جنيف - قنا: أظهر تقرير التنافسية العالمية للعام 2019، الذي يصدر سنويا عن المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF) بالتعاون مع رابطة رجال الأعمال القطريين، ومعهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية المسحية التابع لجامعة قطر (SESRI)، احتلال دولة قطر المرتبة الـ29 عالميا والثانية عربيا في تقرير التنافسية العالمية والذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي ويضم 141 دولة حول العالم. وتقدمت دولة قطر بذلك مركزا عن العام الماضي، حيث جاءت في المرتبة الـ30 من إجمالي 140 دولة، الأمر الذي يعكس استمرار القدرة التنافسية العالمية لقطر على المستوى العالمي. ووفقا للتقرير، فقد تقدمت دولة قطر على دول المنطقة منها السعودية (36) والبحرين (45) وأيضا إيطاليا وتركيا وروسيا والهند وبولندا والأرجنتين وأغلبها ينتمي إلى مجموعة العشرين كأكبر اقتصاديات العالم، وقد شهدت سلطنة عمان تراجعا بـ6 مراكز لتحل في المرتبة 53 عالميا، بينما قفزت الكويت وأحرزت تقدما لافتا بـ8 مراكز لتحتل المرتبة 46 عالميا في حين سجلت مصر تقدما بمركز واحد لتحتل المرتبة 93 عالميا. وبحسب ما ورد في التقرير، فإن الركائز الأساسية التي تقيم وضع الاقتصاد تتوزع بين: المؤسساتية، والبنية التحتية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وبيئة الاقتصاد الكلي، والصحة، والمهارات، وفعالية سوق السلع، وفعالية سوق العمل، والنظام المالي، وحجم السوق، وديناميكية الأعمال، والقدرة على الإبداع. وقد حققت دولة قطر مراكز متقدمة عالميا في هذا الإطار، فقد احتلت قطر المرتبة الأولى عربيا وضمن أفضل 10 دول في العديد من المؤشرات، فمثلا في ركيزة المؤسساتية تقدمت قطر مركزين عن السنة الماضية لتحتل المرتبة الـ7 عالميا في مؤشر "كفاءة الإطار القانوني"، والمركز الـ6 في مؤشر "استجابة الحكومة للتغير"، والمركز الـ8 في مؤشر "الرؤية طويلة المدى للحكومة". وفيما يخص ركيزة مدى جهوزية الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لا تزال قطر ضمن أفضل 10 دول عالميا، حيث احتلت هذا العام المركز الـ8 عالميا، بالإضافة إلى احتلالها المركز الأول عالميا وعربيا لمؤشر مستخدمي الإنترنت. أما بشأن ركيزة المهارات، فقد احتلت قطر المركز الـ8 عالميا في مؤشر "مهارات الخريجين"، والمركز الـ3 في مؤشر "توفر العمالة الماهرة"، والمركز الـ6 عالميا في مؤشر "مهارات القوى العاملة في المستقبل". وجاءت ركيزة "النظام المالي" لتشير إلى وفرة رأس المال، حيث حلت قطر بالمركز الـ4 عالميا في مؤشر "تمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة"، بينما احتلت المركز الـ5 فيما يخص توافر رأس المال الاستثماري، هذا بالإضافة إلى نحو 23 مؤشرا جاءت فيها قطر بين المرتبة العاشرة و20 عالميا، من حيث حماية حقوق الملكية، وأداء القطاع العام بالدولة، وجودة البنية التحتية للطرق والشحن الجوي، وجودة خدمات الميناء البحري، وكذلك خدمات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وسهولة العثور على العمالة الماهرة، وجودة التدريب المهني، وأيضا المنافسة المحلية وانتشار ثقافة ريادة الأعمال ونمو الشركات. وعند استعراض أبرز النقاط التي رصدها التقرير على صعيد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فقد جاءت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة 25 على رأس الترتيب الإقليمي، تلتها قطر في المرتبة 29، والسعودية بالمرتبة 36، وتعد الكويت هي الأكثر تحسنا في المنطقة إذ جاءت في المرتبة 46 بزيادة 8 مراتب، بينما تراجعت إيران للمرتبة 99، واليمن حلت في المرتبة 140. وأفاد التقرير بأن المنطقة نجحت نجاحا كبيرا في اللحاق بركب تقنية المعلومات والاتصالات، وقد أسست العديد من البلدان بنية تحتية سليمة، مشيرا إلى أنه مع ذلك، فهناك حاجة إلى مزيد من الاستثمارات في الموارد البشرية لتحويل بلدان المنطقة إلى اقتصادات أكثر إبداعا وابتكارا. وفي تعليق له، قال البروفيسور كلاوس شواب، المؤسس والرئيس التنفيذي للمنتدى الاقتصادي العالمي "يعتبر مؤشر التنافسية العالمية 4.0 بمثابة بوصلة للازدهار في الاقتصاد الجديد، حيث يصبح الابتكار هو العامل الرئيسي للقدرة التنافسية".. مضيفا بأن التقرير يوضح "أن تلك البلدان التي تدمج التركيز على البنية التحتية والمهارات والبحث والتطوير ضمن سياستها الاقتصادية، وتدعم أفراد المجتمع من المتخلفين عن الركب، هي أكثر نجاحا مقارنة بتلك التي تركز فقط على عوامل النمو التقليدية". وسلط التقرير الضوء على المجالات