالثة عصرًا دفعتهما إلى طريق الدروس الخصوصية لأبنائهما، وهذا أحد الأسباب التي أدّت إلى انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية في المُجتمع. وقال: نعم لدينا أبناء يحصلون على دروس خصوصية في مواد مثل الرياضيات والفيزياء بحثًا عن التفوّق، وإن كنت أرى أن هناك نوعًا من التقصير من أولياء الأمور في متابعة أبنائهم، نظرًا - كما ذكرنا- لظروف عملهم ووصول منازلهم الثالثة عصرًا، والابن يصل أيضًا في هذا التوقيت، وبعدها تنطلق الدروس. ويضيف: بكل أمانة وزارة التعليم والتعليم العالي لم تقصر ودشّنت مجموعات تقوية عالية المستوى في المدارس للطلاب وبأسعار رمزية، والقرار هنا بيد الأب والأم، خاصة أنه من وجهة نظري مجموعات التقوية مفيدة جدًا للطالب، وأفضل عشرات المرات من الدروس الخصوصية التي لا يستفيد منها الطالب. وتابع: أسعار الدروس الخصوصية متفاوتة، فهي تبدأ من 150 إلى 300 ريال للساعة الواحدة، وفي غالب الأحوال المسألة تعود إلى اتّفاق ولي الأمر مع المدرس على السعر.   د. لطيفة المغيصيب: أولياء أمور لا يتابعون المستوى الأكاديمي   اعتبرت د. لطيفة المغيصيب، عضو هيئة التدريس بكلية التربية جامعة قطر أن هناك أكثر من عامل أو سبب جعل الدروس الخصوصية جزءًا من ثقافة المجتمع، منها إعلانات المدرسين الخصوصيين في وسائل الإعلام ومواقع التواصل، ومنها المباهاة والتفاخر، أيضًا التقليد الأعمى؛ بمعنى أن طالبًا أو طالبة يأخذ درسًا خصوصيًا يقوم آخر أو أخرى بالتقليد في الحصول على الدروس الخصوصية، وربما لا يكون بحاجة إليها، بجانب الاعتقاد السائد بين أولياء الأمور بتوفير الدروس الخصوصية لأبنائهم حتى لا يتّهموا بالتقصير، وقد يكون هناك سبب أو عامل نفسي في الطالب نفسه. وتقول: وزارة التعليم لا تقوم بتعيين مدرس إلا إذا كان صاحب كفاءة عالية ولديه الخبرة المطلوبة والمعرفة والقدرة على الابتكار، بجانب تطوير المدرس عبر مراكز التدريب والتطوير بالوزارة، أوترسله إلى مركز التطوير بجامعة قطر بهدف تطويره، ونحن نقوم بعمل الورش التدريبية لهم حسب معايير وشروط الوزارة، وبالتالي على أولياء الأمور معرفة كل هذه الأشياء لتغيير ثقافتهم من ناحية الدروس الخصوصية. وتضيف: قد يقول ولي أمر إن المعلم لم يستطع توصيل المعلومة لابني، وهذا حقه لكن في نفس الوقت هو لا يعلم أن ذات المعلم إذا شعر بأن الطالب يحتاج إلى دعم في بعض المواد فهو يقوم بذلك كخدمة مجانية، بجانب وجود مجموعات التقوية التي توفرها الوزارة بسعر رمزي للغاية، لكن للأسف أولياء الأمور لا يتابعون أبناءهم ويريحون أنفسهم ويأتون له بمدرس خصوصي، ولذلك تحولت الدروس الخصوصية إلى ثقافة منتشرة في المجتمع، ومن هنا ينبغي على أولياء الأمور معرفة أين القصور. ولفتت د.المغيصيب، إلى الإعلانات العشوائية للمدرسين الخصوصيين في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وعلى جدران المدارس، مطالبة بمنعها أو تنظيمها وتقنينها، لمعرفة هل هؤلاء مدرسون بالفعل أم لا، من أجل مستقبل أولادنا، خاصة بعد أن وصل الحال بمن يعلنون إلى طلب وظيفة في عنوان الإعلان، وفي المتن مدرس عربي أو إنجليزي أو رياضيات وهكذا. وقالت إن العلاج للدروس الخصوصية يتطلب تغيير ثقافة المجتمع من الدروس الخصوصية بالتوعية وعبر مجالس أولياء الأمور بالمدارس ومُناقشة القضية معهم وعمل استبيان وتوزيعه عليهم لمعرفة النسبة التي تحصل على دروس، وأسباب ذلك، وهل هناك خلل من الناحية الأسرية أم المناهج صعبة على الطالب، هذا كله لمعرفة الأسباب الحقيقيّة.   