كتب - مصطفى عدي: طالب عددٌ من أولياء الأمور والتربويين بضرورة العمل على وضع آلية رقابية صارمة تحدّ من انتشار الدروس الخصوصية التي باتت تستنزف ميزانية الأسرة، خاصّة خلال الفترات التي تسبق الاختبارات الفصلية واختبارات منتصف ونهاية العام الدراسي. وقالوا، في تصريحات لـ الراية، إن هناك عدة أسباب وراء انتشار هذه الظاهرة، بينها غياب الطلبة عن المدرسة خلال المراجعات وإهمال استذكار الدروس طيلة العام وصعوبة بعض المواد الدراسية وكثافة المنهج وتشجيع بعض المعلمين للدروس الخصوصية، فضلاً عن المعاملة الطيبة التي يلقاها الطلاب من قبل المدرسين الخصوصيين وحرص الكثير من أولياء الأمور على تحسين مستوى أبنائهم الدراسي، بالإضافة إلى تقصير بعض المعلمين في توصيل المعلومة للطالب وتشجيع بعضهم للدروس الخصوصية. وشدّد عددٌ من التربويين على ضرورة عدم الانسياق وراء إعلانات الدروس الخصوصية، موضحين أن مجموعات التقوية المجانية الموجودة داخل المدارس والتي تسبق الاختبارات وكذلك حصص الدعم الإضافي كفيلة بتزويد الطالب الضعيف والمتوسط بالكثير من المعارف وتحسين مستواه، وتجعله على دراية كاملة بالمواد الدراسية التي يعاني من بعض الضعف بها دون وجود أي نوع من أنواع الاستغلال لميزانيات العائلات.. مُشيرين إلى أن الدروس الخصوصيّة تهدر الكثير من الوقت والجهد دون وجود أي فائدة تعود على الطلبة. أسامة الطعاني:طلبة الثانوية الأكثر طلباً للدروس الخصوصية قال الدكتور أسامة الطعاني منسق مادة العلوم الشرعية في مدرسة السيلية الثانوية إن أغلب طلبة الثانوية العامة وبالتحديد طلبة الثاني عشر يعتمدون اعتماداً كلياً على الدروس الخصوصية أثناء فترة الأيام الدراسية، وأيضاً قبل ليالي الاختبارات، ما يجعل المدرسين الخصوصيين يرفعون أسعارهم إلى الضعف في هذه الفترة، ويسبب هذا الأمر إرهاقاً في ميزانية أولياء الأمور، وأيضاً يسبب التشتت الذهني للطالب. وأضاف: يجب التعاون والتكاتف بين المدرسة والأسرة والطالب، للتصدي لظاهرة الدروس الخصوصية، كما يجب أن يتم محاربتها من مسؤولي التعليم والأسرة وكافة الجهات بالدولة، خاصة بعد انتشارها في الآونة الأخيرة ومع بدء الموسم الدراسي الجديد، لافتاً إلى أن بعض المدرسين يعلنون عن أنفسهم واستعدادهم لمنح دروس خاصة في مواد الكيمياء والأحياء واللغات الأجنبية والرياضيات، وأغلبهم لا يهتمون بمستوى الطالب أو تحصيله المعرفي بقدر ما يهتمون بالربح المادي، والرسوم التي يتلقونها من الطالب عقب هذه الدروس. وأكّد أن دور المدرسة يكمن في تخصيص مجموعات التقوية، بحيث يجب أن يعطيها مدرسو الفصل، وهذا من شأنه خلق عملية تفاعل مباشر بين الطالب والمنهج، فضلاً عن أهمية حصص التقوية في كسر الحاجز بين الطالب والمدرس، خاصة أن الطالب يحضرها بناءً على رغبته في الفهم والتعلم، موضحاً أنه يجب على المعلم توجيه الطالب وإرشاده بأنه بحاجة لمزيد من حصص التقوية، وذلك من خلال نتائج تحليل الاختبارات الدورية التي يقيمها المدرس أو من خلال بعض الأسئلة في نهاية الحصة لمتابعة مدى فهم الطالب واستيعابه، ومدى احتياجه لدروس التقوية. وتابع: إنه يجب على المعلم والأسرة معرفة أن المشكلة الأساسيّة للطلاب في سنّ المراهقة عند البعض هي تقليد لبعضهم البعض بدون هدف، فالطالب قد يلجأ إلى الدروس الخصوصية تقليداً لزميله، وليس بغرض التعلم أو الفهم، والموضوع لا يخرج عن كونه نوعاً من الوجاهة الاجتماعيّة.