تونس: «الخليج»، وكالات جاء الفوز الفاتر للإسلاميين ليضيف صدمة جديدة في الشارع التونسي بسبب معضلة تشتت الأصوات واستمرار منظومة حكم قديمة منذ 2011 برغم المصاعب الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد طيلة نلك السنوات.ويؤشر الوضع الحالي إلى شلل متوقع في البرلمان الجديد بسبب معارضة أغلب الأحزاب الرئيسية الانضمام الى الحكومة وتفضيلها البقاء في صفوف المعارضة.وبحسب المؤشرات الأولى لاستطلاعات الرأي حصل حزب النهضة على نحو 40 مقعداً مقابل 33 لحزب «قلب تونس»، وحل «ائتلاف الكرامة» ثالثا ب 18 مقعداً، ثم حركة «تحيا تونس» التي يترأسها رئيس الوزراء يوسف الشاهد ب 16 مقعداً، و«حركة الشعب» ب 15 مقعداً، يليه «الحر الدستوري» ب14 مقعداً، و«التيار الديمقراطي» 14 مقعداً. وفي أوّل تعليق له على هذه النتائج، أكد زعيم «النهضة» راشد الغنوشي في مؤتمر صحفي، أن الحركة بحاجة إلى شركاء لتشكيل الحكومة القادمة، وبدأ لهذا الغرض في مغازلة معارضيه، خاصة «قلب تونس»، إلا أن عدة أحزاب أكدت أن التحالف مع هذه الحركة الإخوانية في الأيام المقبلة سيكون أمراً مستحيلاً.وفي مسعى لتغيير موقف حزب قلب تونس، أكد الغنوشي أن النهضة ليست مسرورة باستمرار وجود رئيسه نبيل القروي في السجن، «ونتمنى لو كان الأمر يخضع لرغبتنا أن يكون خارج السجن»، غير أن هذا التعاطف قوبل بردة فعل مخيبة للآمال من قبل الحزب الذي أعلن أن «التحالف مع النهضة أمر مستحيل، والحوار معها مرفوض أيضا».ومن بين هذه الأحزاب أعلن «ائتلاف الكرامة» استعداده للانضمام الى الحكم مع حزب النهضة. ويعد «ائتلاف الكرامة» ذو توجه سياسي متشدد ويضم الكثير من المتعاطفين مع الجماعات السلفية، كما برز رئيسه المحامي سيف الدين المخلوف بدفاعه عن غالبية المتورطين في قضايا إرهابية في المحاكم التونسية أو المتشددين التونسيين المرحلين من الدول الأجنبية.ويفترض أن يبقي حزب حركة تحيا تونس لرئيس الحكومة الحالية يوسف الشاهد على تحالفه مع النهضة إثر حصوله على نحو 16 مقعداً. وحتى في ظل هذه التحالفات ومع عدد من المستقلين فإنه حسابيا من الصعب تحصيل أغلبية 109 أصوات من أصل 217 نائب في البرلمان. «الدستوري» يفضل المعارضة وفي المقابل فضلت الأحزاب الثلاثة الأخرى البقاء في المعارضة بحسب تصريحات قيادييها. فقد تعهد التيار الديمقراطي بالبقاء في المعارضة، واقترح تكوين حكومة إنقاذ وطني غير متحزبة في حال فشل حزب الأغلبية في تكوين حكومة تفاديا للشلل السياسي. وفي المقابل قالت عبير موسي رئيس حزب الدستوري الحر إنها لن تدخل في حكومة يكون «الإخوان» طرفاً فيها. وتعهد أيضا حزب حركة الشعب القومي بالبقاء في المعارضة. صعوبة الأغلبية مريحة وعلى ضوء هذا النفور من التحالف مع «النهضة» وغياب الدعم السياسي لها داخل البرلمان، يتوقع المراقبون أن تجد الحركة إشكالية كبيرة في تشكيل الحكومة القادمة، وصعوبة في عقد ائتلاف برلماني مع أحزاب أخرى وقائمات مستقلة، يضم 109 نواب، لتأمين الحصول على مصادقة البرلمان بالأغلبية، لحكومة جديدة.وفي هذا الجانب، يستبعد المحلل السياسي سرحان الشيخاوي، أن تستطيع «النهضة» تشكيل حزام سياسي ضامن لأغلبية مريحة، خاصة أنه يتطلب تحالف أكثر من خمس كتل برلمانية، باعتبار ضعف تمثيلية الأحزاب التي فازت بالمراتب الأولى، وإعلان بعضها رفض التحالف مع النهضة، إضافة إلى حملات السب والشتم التي دخلت فيها الأحزاب والتناقضات فيما بينها، أمر يجعل من عملية جمعهم في إطار واحد صعباً جداً.ويرى الشيخاوي أن فرضية حل البرلمان ممكنة، باعتبار صعوبة اصطفاف كتل متناحرة وراء حكومة واحدة، مشيراً إلى أنه حتى وإن تم جمع الأغلبية اللازمة لدعم الحكومة فسيكون سندها السياسي غير مستقر وقابلاً للانفجار في أي وقت.وعلى ضوء النتائج التقديرية، ستكون النهضة بحاجة إلى تأمين 69 مقعداً تضاف إلى 40 مقعداً التي حصلت عليها، وذلك للحصول على أغلبية 109 نواب، وهي مهمة غاية في الصعوبة، بالنظر إلى رفض الأحزاب التي تمتلك أكبر عدد من المقاعد الدخول معها في تحالفات، وهو ما يزيد من أزمتها ويفتح طريق الفشل أمامها في تشكيل الحكومة القادمة.وحسب الدستور التونسي، إذا فشل البرلمان الجديد طوال شهرين في المصادقة على تشكيلة حكومية تتزعمها شخصية يرشحها الحزب الفائز بالمرتبة الأولى، فعندها يكلف رئيس الدولة شخصية ثانية من خارج هذا الحزب، وإن فشل في الفوز بثقة أغلبية النواب في ظرف شهرين يحل البرلمان، وتتم الدعوة إلى انتخابات برلمانية جديدة.
مشاركة :