أمريكا تتخلى عن «قسد» وتسحب قواتها من شمال شرقي سوريا

  • 10/8/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بدأت الولايات المتحدة بسحب بعض قواتها من شمال شرقي سوريا، أمس الاثنين، في تحول سياسي كبير يمهد الطريق أمام هجوم عسكري تركي على قوات بقيادة الأكراد، ويسلم أنقرة المسؤولية عن آلاف الأسرى من مقاتلي «داعش»، وقال البيت الأبيض إن الولايات المتحدة لن تدافع عن الأكراد، واعتبرت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد، أن الخطوة تمثل «طعنا في الظهر»، واتهمت القوات الولايات المتحدة بالتخلي عن حليف لها، محذرة من أن الهجوم التركي سيكون له «أثر سلبي كبير» في الحرب على «داعش».وقال مسؤول أمريكي إن القوات الأمريكية انسحبت من موقعين للمراقبة على الحدود السورية التركية عند تل أبيض، ورأس العين، وأبلغت قائد قوات سوريا الديمقراطية أن الولايات المتحدة لن تدافع عن القوات في مواجهة هجوم تركي وشيك.وقال البيت الأبيض بعد اتصال هاتفي بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ونظيره التركي، رجب طيب أردوغان «ستمضي تركيا قريباً في عمليتها التي تخطط لها منذ وقت طويل بشمال سوريا». وأضاف «القوات المسلحة الأمريكية لن تدعم أو تشارك في العملية، ولن تظل في المنطقة بعد أن هزمت «داعش»».وقال مسؤول أمريكي لرويترز، أمس الاثنين، إن انسحاب القوات الأمريكية في سوريا سيقتصر في بادئ الأمر على جزء من الأرض قرب الحدود التركية كانت أنقرة وواشنطن اتفقتا على العمل معاً لإقامة منطقة أمنية خاصة فيه. وأضاف المسؤول مشترطاً عدم ذكر اسمه، أن الانسحاب من المنطقة لن يشمل الكثير من القوات، بل ربما العشرات فقط. ولم يوضح ما إذا كانت القوات سترحل عن سوريا، أم ستنتقل إلى مكان آخر في البلاد التي يوجد فيها نحو ألف جندي أمريكي.وأكد أردوغان أن القوات الأمريكية بدأت تنسحب من أجزاء في شمال شرق سوريا بعد الاتصال الهاتفي بينه وبين ترامب. وأضاف أنه يعتزم زيارة واشنطن للقاء ترامب في النصف الأول من نوفمبر/‏ تشرين الثاني، حيث سيناقشان خططاً بشأن «المنطقة الآمنة».وتدعو تركيا منذ وقت طويل إلى إقامة منطقة «آمنة» على الحدود بعمق 32 كيلومتراً تحت سيطرة أنقرة، وطرد وحدات حماية الشعب الكردية السورية التي تمثل القوة المهيمنة على قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وتعتبرها تركيا منظمة إرهابية، وتهديداً لأمنها القومي. وساعدت الولايات المتحدة «قسد» على هزيمة «داعش» في سوريا، وتسعى إلى «آلية أمنية» مشتركة مع تركيا على الحدود لتلبية احتياجات أنقرة بخصوص الأمن بما لا يهدد قوات سوريا الديمقراطية.واتهمت «قسد» واشنطن، امس الاثنين، بخيانة حليف لها. وقال مصطفى بالي، وهو مسؤول في «قسد»، إن القوات الأمريكية تركت المنطقة لتتحول إلى منطقة حرب. وقال في بيان إنه «رغم الجهود المبذولة من قبلنا لتجنب أي تصعيد عسكري مع تركيا(...)، إلا أن القوات الأمريكية لم تفِ بالتزاماتها، وسحبت قواتها من المناطق الحدودية مع تركيا».وكتب بالي على تويتر «لا نتوقع من الأمريكيين حماية شمال شرق سوريا. لكنهم مدينون للناس هنا بتفسير حول اتفاق الآلية الأمنية الحدودية، وتدمير التحصينات، وفشل الولايات المتحدة في الإيفاء بتعهداتها». واعتبر أن قرار واشنطن «على وشك أن يدمّر الثقة والتعاون» بين قوات سوريا الديمقراطية والولايات المتحدة. وقال كينو جبريل، المتحدث باسم القوات في مقابلة مع تلفزيون الحدث «التصريح الأمريكي الذي صدر اليوم (الاثنين) كان مفاجئاً ويمكننا القول إنه طعن بالظهر لقوات سوريا الديمقراطية».