قبرص التركية «ضيف مستجد» على «اللائحة السوداء» لأردوغان

  • 5/6/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

إنه آخر فرد يمكن لأنقرة أن تفكّر يوماً في أنه سيتمرّد عليها أو يشقّ عصا طاعتها، أو حتى يخالفها الرأي. لكن يبدو أن السياسات الخارجية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأسلوب تعامله مع المحيطين به، يفاقم عزلة أنقرة ديبلوماسياً، فينقلب عليها أقرب المقربين منها. زعيم القبارصة الأتراك مصطفى أكينجي الذي فاز في انتخابات الرئاسة الأحد الماضي في الشطر الشمالي من الجزيرة، يزور أنقرة اليوم ليواجه أردوغان، بعد بداية غير مشجعة وتلاسن عبر وسائل الإعلام عن العلاقة بين الدولتين. إذ طالب أكينجي بما اعتبره تصحيحاً للعلاقة بين أنقرة و»جمهورية شمال قبرص التركية»، رافضاً تعبيراً تستخدمه الدولة التركية لوصف هذه العلاقة، على أنها أخوّة بين أخٍ أكبر وشقيقه الصغير، قائلاً: «آن للأخ الصغير أن يكبر ويجالس أخيه». وأعلن رفضه فرض أنقرة «وصايتها» على القبارصة الأتراك، وإدارتها شؤونهم دولياً والتحدّث باسمهم في المحافل الدولية، مشيراً إلى تفضيله «توحيد شطرَي الجزيرة وتسوية القضية القبرصية». أكينجي الذي نال 63 في المئة من الأصوات في الانتخابات، على رغم أن الناخبين يدركون توجّهاته، واجه رد فعل قوياً من أردوغان الذي اعتبر أن «قبرص التركية ستبقى الأخ الأصغر لتركيا»، ومذكّراً أكينجي بالأموال التي تدفعها أنقرة لدعم اقتصاد الشطر الشمالي من الجزيرة، ومؤكداً أن القبارصة الأتراك الذين لا يتجاوز عددهم ربع مليون، لا يمكنهم إدارة قضيتهم دولياً بمفردهم. كلام أردوغان تابعه أكينجي على الهواء مباشرة أثناء لقاء تلفزيوني، فبدا عليه استياء شديد من إشارة أردوغان إلى مسألة الدعم المالي، مؤكداً أنه لن يتراجع عن موقفه. وقبل أن يشنّ الرئيس المنتخب هجوماً مضاداً، اضطُر إلى قطع المقابلة من أجل الردّ على اتصال هاتفي من أردوغان التي دعاه خلاله إلى زيارة أنقرة وإجراء حوار بعيداً من وسائل الإعلام. وأوحت خطوة الرئيس التركي بتدخل مستشاريه، لمنع مزيد من التدهور العلني في علاقته مع أكينجي. لكن الأخير يرى فرصة حقيقية للتوصل إلى اتفاق مع القبارصة اليونانيين، في وجود الرئيس نيكوس أناستاسياديس، زميله في توجهاته اليسارية، والزعيم القبرصي اليوناني الوحيد الذي صوّت لمصلحة قبول الخطة التي طرحها الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي أنان عام 2004 لتسوية القضية القبرصية، وقبلها الشطر التركي من الجزيرة فيما رفضها الجانب اليوناني. كما يأمل أكينجي بأن تذلّل ثروة الغاز المكتشفة حديثاً، عراقيل كثيرة في المفاوضات الديبلوماسية، لذلك لا يريد أن تستخدم أنقرة المسألة القبرصية، لمساومة قبرص وإسرائيل على مدّ خط غاز عبر تركيا بشروط أنقرة، بحيث تبقى مسألة قبرص مجمّدة إلى حين تأمين الحكومة التركية مصالحها الاقتصادية. كما يشير مقرّبون من أكينجي إلى انزعاجه من دعم أنقرة الواضح لزعماء اليمين القوميين في الجزيرة، لتأمين فوزهم في الانتخابات وفرض وصايتها من خلالهم. كما أنه مستاء من الخط الإسلامي الذي تدعمه الحكومة التركية، والذي بدأ يتسلل إلى الجزيرة التي تتبنّى عادات أوروبية. وعلى رغم أن أردوغان يدرك أن أتراك قبرص يحتاجون دعم بلاده لهم، إلا أنه يعلم أيضاً أنه إذا خسرهم، فستخسر تركيا أهم موقع استراتيجي لها في شرق المتوسط. لذلك اضطُر رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إلى قطع حملته للانتخابات النيابية المرتقبة الشهر المقبل، لاستقبال أكينجي في أنقرة والتعامل معه بأسلوب مختلف عن أسلوب أردوغان، لعلّه يحول دون خسارة صديق جديد لتركيا في عالم الديبلوماسية الذي ضاق كثيراً خلال السنوات الأربع الماضية. على صعيد آخر، أمرت محكمة في إسطنبول باعتقال 24 شخصاً اتهمتهم رسمياً بـ»الانتماء إلى منظمة إرهابية» و»تدمير ممتلكات عامة» و»حيازة متفجرات»، بعد احتجازهم خلال تظاهرات عيد العمال.

مشاركة :