محمد المري:زيادة الحصص الإثرائيّة في المدارس قال محمد المري إن بعض الطلبة يقبلون على الدروس الخصوصية كونهم يعتبرونها الطريق الأقرب إلى النجاح، كما أنّها توفر الجهد على ولي أمر الطالب، وهذا غير صحيح لأن العملية التعليمية تمرّ بمراحل استيعاب وفهم لا تتأتى بدرس أو اثنين، كما أن جهد أولياء الأمور سيتضاعف وسيفوتهم الكثير في مرحلة متأخرة، وأن مستوى المدرّس وكفاءته واطلاعه على المنهج يلعبان الدور الأساسي في تلافي قصور الطالب. وأضاف إن تقييم الطالب وزيادة وسائل الشرح وتبسيطها باتت بمتناول المدارس كلها، وأن الدراسة المنزلية أساسها مراجعة ما تمّ استيعابه في المدرسة وليست إعادة شرحه من قبل مدرسين خصوصيين، لافتاً إلى أن اعتماد الطلبة على المدرس الخصوصي يضعف من قدراته عاماً بعد عام، مؤكداً أن تلافي القصور في المرحلة الابتدائية يكون بمتابعة الطالب عبر الدروس الإثرائية وفي المنزل من قبل ولي أمره، ولكن إذا اعتمد على المدرس الخصوصي فسيلمس التراجع في مستواه في الإعدادي والثانوي بعد فوات الأوان، ويصبح من الصعب عليه تطوير مستواه في التحصيل الجامعي، و الأفضل اللجوء إلى المدرسة التي فتحت الباب أمام الجميع لمعرفة مستوى تحصيل أبنائهم والوقوف عليه وإبداء النصائح ودعمهم بالإثراء المسائي، وليس عبر اللجوء لسوق المدرسين الخصوصيين. ولفت إلى ضرورة زيادة الدروس الإثرائية بالمدارس لتغطي كافة احتياجات الطلاب، ومتابعة أداء معلميها بشكل منتظم، وتقليل عدد الطلاب داخل الصف في الحصة الإثرائية، وأن هناك بعض الطلاب الذين يعزفون عن الالتحاق بالدروس الإثرائية بسبب كثرة عدد الطلاب، وهو ما يؤثر على تحصيلهم الدراسي.عيسى المضاحكة:استقطاب كوادر تعليميّة تمتلك الخبرة أكّد عيسى المضاحكة أن الطالب يلجأ للدروس الخصوصية بسبب قلة الشرح الكافي والاستيعاب الجيد للمنهج داخل الفصل، فضلاً عن تواجد عدد كبير من الطلاب داخل الفصل الواحد، وقد يصل إلى 30 طالباً، فضلاً عن أن المعلم في كثير من الأحيان لا يهتم بجميع الطلاب بنفس الدرجة أو أن أسلوبه داخل الفصل لا يشجّع الطالب على طلب المساعدة منه، وبالتالي يلجأ الطالب للدروس الخصوصية والتي يجد فيها الفهم والعناية المطلوبة. وأوضح أنه يجب على المدارس استقطاب كوادر تعليمية تتمتع بالخبرة واختيار المعلمين ذوي الشخصية القوية، الذين يستطيعون السيطرة على الطلاب وتوصيل المعلومة لهم بشكل جيّد، ويجب على إدارة المدرسة عدم الاستهتار بآراء ومقترحات الطلاب، إضافة إلى أهمية وضع قوانين صارمة وتشديد العقوبات على المدرسين المخالفين. وطالب مسؤولي التعليم بضرورة إرسال مفتّشين لمراقبة المدرس داخل الفصل، ومعرفة سلوكه ووسائله في التعامل مع الطلاب، فضلاً عن أن هذه المُراقبة سوف تحفّز جميع المعلمين على توصيل المعلومة وشرح المنهج وإعادة الشرح أكثر من مرة، حتى يتمكّن جميع الطلاب من الفهم الجيّد والاستيعاب. وأضاف إنّه يجب معرفة الأسباب الحقيقية التي تدفع الأسرة أو العائلة إلى إعطاء أبنائها الدروس الخصوصيّة، وبعد ذلك يتمّ وضع الحلول المُناسبة والمُقترحات اللازمة من أجل القضاء نهائيّاً على تلك الظاهرة.مهند العدوي:إدارة المدرسة تتحمّل المسؤولية قال مهند العدوي « تربوي « إن الدروس الخصوصية ظاهرة اجتماعية عالمية وإحدى المشكلات التي يعاني منها نظامنا التربوي والتعليمي في وطننا العربي عامة والقطري خاصة، ورغم خطورة هذه الظاهرة وآثارها السلبية إلا أنها ما زالت في تزايد مستمرّ، وتتحمل إدارة المدرسة والمدرسون والطلاب وأولياء الأمور مسؤولية ذلك. وحدّد مجموعة من الدوافع والأسباب وراء انتشار الدروس الخصوصية، أولاً: رغبة الطلبة في تحسين مستواهم العلمي والمعاملة الجيدة للطالب في حصص الدروس الخصوصية، وغياب الطلبة عن المدرسة في فترة المراجعات وإهمال الطلبة لدروسهم طوال الفصل الدراسي وصعوبة بعض المواد الدراسية وكثافة المنهج والكثافة الطلابية العالية داخل الفصل ما يؤدّي إلى عدم مراعاة الفروق الفردية بين الطلبة بسبب ضيق الوقت، كما أن لتقصير بعض المعلمين في إيصال المعلومة العلمية للطلبة أثناء الحصة وتشجيعهم للدروس الخصوصية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أثراً كبيراً في ذلك. وأضاف: كما أن لهذه الدروس أثراً سلبياً على الطالب، حيث تقلل من اعتماد الطالب على نفسه وتضعف علاقته بالمعلم والمدرسة ويصبح اتكالياً مهملاً وغير مهتمّ بالشرح داخل الصف ما يجعله مصدراً للفوضى والشغب. أما بالنسبة لأثرها السلبي على المعلم فهي تضعف إنتاجية المعلم في المدرسة نتيجة الإرهاق كما تؤثّر على شخصية المدرس ومكانته أمام الطلبة.
مشاركة :