نافذة الكتابة / أين قيم التربية يا معلمون؟! | ثقافة

  • 5/5/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لا ينتبه بعض المعلمين إلى الطريقة التي يتحدثون بها إلى الطلبة، إذ لا يكفون عن نعتهم بالفاشلين أو الأغبياء أو حتى البهائم، فيصبح الطلبة بعد فترة مشبعين بهذه الأوصاف التي خزنتها عقولهم في الباطن وامتصتها كياناتهم، فإذا بهم نماذج حقيقية تمثل العجز والفشل والغباء. فقد حدثتني إحدى الأمهات عن معلمة يفترض بها أن تكون نموذجاً في التربية والأخلاق ورمزاً للحنان والتهذيب تصف طالبات الفصل بصفات على هذه الشاكلة. يجب أن نعرف كمربين أن للكلمة قوة وفعالية في شخصية الأبناء سواء بالسلب أو الإيجاب، فبالكلمة نلهمهم الحماس والطاقة والقوة والنشاط، وبالكلمة ندمرهم ونحبطهم فنلقيهم في الحضيض، وبالكلمة تشعل شرارة العظمة في الإنسان وتفجر طاقاته المخبوءة وتوقظ عملاقه الكامن، وبالكلمة تهزم إرادته وتسلب شخصيته، خصوصاً إذا كان المربي معلماً يحمل أعظم رسالة على وجه الأرض، فكم من معلم زرع في نفس طالب الخوف والشعور بالنقص وعدم الثقة، فكبر الطالب وهو يتشكك في قدراته وشخصيته وأثر في مستقبله وتحصيله العلمي وجعله يرى نفسه بالمنظور السلبي لأن معلمه شرخ في داخله الثقة بذاته، أو سخر منه أمام الطلبة. وفي حادثه أخرى أسرت لي أم عن ابنها المتفوق والمهذب كيف استهزأ به معلم التربية الإسلامية وصرخ في وجهه قائلاً: «هل أنت حمار؟!» وذهبت الأم شاكية إلى مدير المدرسة لأنها استقرأت في وجه ابنها الحزن والصمت وبعد محاولات حثيثة في استدراجه فجر صمته وأظهر خبيئة جرحه، فالموقف المذل جرح كبرياءه ومن من؟ من مدرس التربية الإسلامية المربي الذي يفترض به أن يزرع القيم الإسلامية في نفوس الطلبة! يجب على المعلمين أن يفكروا بالمزايا والحسنات المخبأة في نفوس الطلبة وأرواحهم ليكونوا مربين صالحين، فبدلاً من الاكتفاء بنقدهم أو ضربهم أو حتى تجريحهم عليهم أن يركزوا على الصفات الطيبة التي تسكن هؤلاء الطلبة، وأن يعملوا على تغذيتها وتنميتها بالتشجيع والإطراء والمديح، فهكذا يبدع الأولاد، وان يضعوا في عقولهم الباطنية كل الصفات والعناصر الثمينة التي ستحميهم من الأخطار والمخاطر الكثيرة التي ستواجههم بعد سنوات، وليوقدوا في أرواحهم شرارة النور الإلهي التي ستهديهم إلى أفضل مستقبل. فالمعلم ينبغي أن يكون كاملاً مثالياً أمام الطلبة، فهو القدوة والكمال الحي أمامهم. فانتبه أيها المعلم.. لا تضرب ولداً أبداً وأنت غاضب، وإلا تركت في ذاكرته انطباعاً مبنياً على الكره والشر عوضاً عن العدل، وانتبه لنظرتك وأسلوبك فلا ينبغي أن تنم عن غضب وعداء أو أي شعور سلبي، لأن الولد ينسى الصفعة أو الضربة لكن لن ينسى النظرة الساخطة أو المزدرية أو التي شفت عن احتقار وكره. فالعصبية ليست شعوراً تربوياً وأسلوباً بناء، والعقاب الذي يؤتي ثمره هو القائم على العدل، وتلك هي الرسالة التي يفترض أن يستوعبها الطالب والمبنية على قواعد وقيم عليه احترامها والالتزام بها لأن فيها مصلحة ومنفعة خاصة له. * أديبة روائية كويتية www.khawlaalqazwini.com

مشاركة :