المحاصصة الطائفية، والفساد، والارتهان للمشروع الإيراني

  • 10/7/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تسارعت الأحداث بشكل دراماتيكي في عراق العروبة بعد دعوة التظاهر في ساحة التحرير بالأول من أكتوبر (2019)، وتعددت التحليلات حول المسيرات الشعبية في مدن وقرى العراق التي لا تزال يرزح تحت الوصاية الإيرانية بعد خروج آخر جندي أمريكي في الثاني عشر من ديسمبر 2012م، إلا أن الأمور لاتزال غامضة في العراق مع تطور الأحداث الأخيرة، علمًا بأن سحب البساط من تحت أقدام العراقيين المتظاهرين ليس بالصعب وذلك لتغلغل الاستخبارات الإيرانية وميلشياتها في مفاصل الدولة، كما حدث في انتفاضة الجنوب في العام 2018م بسبب تردي مستوى الخدمات! لم يكتفِ المتظاهرون بالتجمع في ساحة التحرير لرفع شعاراتهم وأصواتهم، وإنما ساروا إلى المنطقة الخضراء القريبة منهم حيث تتواجد الحكومة والطبقة السياسية والأحزاب، فوقعت الاشتباكات العنيفة والدموية بين المتظاهرين المعارضين للحكومة وقوات الأمن التي استخدمت الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع وخراطيم الماء، مما أدى إلى مقتل وإصابة أكثر من ثلاثمائة شخص، الأمر الذي استدعى الحكومة إلى حظر التجوال وقطع شبكة الإنترنت وحجب مواقع التواصل الاجتماعي. الحراك الشعبي الأخير خرج عن طوق المرجعيات الدينية والأحزاب السياسية الذين فشلوا في احتواء غضب الشارع أو تحقيق أدنى مستوى المعيشة الكريمة كما يعدونهم في برامجهم ومهرجاناتهم، فتلك المظاهرات حراك الشارع العراقي الذي يصرخ من تدني الخدمات وتفشي الفساد والبطالة، وهيمنة الأحزاب الدينية على مفاصل الدولة، والارتهان للمشروع الإيراني التوسعي، والتي (المظاهرات) قد تغري بعض القوى لركب الموجة لتحقيق مكاسب جديدة على حساب المواطن العراقي الفقير. لقد انطلقت المظاهرات بعد الدعوة لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وذلك بمناسبة مرور عام على تقلد رئيس الوزراء (عادل عبدالمهدي) لرئاسة الحكومة العراقية، والتي وصفها مراقبون بأنها الأضعف في تاريخ العراق، فخرج الألوف من المتظاهرين يرددون شعارات التسقيط للحكومة، ومحاربة الفاسدين، ورفع مستوى المعيشة، والتصدي للأحزاب السياسية التي يقودها رجال دين، وسوء الإدارة وعدم معالجة الأزمات مثل الكهرباء والماء والبطالة التي بلغت 25%، وقد رفع المتظاهرون شعارات «باقونا.. سرقونا الحرامية» وهم يقصدون بذلك الأحزاب السياسية والدينية التي تحكم العراق، حيث احتلت العراق المرتبة 12 في لائحة الدول الأكثر فسادًا في العالم. لقد عانى العراق منذ سقوط الرئيس العراقي صدام حسين -رحمه الله- على أيدي قوات المارينز الأمريكية ومليشيات النظام الإيراني في العام 2003م، فقد اختفى من العراق أكثر من 450 مليار دولار من خزينة الدولة العراقية، الأمر الذي أدى لضعف الخدمات المقدمة للشعب، وجعلت حالة من الاستياء الشعبي، فالعراق غني بثرواته الطبيعية، ولكن المستفيدين منها مجموعة صغيرة تعيش في المنطقة الخضراء!! من أكبر المعضلات في العراق أنه بلد أقيم على المحاصصة الطائفية، فعراق العروبة يشهد اصطفافًا طائفيًا (بشعًا) على أعلى المستويات، فقد تم تشكيل الحكومة العراقية على هذا الأساس بعد التحالف بين التيار الصدري وكتلة الفتح التي على إثرها تم تكليف عادل عبدالمهدي بتشكيل الحكومة العراقية، والذي بدوره رضخ للمحاصصة الطائفية لمنصبي وزير الداخلية ووزير الدفاع. الإشكالية الكبرى التي يعاني منها العراق هو التدخل الإيراني السافر في شؤونه، ويكفي تواجد الحشد الشعبي الذي يقوده الإرهابي قاسم سليماني والمدعوم من الحرس الثوري الإيراني ليرى حجم الكارثة التي يعيشها الشعب العربي العراقي، لذا ردد المتظاهرون في بغداد وكركوك وكربلاء وغيرها هتافات ضد النظام الإيراني وتدخلها في شؤون العراق الداخلية ومنها «طهران برا برا.. كربلاء تبقى حرة»، الأمر الذي دفع ببعض المليشيات الموالية للنظام الإيراني لإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين. الغريب في هذه الانتفاضة الشعبية أنها لم ترفع صورة أو راية، فهي لم تنطلق بدعوة من حزب ديني أو سياسي كما جرت العادة في العراق، لذا يذكر مدير مركز التفكير السياسي (إحسان الشمري) أن «الحركة الاحتجاجية تستهدف حاليًا تغيير أسس النظام الذي بنته القوى السياسية بناءً على مصالحها»، والأهم لخروج العراق من دوامة المظاهرات الصراعات هو إبعاد الأحزاب الدينية بكل انتماءاتها من المشهد السياسي، ومقاطعة النظام الإيراني الذي هو سبب كل بلاء يعيش فيه العراق وشعبه العروبي.

مشاركة :