انطلقت اليوم الأربعاء بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، أعمال المؤتمر السنوي الحادي عشر للمنظمة العربية لضمان الجودة في التعليم، تحت عنوان "تحويل التعليم في الوطن العربي من التعليم إلى التعلم لغرض الابتكار".جاء ذلك بمشاركة "حسين عبد الرحمن بإسلامة" وزير التعليم العالي والبحث العلمي اليمني وممثلي وزراء التعليم العرب والسفيرة الدكتورة هيفاء أبوغزالة الأمين العام المساعد رئيس قطاع الشئون الاجتماعية بالجامعة العربية وسفير الاتحاد الأوروبي بالقاهرة إيفان سركوش،وكبار المسؤولين وصٌناع القرار، بالإضافة إلى المؤسسات الدولية والإقليمية ذات الصلة، وعدد من رؤساء الجامعات العربية وعمداء مختلف الكليات، ومؤسسات المجتمع المدني وطلاب وباحثين من مختلف الجامعات العربية.. ورأس وفد مصر في المؤتمر الدكتور رضا حجازي رئيس قطاع التعليم بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني.يُعقد المؤتمر على مدى يومين، برعاية الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، وبتنظيم مشترك بين الأمانة العامة للجامعة (إدارة التربية والتعليم والبحث العلمي) ومجموعة طلال أبوغزالة.وأكدت السفيرة الدكتورة هيفاء أبوغزالة الأمين العام المساعد، رئيس قطاع الشئون الاجتماعية بالجامعة العربية، أن الأنظمة التعليمية في العالم العربي تواجه تحديات كبيرة ناتجة عن التغيرات السريعة وثورة المعلومات والتقدم التقني بما يعرف بمجتمع المعرفة، خاصةً أن بقية العالم يسعى إلى تطوير أنظمته التعليمية بشكل مستمر للوصول إلى أفضل مخرجات وبأقل جهد وتكلفة، ولذلك يجب علينا التركيز على جودة التعليم لتحسين وتطوير مخرجاته وتحقيق كافة المتطلبات واحتياجات المجتمع التي تتناسب مع احتياجات سوق العمل، من أجل الارتقاء بأنظمتنا التعليمية.وقالت: إن المؤتمر سيسلط الضوء على موضوعات تتعلق بالابتكار والإبداع كوسيلة لتحقيق الجودة في التعليم، وإتاحة المجال أمام الطلبة لاكتشاف المفاهيم والمعارف بشكل مستقل من خلال طرح الأسئلة المناسبة التي من شأنها أن تحفز التفكير، وذلك بهدف خلق بيئة مناسبة من التعلم الفعّال للطلاب بعيدا عن التلقين، والاعتماد على وسائل التكنولوجيا لتكون بوابة العبور إلى العالم الخارجي، من خلال التوظيف الكفء لها في عمليات التعليم والتعلم، كما يسعى إلى تمكين التعاون متعدد التخصصات بين المعلمين والخبراء والشبكات الاقليمية في المجالات المختلفة، وذلك في ضوء انتشار التكنولوجيا الرقمية المتزايدة داخل الصفوف الدراسية في مختلف أنحاء العالم".وأضافت أن الإبداع هو أهم الأهداف التربوية التي تسعى المجتمعات المتقدمة إلى تحقيقها، فالأفراد المبدعون يلعبون دورًا مهمًا وفعالًا في تنمية مجتمعاتنا في جميع المجالات التربوية والاجتماعية والفنية والتقنية، لذلك يجب عليها أن تتجه إلى استثمار طاقات أبنائها وتحويلها إلى طاقات إيجابية ذات إنتاجية عالية الجودة ولها قيمة مضافة في المجتمع ومستقبل أبنائه، مؤكدة أنه ليس هناك بداية أهم من التعليم والعلم والمعرفة كي تتولد القدرات للإبداع والابتكار.وأوضحت أن التركيز على فكرة الإبداع والابتكار والنقد الهادف، من سمات التعليم المعاصر وأن طريقة توصيل الابتكار والإبداع لدى الطلبة يجب أن يستند إلى منهج تعليمي متقدم، يعتمد على طريقة جديدة وغير تقليدية في كيفية استيعاب المعلومات وإنتاجها واستخدامها وتوظيفها بطريقة تساعد على تجاوز الأطر التقليدية في التعليم والتفكير والمنهج والأساليب، مما يؤدي في النهاية إلى خلق وإيجاد منتج ابتكاري لدى الطلبة، والنظر إليهم كمبدعين.