حددت المحكمة الكبرى الجنائية الثانية (الاستئنافية) برئاسة القاضي عبدالله الأشراف وعضوية القاضيين محسن مبروك وأسامة الشاذلي وأمانة سر عبدالله محمد،14 مايو/ ايار 2015 للفصل في استئناف الناشط الحقوقي نبيل رجب والمتهم فيها بإهانة وزارتي الداخلية والدفاع عبر تغريدة كتبها على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي (تويتر). ويأتي استئناف نبيل رجب للحكم الصادر من المحكمة الصغرى الجنائية الثالثة التي قضت بحبسه لمدة 6 أشهر وقدرت كفالة 200 دينار لوقف التنفيذ بقضية إهانة وزارتي الداخلية والدفاع ذاتها. وخلال جلسة يوم امس مثل الناشط رجب الموقوف على ذمة قضية نشر معلومات من شأنها الإضرار بالسلم الأهلي وإهانة هيئة نظامية بالمخالفة للقانون وحضرت معه المحامية جليلة السيد التي ترافعت شفويا وقدمت مذكرة مكتوبة جاء من خلالها بعدة دفوع من بينها الدفع ببطلان إجراءات تحريك الدعوى بشأن جريمة إهانة الجيش، وقالت إن مذكرة النيابة انطوت على إقرار بعدم توافر الضرورة التي تشترطها المادة 10 من قانون انشاء قوة دفاع البحرين لصحة اسناد لأي من صلاحيات القائد العام لغيره. وهذا الاقرار مؤداه أن التكليف الصادر من القائد العام الى مدير القضاء العسكري بتقديم الشكوى الجنائية قد صدر مخالفاً للقانون وخارج حدود صلاحيات القائد العام التي رسمها القانون بما ينفي عن الشكوى أية قيمة ويبطل كل إجراءات الدعوى فيما يتعلق بجريمة إهانة الجيش. أما مقولة النيابة العامة أنه لم تكن هناك حاجة بالأساس لتقديم شكوى من الجيش على اعتبار أن الشكوى المقدمة من وزارة الداخلية بشكل سليم تتعلق بذات الجريمة وبالتالي فإنه لا حاجة للشكوى من قبل الجيش بشأن ذات الجريمة التي تعتبر معروضة بشكل صحيح على المحكمة. والحال أن هذا القول من النيابة قد انطوى على قراءة غير صحيحة لنص المادة 216 من قانون العقوبات والتي تناولت بالنص وبشكل منفصل «الهيئات النظامية» والتي تندرج تحتها وزارة الداخلية من جهة ، و»الجيش» من جهة أخرى الذي ذُكر بالنص في تلك المادة. ومن ثم فإن تقديم الشكوى عن جريمة إهانة هيئة نظامية لا ينسحب اثره الى باقي الجهات المذكورة في تلك المادة ومن ضمنها الجيش. وعليه، فإنه يلزم تقديم الشكوى من كل جهة على حدة وأن تكون الشكوى مقدمة من الممثل القانوني لتلك الجهة وإلا لكون تعداد الجهات المختلفة المعنية بتلك المادة عبث ننزه المشرع عنه. وقد كانت هذه القراءة السليمة للمادة محل تسليم النيابة العامة بدليل أنها تقدمت بتكليف القائد العام في مرحلة المحاكمة أمام محكمة أول درجة وما كانت لتتقدم بذلك المستند لو أنه لم يكن ثمة داعٍ لتقديم شكوى من الجيش في الأساس. كما دفعت بنفي توافر أركان الجريمة، وأفادت السيد في انتفاء الركن المادي لقد بُني دفاع المستأنف منذ البداية على اساس عدم توافر ركن الجريمة المادي وذلك نظرا لعدم تسمية وزارة الداخلية او الجيش في تغريدات المستأنف. وبالتالي فإنه لا محل لمقولة إهانته جهة لم يذكرها او يحددها في تغريداته، وخاصة ان تعبير «المؤسسات الامنية» لا ينطبق حصرا على وزارة الداخلية لوجود جهات امنية رسمية اخرى ينطبق عليها وصف الجهات الامنية مثل «جهاز الامن الوطني». وكذلك الحال بالنسبة لتعبير «المؤسسات العسكرية» الذي لا يقتصر على الجيش فحسب. وفي هذا الصدد، تزعم النيابة العامة بوجود ما أسمته مرة بأنه «عُرف اجتماعي وثقافي» في البحرين، و مرة بأنه «موروث ثقافي شعبي» تعتبر بموجبه الاشارة الى المؤسسات العسكرية مقصورة على