برلمان منقسم يصعّب مهمة تشكيل حكومة تونسية

  • 10/8/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تونس - تثير النتائج الاولية للانتخابات التشريعية التونسية وفق ما نشرته اغلب استطلاعات الراي جدلا واسعا في تونس حيث يغلب التشتت على المشهد البرلماني المقبل ما سينعكس على الحكومة في المستقبل. وحسب ما نشرته مؤسسات استطلاعات الراي باختلافات بسيطة بينها احتلت النهضة المرتبة الاولى بحوالي 40 مقعدا يليها حزب قلب تونس للمرشح الرئاسي المسجون نبيل القروي المرتبة الثانية ب35 مقعدا. واحتل ائتلاف الكرامة والذي يوصف بانه خليط بين يمين الاسلاميين وقيادات سابقة في روابط حماية الثورة المرتبة الثالثة بحوالي 17 مقعدا يليه حزب تحيا تونس لرئيس الحكومة يوسف الشاهد ب16 مقعدا ثم حزب الشعب ب15 مقعدا يليه التيار الديمقراطي والحزب الحر الدستوري ب14 مقعدا لكل منهما. وتشير هذه المعطيات غير الرسمية في انتظار معطيات رسمية من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الى الموزاييك الذي سيشهده البرلمان المقبل وخاصة صعوبة تشكيل حكومة في ظل الانقسامات الفكرية بين الاحزاب والتكتلات الفائزة. ويمنح النظام السياسي في البلاد الحزب او الائتلاف الفائز باكبر نسبة من المقاعد تشكيل الحكومة وذلك بتكليف من رئيس الدولة. وحسب الفصل 98 من الدستور فان التساوي في عدد المقاعد يتم اعتماد عدد الاصوات للتكليف بتشكيل حكومة. ويفرض الدستور على الحزب الفائز ان يشكل حكومته بالتشاور مع الاطراف الفائزة في مدة شهرين على اقصى تقدير وفي حال عجز الطرف الفائز عن تشكيلها يقوم رئيس الدولة في ظرف 10 ايام بإجراء حوارات مع الاحزاب والائتلافات لتكليف الشخصية الاقدر لتشكيل الحكومة. ويتحرر رئيس الجمهورية من تكليف الحزب الفائز لتشكيل الحكومة في حال فشله مع مرور اجل الشهرين وبالتالي يستطيع ان يكلف شخصية من الحزب الفائز بالمرتبة الثانية او الثالثة او تكليف شخصية مستقلة. وتتمتع هذه الشخصية المكلفة من رئيس الجمهورية بأجل شهرين كذلك لتشكيل الحكومة وان فشل يمكن للرئيس حل مجلس نواب الشعب والدعوة الى انتخابات مبكرة في اجل أدناه 45 يوما واقصاه 90 يوما. وبالتالي فان السجال حول تشكيل حكومة يمكن ان يستمر لاربعة اشهر كاملة اذا لم يتم الاتفاق وحتى وان تشكلت هذه الحكومة ستكون ضعيفة وقابلة للسقوط في اية لحظة اذا تم حجب الثقة عنها. وتتشكل الحكومة في حال نالت ثقة الأغلبية المطلقة في البرلمان اي 109 صوت وهو امر صعب في ظل الانقسامات الحالية. وبدأت أولى بوادر مصاعب تشكيل حكومة بعد التصريحات المتوترة لقادة كل من الحزب الاول والثاني حيث رفض قادة حزب النهضة وقلب تونس مجرد الحديث عن حوار. وفي هذا الاطار قال القيادي في حزب قلب تونس عياض اللومي انه من المستحيل تشكيل حكومة الى جانب حركة النهضة وانه سينتظر النتائج التي ستعلن عتها هيئة الانتخابات لتحديد الخيارات. واتهم عياض اللومي في مداخلة عبر اذاعة شمس اف ام الاحد الحركة بالتورط في تشكيل جهاز سري وفي التعامل مع الفاسدين مشيرا ان الحزب سيقاضي رئيس الحكومة راشد الغنوشي بعد اتهامه لقلب تونس بالفساد. وتزيد مصاعب تشكيل الحكومة بعد تصريح زعيم حزب التيار الديمقراطي بانه اختار المعارضة في وقت يؤكد فيه الحزب الحر الدستوري انه لن يدخل ابدا في حكومة تقودها حركة النهضة او الاسلام السياسي. ازمة العائلة الوسطية وفي ظل هذه النتائج الانتخابية التشريعية المتوقعة وفي ظل ما افرزته نتائج الدور الاول من الانتخابات الرئاسية تشهد العائلة الوسطية ازمة حقيقية. ولم تحقق هذه العائلة نتائج هامة بخلاف حزب تحيا تونس الذي تمكن من حجز عدد مقبول من المقاعد اضافة الى النتائج المرضية للحزب الحر الدستوري اذا ما صنف ضمن هذه العائلة. لكن النتائج المخيبة لحزب نداء تونس الذي شكله الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي وصفها البعض بانها نتيجة طبيعية للانقسامات والانشقاقات داخل الحزب وخاصة سياسة التوافق التي انتهجها مع الإسلام السياسي. ولم يتمكن نداء تونس من تحقيق سوى مقعد وحيد بعد ان كان الحزب الاول في انتخابات 2014. ومنيت بعض الاحزاب الوسطية سليلة حزب النداء كحزب مشروع تونس بهزيمة ثقيلة كما مني حزب افاق تونس والحزب الجمهوري بهزيمة كبيرة ولم يحققوا الى حد الان اية مقعد. وبعيدا عن العائلة الوسطية مني حزب حراك تونس الارادة الذي اسسه الرئيس السابق المنصف المرزوقي بخسارة مذلة كذلك بعدم حصوله على اية مقعد لكن الخسارة الاكثر ايلاما في الشهد التونسي هو انهيار اليسار الممثل في الجبهة الشعبية. انهيار اليسار يعيش اليسار التونسي حالة من الاحتضار السياسي وهو ما فسرته النتائج الاولية للانتخابات التشريعية وفق مؤسسات استطلاع الراي. والى حد اللحظة لم تشر مصادر عن حصول اية مرشح من حزب الجبهة الشعبية او من مفربين اليها بحصولهم على مقعد في البرلمان رغم حديث عن امكانية حصول المرشح اليساري المنجي الرحوي على مقعد وحيد. وكانت كتلة الجبهة الشعبية تحصلت على 15 مقعد في الانتخابات الفارطة لكنها شهدت انقساما في الاشهر الاخيرة. ولم تعد الشخصية النضالية التي يمثلها حمة الهمامي قادرة على تجميع اليسار وضرب مرض الانقسام والاصطفاف جسم الجبهة التي شكلت قطبا معارضا قويا داخل البرلمان في السنوات الماضية. وبدات اولى معالم هذا الانهيار في النتائج المخيبة التي حصل عليها كل من المرشحين الرئاسيين حمة الهمامي والمنجي الرحوي بحوالي 1.75 بالمئة من الاصوات. وفي المشهد البرلماني ستغيب اصوات يسارية هامة مثل عمار عمروسية وعدنان الحاجي عن المشهد البرلماني في ظل صعود لليمين سواء كان دينيا او في شكله الاقتصادي. وينتظر التونسيون النتائج الرسمية من هيئة الانتخابات كما سينتظرون اكتمال المشهد مع انتخاب رئيس للدولة الاسبوع المقبل.

مشاركة :