تل تمر (سوريا) – الوكالات: خاضت قوات سوريا الديمقراطية أمس اشتباكات عنيفة لمنع القوات التركية من التقدم في مناطق سيطرتها في شمال شرق البلاد، غداة بدء أنقرة هجوما واسعا دفع بعشرات الآلاف من السكان إلى النزوح. وأعلنت أنقرة ليل الأربعاء بدء هجومها ضد المقاتلين الأكراد، في خطوة جاءت بعد ما بدا أنه أشبه بضوء أخضر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي سحب جنودا أمريكيين من نقاط حدودية وواجه انتقادات بتخليه عن الأكراد، شركاء واشنطن في دحر تنظيم الدولة الإسلامية. وحذرت منظمات إنسانية من أزمة إنسانية جديدة في وقت يعقد مجلس الأمن الدولي الخميس بطلب من دول أوروبية عدّة اجتماعات مغلقة طارئة لبحث الهجوم التركي. ودارت اشتباكات عنيفة أمس على محاور عدة في شمال شرق سوريا، تتركز في منطقتي رأس العين في ريف الحسكة الشمالي وتل أبيض في ريف الرقة الشمالي، وفق ما أفادت قوات سوريا الديمقراطية والمرصد السوري لحقوق الإنسان. وسيطرت القوات التركية وفصائل سورية موالية لها، بحسب المرصد، على سبع قرى حدودية، معظمها قرب بلدة تل أبيض، وسط قصف مدفعي كثيف. كما شنت طائرات تركية غارات على المنطقة الممتدة بين تل أبيض ورأس العين التي تدور اشتباكات عنيفة داخل أحيائها وسط قصف كثيف، بحسب المصدر. والمنطقة الممتدة من تل أبيض غربا إلى رأس العين شرقا ذات غالبية عربية. وتوقّع محللون في وقت سابق أن يقتصر الهجوم التركي على هذه المنطقة في مرحلة أولى. وشاهد مراسل فرانس برس على الطريق الدولي المؤدي إلى رأس العين حافلات محمّلة بمقاتلين من قوات سوريا الديمقراطية كانت في طريقها إلى جبهات القتال. وأعلنت وزارة الدفاع التركية في بيان صباحا أن العملية العسكرية «مستمرة وفق الخطة بنجاح»، مشيرة إلى السيطرة على «أهداف» لم تحددها. وأحصى المرصد منذ الأربعاء مقتل تسعة مدنيين و23 عنصرا من قوات سوريا الديمقراطية جراء الهجوم. في الجانب التركي، قتل أربعة مدنيين، بينهم طفل سوري، أمس في قذائف اتهم التلفزيون التركي مقاتلين أكراد بإطلاقها. وتهدف أنقرة من الهجوم إلى إقامة منطقة آمنة بعمق ثلاثين كيلومترا، تبعد عنها المقاتلين الأكراد وتعيد إليها قسما كبيرا من 3,6 ملايين لاجئ سوري لديها. ودعا الأكراد المتمرسون بالقتال واشنطن إلى فرض حظر جوي من شأنه أن يساعدهم في التصدي للهجوم التركي. وبدأت العملية التركية الأربعاء بعد يومين من سحب واشنطن بين 50 ومئة جندي من نقاط حدودية بقرار من ترامب، الذي تعرض لانتقادات واسعة اتهمته بالتخلّي عن المقاتلين الأكراد الذين فقدوا وفق تقديراتهم 11 ألف مقاتل في المعارك ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وأعلنت الإدارة الكردية أمس أن القصف التركي الأربعاء طال سجنا يقبع فيه دواعش أجانب في مدينة القامشلي، فيما ذكر المرصد أن القصف استهدف محيطه. وأسفر الهجوم التركي منذ الأربعاء عن حركة نزوح واسعة، وأحصى المرصد فرار أكثر من 60 ألف مدني من مناطق حدودية باتجاه مدينة الحسكة جنوباً ومحيطها. وحذرت 14 منظمة إنسانية وإغاثية في بيان مشترك أمس من حدوث أزمة إنسانية جديدة في شمال شرق سوريا، حيث يعيش 17 مليون شخص وفق الأمم المتحدة.
مشاركة :