الاشارة الى الجيش فقط، كما تعتبر بموجبه الاشارة الى المؤسسات الأمنية مقصورة على الاشارة لوزارة الداخلية فقط. وذكرت ان الدفاع بداية يشير الى أن الموروث الثقافي المزعوم بفرض أن الحديث عن الموروث الثقافي الشعبي أمر له علاقة بالدعوى الماثلة، فإن العرف الذي تزعمه النيابة والموروث الثقافي الشعبي الذي تدعيه لا يمكن تصوره أو الادعاء بصحته في ضوء وجود نص مخالف له في دستور مملكة البحرين ونشير هنا بالتحديد الى المادة 30/ب من الدستور والتي تنص على أن «الدولة هي وحدها التي تنشئ قوة الدفاع والحرس الوطني والأمن العام». وفي انتفاء الركن المعنوي لفتت السيد الى تمسك الدفاع بأنه بناء على الرخصة المقررة للمستأنف بالذات في الحكم القضائي النهائي الصادر ببراءته في الحكم الصادر بالاستئناف رقم 1643/2012 المقام عن الدعوى رقم 4705/2012 التي شُكلت من قبل ضده بناء على شكوى مماثلة لوزارة الداخلية فإن ممارسته لحق النقد أمر مباح ولما كان ذلك وكانت الواقعة محل التغريدة تستند الى وقائع قائمة في شأن انضمام منتسب أو منتسبين سابقين في المؤسسات الأمنية أو العسكرية الى تنظيم داعش الارهابي. ولا يحول دون استفادة المستأنف من تلك الرخصة لنفي توافر الركن المعنوي للجريمة مقولة النيابة ـ على غير حق ـ في الصفحة 14 من مذكرتها بأن أحكام المحاكم ليس لها الا عتبار أدبي. فمثل هذه المقولة لا أساس لها في القانون وإلا لانتفت عن الأحكام القضائية دورها كعنوان للحقيقة وأداة للعدالة وشرط لاستقرار الأوضاع وحسم النزاعات بما فيها الدعاوى العمومية التي تقام من النيابة. كما تمسكت السيد بالدفع بعدم دستورية مادة التجريم رقم 216 من قانون العقوبات لذات الاسباب التي اوردها في مذكرته السابقة حيث قصر رد النيابة العامة عن تفنيد اي من اسباب ذلك الدفع أو أدلته وما اسنده به الدفاع من تقارير أممية و حقوقية لمنظمات دولية معتبرة ومستقلة وبالذات لجهة عمومية النص المطعون عليه بعدم الدستورية وإطلاقه دون محددات موضوعية بما يتعارض وحرية التعبير عن الرأي ويمسها في جوهرها ويعطل حق نقد المؤسسات العامة رغم ضرورة ذلك كله لأي مجتمع ديمقراطي بما ينطوي على مخالفة لنص المادة الاول فقرة (د) من الدستور والتي تنص على ان نظام الحكم في مملكة البحرين ديمقراطي. واختتمت السيد مذكرتها بالطلبات المتمثلة بإلغاء الحكم المستأنف ومن ثم القضاء بالتالي: أولاً: المتمثل قبل الفصل في الموضوع: إلغاء القرار الصادر بمنع المستأنِف من السفر وذلك لحين الفصل في الاستئناف الماثل. ثانياً: وفي الموضوع: - أصلياً: القضاء ببراءة المستأنِف من الاتهام المنسوب إليه. - واحتياطياً وقبل الفصل في الموضوع: 1 - وقف السير في الاستئناف لتمكين المستأنف من رفع الدعوى الدستورية بشأن الدفع المبين أعلاه بعدم دستورية المادة (216) من قانون العقوبات لمخالفتها نص المواد (1/د) و(23) و(31) و(121/أ) من الدستور وعلى ضوء المواد (19) و(5/1) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. 2 - ضم تسجيل الفيديو لسؤال المستأنِف ومدته 45 دقيقة في مقر التحقيقات الجنائية بالعدلية بتاريخ 1/10/2014 بمعرفة الملازم أول وتسليم نسخة للدفاع باعتباره دليل نفي لمصلحة المستأنِف. - وعلى سبيل الاحتياط الكلي: وفي حال ارتأت عدالة المحكمة إدانة المستأنِف بما هو منسوب إليه، الاكتفاء بعقوبة الغرامة والنزول بالعقوبة إلى الحد الأدنى المقرر لها، مع الأمر بوقف تنفيذ العقوبة استناداً لنص المادة (81) من قانون العقوبات.
مشاركة :