العزوف عن الزواج

  • 10/6/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

قبل حوالي شهرين زوجت ابني جابر بعد أن زوجت ابني البكر ياسر قبلها بسنوات وبعدها ابني عامر ورأينا أولادهما وبناتهما وفرحنا بهم، فليس أعزّ من الولد - كما يقول المثل الشعبي – إلاّ وِلد الولد. لكن المصيبة عندنا وعند الكثير من المجتمعات المجاورة أن تكاليف الزواج أصبحت باهظة حتى أن معظم الشباب يعزفون عن الزواج ويديرون ظهرهم له، فالمهر والشبكة في أقل الأحوال لا تقل اليوم عن خمسة آلاف دينار، وحفلة الزواج في أحد الفنادق المعروفة لا تقل كذلك عن مثل المبلغ السابق، وتكاليف سفرة شهر العسل تحتاج لمبلغ كبير.. فإذا أضفنا إلى ذلك مصاريف تأثيث بيت أو شقة الزوجية فإن الزوج «يلعن سلسفيل أجداده» ويظل طوال عمره يتحسر على حياة العزوبية والفرفشة والراحة ويلعن اليوم الذي فكر فيه في الزواج. لقد عقدّت الحياة العصرية أمور الزواج وتكاليفه ومصاريفه بعد أن كان الزواج في الأزمان التي سبقتنا لا يكلف أكثر من ربعة حلوى وربعة رهش توزع على المعازيم، وفرقة «الخضارية» تصدح طوال الليل، أما برستي «الفرشة» فتوضع فيه المناظر في جميع حواشيه ويعطر بالمشموم والزعفران، وفي زاوية منه سرير متواضع من الخشب للعروسين الجديدين.. بساطة.. ما بعدها بساطة.. وربما إذا كان الزوج ميسورًا أوْلَمَ للمباركين وأهل الفريج وليمة من الأرز واللحم في اليوم التالي. والزواج سنة الله في خلقه، وهي سنة الأنبياء والمرسلين، ولولاه لشاعت الفاحشة وكثر الزنا والشذوذ الجنسي، ولذلك فإن على الحكومات والشعوب الإسلامية جماعات وأفرادًا أن ييسروه وأن يقللوا من مصاريفه ما استطاعوا حتى لا تعنّس الفتيات وينحرف الفتيان. وفي أحسن الأحوال يضطر الرجل إلى الاستدانة والاقتراض حتى يستطيع تحمل ما يلزمه الزواج من تكاليف، وبالتالي يبدأ الرجل حياته الأسرية وهو مثقل بالديون، الأمر الذي يدفعه إلى النظر إلى زوجته وكأنها عبء عليه من بداية حياته الزوجية.  لكن المؤسف أن هناك في المقابل من يبرر مسألة المهور الغالية وما يطلبه الأهالي كمهر لفتياتهم والتكاليف الأخرى للزواج بأن ذلك يعزز من مكانة الفتاة ويزيد من ثقتها بنفسها بين قريناتها من الفتيات، إضافة إلى أنه يدفع الرجل إلى أن يقدر المرأة ويقدر قيمتها من البداية وفقًا للمهر المرتفع الذي دفعه، وبالتالي الفتاة في نظرهم قيمتها من قيمة المال (المهر) الذي دفعه الشاب الذي تقدم لخطبتها، فقيمة المهر مساوية للطبقة الاجتماعية التي ينتمي لها الأهل، وعندما يسمع الأهالي عن الأزمات الزوجية والمشاكل التي تحصل بين الأزواج والتي تصل في كثير من الأحيان إلى الطلاق أو تخلي الزوج عن الزوجة بشكل ما، يدفعهم هذا الأمر إلى محاولة رفع المهر للفتاة بدعوى حمايتها من مصير مجهول قد يواجهها!!. وعلى الرغم من المستوى المعيشي الجيد في معظم دول الخليج وارتفاع مستوى دخل الفرد هناك بالمقارنة مع باقي الدول العربية، إلا إنه ما زالت المهور مرتفعة وفوق استطاعة الكثيرين من الشباب، هذا عدا عن تكاليف حفل الزفاف وما تفرضه العادات هناك من تكاليف إضافية. وهذا ما دفع الجهات الحكومية السعودية إلى التدخل للحد من ارتفاع المهور وتحديده عند معظم القبائل بـ 50 ألف ريال للبكر، و30 ألف ريال للثيب. وكذلك الأمر أيضًا في الإمارات فقد اضطر الارتفاع الباهظ للمهور الحكومة للتدخل للحد من الارتفاع وتحديد المهور بمبالغ محددة لا تتجاوز 50 ألف درهم، كما حددت الحكومة هناك الحد الأعلى للمبالغ الواجب صرفها على تكاليف الزواج، فقد حددت أيام الاحتفال بألا تزيد عن يوم واحد فقط. فالزواج هو حاجة نفسية وجسدية واجتماعية لكل من الشاب والفتاة، وتأخر سنّ الزواج بالنسبة للطرفين ليس من صالح المجتمع ككل، وبالتالي لابد من تسهيل الأمور والتخلي عن تلك الأفكار والعادات التي لم تعد لائقة لواقعنا ومظاهر حياتنا اليوم، وبالتالي التركيز أكثر على المستقبل المشترك للشاب والفتاة وأعانتهم على البدء بتأسيس حياتهم المشتركة القائمة على الود والألفة وحسن العشرة.

مشاركة :