دخلت القاهرة مرة أخرى في معركة مع مصانع حديد التسليح والصلب، بعد إعلانها أمس فرض رسوم إغراق، تتوقع أوساط القطاع أن تربك الواردات الأساسية، ويمكن أن تؤدي إلى نشوء وضع احتكار يشجع الشركات على اعتماد أسعار تناسبها. القاهرة - قررت مصر أمس فرض تدابير وقائية نهائية متدرجة على الواردات من بعض أصناف منتجات الحديد والصلب لمدة ثلاث سنوات. وقالت وزير التجارة والصناعة، عمرو نصار في بيان، إن “القرار يقضي بفرض رسوم وقائية بنسبة 25 بالمئة على حديد التسليح، و16 بالمئة على البليت (خام الحديد)”. وسيبدأ سريان القرار من السبت، في تحرك تهدف منه السلطات إلى حماية الصناعة المحلية من مواجهة إغراق السوق من هذه المادة. وتسمح منظمة التجارة العالمية للدول بفرض رسوما وقائية مؤقتة على واردات الدول الأخرى لأسواقها إذا رأت في ذلك إغراقا يهدد صناعتها المحلية، استنادا إلى شكاوى المنتجين. وتصل أقصى مدة لفرض الرسوم إلى 180 يوما لإتاحة الوقت لانتهاء التحقيقات وفق المستندات التي يقدّمها المنتجون، والتي تؤكد تضررهم من عمليات الاستيراد بهدف إغراق الأسواق. وأشارت الوزارة إلى أن القرار “جاء نتيجة لتأكد سلطة التحقيق من وجود زيادة كبيرة في الواردات ألحقت ضررا جسيما بالصناعة المحلية”. وأضافت “القرار يستهدف حماية الصناعة الوطنية من المنافسة غير العادلة من قبل المنتجات الأجنبية الواردة لمصر بأسعار مغرقة”. ووفق البيانات الرسمية، يبلغ إنتاج مصر من الحديد 7 مليون طن سنويا، واستهلاكها نحو 8 مليون طن حاليا، وتستورد مليون طن لتغطية الطلب المحلي نتيجة الفورة الاستثمارية في قطاع التشييد والبناء بالبلاد. عمرو نصار: سنفرض رسوما وقائية بنسب تتراوح بين 16 و25 بالمئة عمرو نصار: سنفرض رسوما وقائية بنسب تتراوح بين 16 و25 بالمئة وتتبنى مصر مشروعات عقارية عملاقة تلتهم كامل إنتاج البلاد من حديد التسليح، وتشمل عشر مدن جديدة، أهمها العاصمة الإدارية الجديدة، فضلا عن زيادة الطلب السنوية على الوحدات السكنية لتصاعد حالات الزواج، والتي تصل إلى نحو 750 ألف حالة سنويا. وأوضح البيان أن فترة الثلاث سنوات تشمل فترة التدابير الوقائية المؤقتة التي تم فرضها خلال أبريل من العام الجاري، مما يعني أن القرار سينتهي العمل به في أبريل 2022. وكانت وزارة المالية قالت في أبريل الماضي إنها بدأت تحصيل رسوم “وقاية مؤقتة” بنسبة 25 بالمئة على واردات حديد التسليح والصلب و15 بالمئة على البليت لمدة ستة أشهر. وفرضت مصر في عام 2017 رسوم إغراق على واردات حديد التسليح القادمة من الصين وتركيا وأوكرانيا لمدة خمس سنوات. لكن أصحاب مصانع الدرفلة الذين يعتمدون على حديد البليت في إنتاجهم يشكون من القرار نظرا إلى أنه سيرفع تكاليف المواد الخام عليهم. وتقول الأوساط الاقتصادية المصرية إن قرار فرض الرسوم الوقائية سيلحق ضررا بنحو 21 مصنعا لإنتاج حديد التسليح، تعمل على أرض مصر باستثمارات تصل إلى نحو 3 مليار دولار ويعمل فيها نحو 25 ألف عامل. وفي المقابل، سوف تستفيد من القرار مصانع الحديد المتكاملة، ويصل عددها إلى نحو 5 مصانع، في مقدمتها حديد عز والسويس للصلب. وتأتي الرسوم بعد هدنة مع المصانع التي لجأت منتصف العام الماضي إلى استيراد الحديد من السعودية بعد سماح السلطات بذلك. ووفقا لاتفاقية التجارة الحرة العربية، فإن جميع المنتجات ذات المنشأ السعودي تدخل السوق المصرية بإعفاء تام من الرسوم الجمركية. ويختلف الوضع الحالي عن السابق، حيث يشمل منتجات حديد التسليح المستوردة من جميع دول العالم، بعد أن كانت الحرب قاصرة على واردات الحديد من تركيا والصين وأوكرانيا. وكشفت هيئة التنمية الصناعية في مايو الماضي، عن وجود خطط لتحالف إماراتي لضخ استثمارات في صناعة الحديد، لكنها لم تكشف عن أسماء المشاركين في هذا التحالف. وأعلنت مجموعة من المستثمرين الليبيين إنشاء مصنع للحديد في مدينة العلمين باستثمارات 1.5 مليار دولار وطاقة إنتاجية تصل إلى نحو 350 ألف طن سنويا. وقالت مصادر مطلعة لـ”العرب”، حينها، إن المستثمرين الليبيين كانوا يعتزمون إقامة المصنع في مدينة درنة الليبية، لكنهم تراجعوا عن الفكرة نتيجة الاضطرابات الأمنية والسياسية في بلدهم. وأعلنت شركة ميت بروم الروسية المتخصصة في الصناعات المعدنية، مؤخرا، إقامة مشروعين في مصر، الأول مصنع درفلة لإنتاج الحديد في المنطقة الصناعية الروسية بطاقة 150 ألف طن سنويا باستثمارات تبلغ 60 مليون يورو.
مشاركة :