ناصر السويدي: طلاب يحصلون على دروس بست مواد   يقول المهندس ناصر السويدى: ابنتي نجحت بتفوق وكانت من العشرة الأوائل في الثانوية العامة العام الماضي، ولم تحصل على دروس خصوصية على الإطلاق، وبالتالى لا تجد طالبًا متفوقًا يحصل على دروس خصوصية، لأن تأسيسه الدراسي من البداية سليم وصحيح، وعدم التأسيس الصحيح من المرحلة الابتدائية إشكالية كبيرة، وهذا هو مربط الفرس الذي أدّى إلى انتشار وتفشي ظاهرة الدروس الخصوصية، وحوّلها إلى ثقافة متأصلة في مُجتمعنا. ويضيف: تأسيس الطالب منذ البداية لن يجعله بحاجة إلى دروس خصوصية في المستقبل، وللأسف الدروس الخصوصية تفشّت بسبب إهمال الطالب واجباته المدرسية، وأصبح لدى الطالب وولي الأمر اعتقادٌ بأن مدرس الفصل لا يقوم بواجباته في الشرح داخل الفصل، لذلك نلجأ للدروس الخصوصية، وهذا بالمناسبة اعتقاد خاطئ، والصواب أن ولي الأمر يلقي بالعبء على الدروس الخصوصية للتغطية على تقصيره تجاه متابعة ابنه. وتابع: نحن الآن نرى طلابًا يحصلون على دروس خصوصية في 6 مواد نجد مدرسًا داخلًا وآخر خارجًا من بعد الساعة الثانية وحتى العاشرة مساء، ووصل الأمر الآن بطلاب يحصلون على دروس في الشرعية واللغة العربية، وهناك طلاب آخرون يتفاخرون بأنهم يحصلون على دروس خصوصية، وتحوّلت هذه الدروس إلى مدعاة للفخر بين الطلاب، وهذه إشكالية كُبرى.   د.صالح الإبراهيم: الأسرة هي المسؤول الأول   يقول د. صالح الإبراهيم، مدير مدرسة الدوحة الحديثة الثانوية للبنين: اللوم بالدرجة الأولى يقع على عاتق الأسرة التي ينبغي تغيير ثقافتها فيما يتعلّق بالدروس الخصوصية التي أصبحت جزءًا من نظام الحياة في قطر. ويضيف: هذه الثقافة هي ثقافة الواقع والاستهلاك، فمثلًا لدينا أفضل المُستشفيات ونتركها ونذهب للخاصة، لدينا أفضل المدارس نتركها ونذهب للدروس الخصوصية، لدينا أفضل مجموعات للتقوية بالمدارس نتركها ونذهب للدروس الخصوصية، وكأنها مسألة تفاخر من أولياء الأمور، وأبنائهم بالحصول على دروس خصوصية، وهذا يتحمله أولياء الأمور في المقام الأول الذين لا يريدون إرهاق أنفسهم في متابعة أبنائهم فلا يطلبون تقارير أبنائهم من المدرسة. ويواصل: أنا هنا لا ألوم المدرس بقدر لومي لولي الأمر الذي أصبحت لديه ثقافة الدروس الخصوصية، خاصة أن وزارة التعليم والتعليم العالي قامت خلال السنوات الماضية بتوفير أفضل وأكفأ المدرسين المتميزين بالمدارس الحكومية وبعضهم يحمل شهادة الماجستير والدكتوراه، بجانب أن المدارس الحكومية أيضًا لديها مجموعات تقوية صباحية ومسائية بأجر رمزي جدًا.   د.أحمد الساعي: مطلوب آلية واضحة لتنظيم الدروس الخصوصية   يقول د. أحمد الساعي «الخبير التربوي»: الدروس الخصوصية ظاهرة متأصلة وثقافة سائدة في المجتمع لها أبعادٌ مختلفة مثل البعد المادي والتفاخر، وهذا أمر يتعلق ربما بالمدارس الخاصة لكن ليست هذه هي القضية، وإنما القضية في ولي الأمر والطالب والمدرسة، فالطالب وولي الأمر يلجآن للدروس الخصوصية، فقد يكون الطالب لم يفهم من شرح مدرس المادة بالمدرسة، وقد يكون التقصير من الطالب في فهم المادة، وقد يكون الطالب لديه مشكلة في القدرة على الاستيعاب. ودعا إلى وضع ضوابط تبدأ بتحديد راتب المدرس في التعليم الخاص، لأن رواتبهم ضعيفة، بالمقارنة بالتعليم الحكومي، وهو ما يدفعهم للدروس الخصوصية، وقد لا يكون المدرس غير مؤهل لإعطاء الدروس الخصوصية، وهذا يقلل من شأن المعلم ومكانته الاجتماعية عندما يلفّ من بيت لآخر، لذلك مطلون تحسين الوضع المادي لمعلمي المدارس الخاصة، ووضع قواعد تنظم ذلك من قبل وزارة التعليم لصون كرامة المدرس، والحفاظ على مكانته الاجتماعية.

مشاركة :