الناشئة للسياسات الواعدة والإصلاحات والحوافز لبناء اقتصادات أكثر استدامة وشمولية، ولإدارة الانتقال إلى اقتصاد صديق أكثر للبيئة واقتصاد أكثر اخضرارا، يوصي التقرير بأربعة تدابير رئيسية هي: الانخراط في الانفتاح والتعاون الدولي، وتحديث ضرائب وإعانات الكربون، وخلق حوافز للبحث والتطوير، وتنفيذ المشتريات العامة الخضراء، ولتعزيز الرخاء المشترك يوصي التقرير بأربعة تدابير إضافية هي: زيادة تكافؤ الفرص، وتعزيز المنافسة العادلة، وتحديث النظم الضريبية وتكوينها، بالإضافة إلى تدابير الحماية الاجتماعية، وتشجيع الاستثمارات المعززة للقدرة التنافسية. من جانبها، قالت السيدة سعدية زهيدي رئيسة مركز الاقتصاد والمجتمع الجديد في المنتدى الاقتصادي العالمي، "إن أكثر ما يقلقنا اليوم هو تراجع قدرة الحكومات والبنوك المركزية على استخدام السياسة النقدية لتحفيز النمو الاقتصادي، وعليه، فإن اعتماد سياسات تعزز من القدرة التنافسية، والقدرة على تحسين الإنتاجية وتشجيع الحراك الاجتماعي والحد من عدم المساواة في الدخل، أمر بالغ الأهمية". وخلص تقرير التنافسية العالمية إلى أن الاقتصاد العالمي لا يزال حبيس دوامة من نمو الإنتاجية البطيء أو الثابت على الرغم من مرور عشر سنوات على الأزمة المالية العالمية، وضخ البنوك المركزية لأكثر من 10 تريليونات دولار، وفي حين أن هذه التدابير غير المسبوقة كانت فعالة في تجنب تفاقم أزمة الركود الاقتصادي، إلا أنها ليست كافية وحدها لتحفيز عملية تخصيص الموارد وتوجيهها نحو الاستثمارات التي تعزز من الإنتاجية في القطاعين العام والخاص. وأشار التقرير إلى أنه مع بدء تراجع تأثير وزخم السياسات النقدية، أصبح من المهم للاقتصادات أن تعتمد على السياسات المالية والحوافز العامة لتعزيز البحث والتطوير، وتعزيز مهارات القوى العاملة الحالية والمستقبلية، وتطوير بنية أساسية جديدة ودمج التقنيات الجديدة، إضافة إلى تدابير أخرى يتوجب اتخاذها. جدير بالذكر أن سلسلة تقارير التنافسية العالمية التي تم إطلاقها في عام 1979، تقدم تقييما سنويا للعوامل المحركة والمؤثرة على الإنتاجية والنمو الاقتصادي على المدى الطويل، ويستند التقييم إلى مؤشر التنافسية العالمية، الذي يحدد مدى تنافسية الاقتصادات الـ141 التي تندرج في المؤشر من خلال 103 مؤشرات تتمحور حول 12 ركيزة، ويوضح كل مؤشر باستخدام مقياس تقييم من 0 إلى 100 - مدى قرب الاقتصاد من الوضع المثالي أو "القيمة المثالية" للقدرة التنافسية. ويستند مؤشر التنافسية العالمية 4.0 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أربعة عقود من الخبرة في تقييم القدرة التنافسية، وبناء على الخبرة في قياس القدرة التنافسية المكتسبة خلال هذه الفترة، فإن مؤشر التنافسية الاقتصادية العالمية 4.0، والتابع للمنتدى الاقتصادي العالمي، هو مؤشر مركب يقيم مجموعة العوامل التي تحدد مستوى إنتاجية الاقتصادات، والذي غالبا ما يعتبر من أهم العوامل المحددة للنمو طويل الأمد. وتحدد أطر مؤشر التنافسية العالمية 4.0 بـ12 ركيزة أساسية للإنتاجية وهي: المؤسسات، والبنية التحتية، والاستعداد التكنولوجي، وسياق الاقتصاد الكلي، والصحة، والتعليم، والمهارات، وسوق المنتجات، وسوق العمل، والنظام المالي، وحجم السوق، وديناميكية الأعمال، والقدرة على الابتكار، وتتكون هذه الركائز من 103 مؤشرات فردية تندرج ضمن المؤشرات الـ12 الأساسية. كما يعد تقرير التنافسية العالمية تقريرا أساسيا لمنصة المنتدى الاقتصادي العالمي المتخصصة بتشكيل مستقبل الاقتصاد والمجتمع الجديد، حيث يوفر المركز الفرصة للنهوض بالاقتصادات والمجتمعات المزدهرة والشاملة والمنصفة، وتركز المنصة على المشاركة في خلق رؤية جديدة بثلاثة مجالات مترابطة هي: النمو والقدرة التنافسية، والتعليم والمهارات والعمل، والمساواة والإدماج من خلال العمل معا كي تعمل الجهات المعنية على تعميق فهمهم للقضايا المعقدة، وصياغة نماذج ومعايير جديدة ودفع العمل التعاوني القابل للتطوير بغاية الوصول للتغيير المنهجي. وتعمل أكثر من 100 من الشركات الرائدة في العالم و100 من المنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني والأكاديمي حاليا من خلال المنصة لتعزيز مناهج جديدة للقدرة التنافسية في الاقتصاد الجديد الذي تخلقه الثورة الصناعية الرابعة، وتعزيز نشر التعليم والمهارات للقوى العاملة المستقبلية، ووضع أجندة أعمال جديدة تصب في مصلحة العاملين والأعمال، والجمع بين المساواة والشمولية في الاقتصاد الجديد، بهدف الوصول إلى مليار شخص مع تحسين الفرص الاقتصادية.
مشاركة :