وعمدت قوات «قسد»، إلى تحصينات عسكرية وتم سحب مجموعات من الوحدات الكردية من محيط بلدتي تل أبيض، ورأس العين.ويتحصن مقاتلون محليون مدججون بأسلحتهم في الخنادق، وينتشرون على حواجز تدقق في هويات المارة، وفق مراسل فرانس برس. وتغطي شوارع رئيسية وفرعية عدة في المدينة ألواح معدنية، وقال مصدر محلي إن الهدف من وضعها حجب الرؤية أمام طائرات الاستطلاع التركية.وخلال مشاركته في تظاهرة منددة بالهجوم التركي في بلدة القحطانية (شمال شرق)، انتقد عبدالسلام علي الموقف الأمريكي «السيئ». وقال لفرانس برس الاثنين «يمكنهم أن يبيعوا الأكراد من أجل مصالحهم». وفي رأس العين، يخشى عاصم داوود (38 سنة) أن «تهجّر هذه الحرب الناس، وتدمر منازلهم.. وأن يكون مصير المنطقة مشابهاً لعفرين» التي سيطرت عليها القوات التركية مع فصائل سورية موالية لها العام الماضي، إثر هجوم واسع، دفع بعشرات الآلاف من السكان الأكراد إلى النزوح.وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن القوات الأمريكية توجهت إلى قاعدة عسكرية تابعة لها تقع بين المنطقتين. والمنطقة الممتدة من تل أبيض (الرقة، شمال) حتى رأس العين (الحسكة، شمال شرق)، ذات أغلبية عربية، على عكس الجزء الأكبر من المناطق السورية الحدودية مع تركيا التي تقطنها أغلبية كردية.وذكر مسؤول تركي أن الانسحاب الأمريكي قد يستغرق أسبوعاً، وأن تركيا ستنتظر على الأرجح إلى أن يُستكمل الانسحاب قبل شن أي هجوم.وسلم بيان البيت الأبيض تركيا المسؤولية فيما يبدو عن مقاتلي «داعش» الأسرى المحتجزين حالياً في منشآت تابعة لقوات سوريا الديمقراطية إلى الجنوب من المنطقة الآمنة التي اقترحتها أنقرة في بادئ الأمر. وأضاف «تركيا ستكون الآن مسؤولة عن كل مقاتلي «داعش» في المنطقة الذين تم أسرهم خلال العامين الماضيين». وأشار البيان إلى حلفاء واشنطن الأوروبيين، قائلاً إن العديد من المقاتلين الأسرى ينتمون لهذه البلدان التي ترفض دعوات أمريكية لاستعادتهم. وقال البيت الأبيض «لن تحتجزهم الولايات المتحدة لسنوات قد تكون طويلة، وبتكلفة باهظة على كاهل دافع الضرائب الأمريكي».وفي أول تعليق تركي على البيان، قال إبراهيم كالين المتحدث باسم أردوغان، إن خطة «المنطقة الآمنة» التركية تأتي في إطار وحدة الأراضي السورية. وكتب كالين على تويتر يقول «المنطقة الآمنة لها هدفان: تأمين حدودنا بطرد العناصر الإرهابية، وتحقيق عودة اللاجئين بطريقة آمنة». وأضاف في تغريدة أن «تركيا ستواصل معركتها ضد «داعش»، ولن تسمح له بالعودة بشكل، أو بآخر».وبعد المكالمة الهاتفية بين ترامب وأردوغان، قالت الرئاسة التركية إن أردوغان عبّر خلال المكالمة عن شعوره بخيبة الأمل إزاء تقاعس المسؤولين العسكريين والأمنيين الأمريكيين عن تنفيذ الاتفاق بين البلدين.وفي تغريدة على تويتر، قال وزير الخارجية التركي مولود شاويش أوغلو، أمس الاثنين «نحن عازمون على حماية (...) أمننا عبر تطهير هذه المنطقة من الإرهابيين». وتعتبر تركيا المقاتلين الأكراد «إرهابيين». وتخشى من إقامتهم حكماً مستقلاً قرب حدودها قد يثير النزعة الانفصالية لدى الأكراد على أراضيها.(وكالات)

مشاركة :