وأكدت أن الجامعة العربية أدركت أهمية النهوض بالبحث العلمي والابتكار لما له من دور أساسي في عملية التنمية، حيث أصدرت القمة العربية في دورتها "22" في سرت ليبيا 2010 قراراها بشأن " الدفع بجهود البحث العلمي والتكنولوجي في الدول العربية" وكلفت الأمانة العامة للجامعة بالتنسيق مع المنظمات العربية المتخصصة المعنية بالبحث العلمي لوضع إستراتيجية للبحث العلمي والتكنولوجي والابتكار في الدول العربية، وتم عرضها واعتمادها على مستوى القمة في دورته العادية "28" بالمملكة الاردنية الهاشمية بتاريخ 29 مارس 2017 كما تم وضع الخطة التنفيذية للإستراتيجية وتتلخص رؤية الإستراتيجية في الوصول بمنظومة البحث العلمي والتكنولوجي والابتكار قبل حلول عام 2030 إلى المستوى الذي تساهم فيه مساهمة واضحة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتحول إلى مجتمع مبني على المعرفة.وقالت: إن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية تسعى حاليًا لوضع الاطار العام للإستراتيجية العربية للبحث العلمي في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.وأضافت أن المؤتمر سيبحث محورا حول التعليم في الوطن العربي في الألفية الثالثة، والذي يُعد من المحاور المهمة الذي يجب أن نُركز عليها، نظرًا لما يتناوله من قضايا التعليم وتحدياته والوقوف على السياسات والبرامج، ومراجعة ما تم الوصول إليه من نتائج لرسم خارطة طريق تهدف إلى تعظيم الاستفادة من رأس المال البشري العربي وزيادة قدراته التنافسية عالميًا ليمثل الركيزة الأساسية لجهود تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة للدول العربية.وتابعت: هذا المحور يهدف إلى وضع مسار التعليم العربي حتى عام 3000 (تحديات وإمكانياته، وتطلعاته) من خلال إشراك أصحاب الفكر والرؤي الطموحة من الطلاب والمسؤولين والمعنيين في دولنا العربية، وإلى الربط بين التعليم واحتياجات سوق العمل في المستقبل القريب والبعيد، وربط التعليم بالاحتياجات التنموية.وأكدت ضرورة أن لا نقف مكتوفي الأيدي أمام مستقبل الأجيال القادمة، وأن لا نتركهم عرضة للتجارب غير المدروسة جيدًا، مشيرة في هذا الإطار إلى أنه "يجب علينا تعديل المناهج الدراسية في دولنا العربية بما يتواكب مع مفهوم الإبداع والابتكار ومخرجات الثورة الصناعية الرابعة، وتطوير العملية التعليمية بناءً على معايير واهداف شاملة ومتكاملة تهدف إلى الوصول لمنهج تربوي حديث يحفز الإبداع والابتكار في المدارس ويشجع التفكير النقدي لدى الطلبة".ومن جانبه، أكد الدكتور طلال أبوغزالة رئيس المنظمة العربية لضمان الجودة في التعليم "أروقا"، ضرورة التحول من التعليم التقليني إلى التعلم، وإلى نظام تعليم معرفي رقمي لبناء مجتمع معرفي.وقال: "يجب أن يكون التعليم لغرض الابتكار في جميع المجالات وليس للحصول على شهادات وأن نخرّج مبتكرين يوظفون غيرهم بدلا من تخريج متعلمين يبحثون عن العمل".وأضاف أن الابتكار هو الطريق لصنع المعرفة والثروة، مؤكدا على "أننا بحاجة إلى أن يصبح المعلمون موجهين تقنيين بدلا من ملقنين "، مشيرا إلى أن الشركات الأكبر قيمة في العالم هي شركات الاختراعات المعرفية.وأوضح أن كلية طلال أبو غزالة الجامعية للابتكار لا تخرج طلبتها بامتحان بل بابتكار، مؤكدا "ضرورة أن تكون البرامج العلمية والمهنية والتطبيقية هي الأساس في تعلمنا، فمستقبلنا سيقرره قدرتنا على الاستفادة من امكانات الذكاء الاصطناعي "، داعيا إلى ضرورة أن تصبح مادة "الذكاء الاصطناعي" مادة أساسية مقررة حيث إن "الذكاء الاصطناعي" سيُدخل العلم إلى العقل دون أي حفظ.وقال أبوغزالة:" إنه من المتوقع أن يتم التوحد بين الإنسان والآلة عام 2050 "، معتبرا أن دولة العدالة الاجتماعية هي الدولة المعرفية.وأضاف "سننتقل من الدولة المدنية إلى دولة الابتكار حيث كل فرد فيها هو عامل معرفة "، مؤكدا أن "رعاية الأطفال المبرمجين واجب علينا.. في العقد القادم سيتفوق الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري، وأن لن يكون هناك وزارات تعليم ولا مؤسسات تعليم حكومية.وأوضح أن المعارف والعلوم متاحة رقميا وليس لدى المعلم أي معلومة ليست على الانترنيت، لافتا إلى "أننا سوف ننتقل من التعليم المستمر إلى الابتكار المستمر"، معتبرا أن" الانترنيت في مجتمع المعرفة كالجهاز العصبي في جسم الإنسان ".
مشاركة :