أصدرت الحكومة العراقية ليل السبت الأحد سلسلة قرارات «هامة» خلال جلسة استثنائية عقدت برئاسة عادل عبد المهدي رداُ على مطالب المشاركين في الإحتجاجات الدامية التي انطلقت قبل خمسة أيام وأسفرت عن مقتل نحو مئة شخص وإصابة آلاف بجروح وفق إحصاءات رسمية. واندلعت حركة احتجاجية غير مسبوقة في بغداد ومحافظات جنوبية عدة، منددة بالأداء الحكومي ومطالبة بمحاكمة الفاسدين ومحاربة البطالة وتقديم الخدمات العامة. وتضمنت القرارات الجديدة 17 فقرة أبرزها تسهيل الحصول على أراض سكنية وبناء وحدات جديدة، إضافة إلى منح 175 ألف دينار (نحو 145 دولاراً) شهرياً للعاطلين عن العمل ولمدة ثلاثة أشهر. كما تضمنت القرارات إنشاء مجمعات تسويقية حديثة في مناطق تجارية في بغداد والمحافظات. وقبل انطلاق التظاهرات، قامت السلطات العراقية بحملات لإزالة التجاوزات السكنية العشوائية التي يسكنها ثلاثة ملايين من الفقراء وسط ظروف قاسية وخالية من الخدمات من دون توفير بديل. وتوفي شاب في مدينة الكوت جنوب بغداد، بعدما أضرم النار بجسده عقب مصادرة عربته، وكانت تلك إحدى الشرارات التي أدت إلى إندلاع التظاهرات في البلاد. وقرر مجلس الوزراء اعتبار ضحايا التظاهرات «شهداء» ومنح عائلاتهم «امتيازات الشهداء». كما فتح باب التطوع للجيش وإعادة الذين فسخت عقودهم بعد اجتياح تنظيم داعش في العام 2014. ووجه مجلس الوزراء بتنفيذ الإجراءات، وقرر مناقشة الحزمة الثانية المتعلقة بالإصلاحات في الجلسة المقبلة. وشهدت التظاهرات التي انطلقت الثلاثاء الماضي أعمال عنف وإطلاق نار وحرق لعدد من مقار الأحزاب السياسية، التي يتهمها المتظاهرون بالوقوف وراء أعمال الفساد في البلاد. وفي المقابل، اتهمت السلطات العراقية «قناصة مجهولين» بإطلاق النار على قوات الأمن والمدنيين. وبالإضافة إلى التظاهرات التي شهدها محيط وزارة النفط ، خرج متظاهرون السبت إلى الشوارع في مدينتي الديوانية والناصرية جنوب العاصمة العراقية. وكان يفترض أن يعقد البرلمان العراقي جلسة ظهر السبت من أجل النظر في مطالب المتظاهرين لكنّها لم تعقد لعدم توفّر النصاب بعد قرار كتلة مقتدى الصدر مقاطعتها. ومساء الجمعة، ألقى رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي كلمة قدّم فيها مقترحات لتوظيف الشباب وتقديم مساعدات اجتماعية جديدة، كما تعهّد أنه في حال عدم الإيفاء بالوعود في أسرع وقت ممكن «سأخلع سترتي، وأنضم إلى المتظاهرين». والسبت سعى الحلبوسي إلى تهدئة المحتجّين بإعلانه خلال مؤتمر صحافي عن قائمة طويلة من الإصلاحات الموعودة تشمل خصوصاً التوظيف والرعاية الاجتماعية، من دون أن يتّضح في الحال ما إذا كانت هذه الوعود ستنجح في استرضائهم. وكان الحلبوسي قد طالب بضرورة وضع «الحيتان الكبيرة» من الفاسدين في السجون. وقال في تصريحات لقناة «العربية» الحلبوسي إنه سيتم النظر في أي تعديل وزاري إذا طلب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ذلك، مشددا على دعم البرلمان لأية إصلاحات حكومية. وصباح السبت أعادت المحال التجارية فتح أبوابها في أحياء عدة من العاصمة. وعاد رواد المقاهي إلى روتينهم اليومي، فيما بدأ عمال النظافة برفع آثار ومخلّفات حرق الإطارات في الشوارع. وكان جلياً ارتفاع أسعار المواد الغذائية والخضروات، وتعرضت قناة الفرات الفضائية العراقية التابعة لتيار الحكمة الوطني بزعامة عمار الحكيم الأحد إلى هجوم صاروخي مجهول. ويعد هذا هو الهجوم الخامس الذي تتعرض له مكاتب قنوات فضائية عاملة في العراق لهجمات جرى خلالها تدمير محتوياتها والإعتداء على العاملين فيها. الدخان يتصاعد من الإطارات المحترقة أثناء تظاهرة في بغداد (أ ف ب)
مشاركة :