استطاعت السعودية وخلال فترة قصيرة أن تُحدث تحوّلات جذرية لتضع خططها المستقبلية موضع التنفيذ، وبالتالي تُحقِّق تطلعاتها لبناء قاعدة اقتصادية عريضة. واستندت السعودية في بناء إستراتيجيتها على التقنية، وبمعنى أصح الحكومة الإلكترونية. ونجد أن استخدام التقنية دخل في وزارات لم يكن يتوقع أن تتبناها. ومع استخدام التقنية انخفض طلب الخدمة بصورةٍ مباشرة، وارتفعت معها الشفافية. وأصبح بالتالي الفرد يستطيع الحصول على كافة الخدمات دون الحاجة لأن يترك مكان عمله، أو يذهب إلى موقع الخدمة. وهذا الوضع جيِّد على أساس الأتمتة، والتيسير على المواطن، وجعل أموره مريحة. ولكن مع الأتمتة تبرز مشكلة جديدة ومؤثرة تنبع من التدخل الإنساني في التفاعل مع الموضوع، والرد عليه، ومن الجانب الآخر الانتظار وصعوبة التفاعل مع الجهاز. فالجهاز ليس أمامه سوى نعم أو لا، وبناء على الدراسة من شخصٍ ينظر إلى أوراق محددة لاغير. الأمر -وفِي مجال الأعمال- يحتاج إلى نوعٍ من التفاعل مع دارس الموضوع ومتخذ القرار. وعادةً لا تكون قنوات الاتصال مفتوحة، فيصطدم بالتالي المواطن بجدار الرفض. لأن القضية ليست أبيض وأسود، فهناك الرمادي، وهناك أمور يجب أن تفسَّر، وبالتالي يكون القرار مجرداً. لاشك أن الاستناد إلى التقنية في عصرنا الحالي يُعدُّ توجهاً إيجابياً لما له من دور في رفع الشفافية، والتسهيل على المواطن، ولكن الإنسان الذي يكون خلف الجهاز ويدرس ويقرر، له تأثير على طالب الخدمة في ظل وجود مناطق رمادية، وكون التوجه نحو الرفض هو الغالب. ويبقى المواطن أسير الناتج ويعتمد على القدرات خلف الجهاز، ومدى استيعابها ومدى ازدحامها بالمعاملات. وبالتالي لن يعرف النتيجة إلا بعد مرور وقت، وعلى أبعاد قد لا تكون كافية. المشكلة أن الأعمال والتراخيص أصبحت تعتمد على هذا البعد، ولكن من الجانب السلبي، حيث ترتفع احتمالية الرفض ولأي سبب، ولا تستطيع النقاش أو الحوار حولها. وليس أمامك سوى المحاولة مجدداً، وإن كان حظك مع نفس الدارس، فالنتيجة ستكون واضحة وهي الرفض. حيث لا يوجد مَن يبلغك أو يوجهك إلى كيفية التعديل المطلوب حتى تحصل على هدفك، خاصة وأن هناك أبعاداً تدعمك وتثبت حاجتك وأهمية دعمك، ولكن لا تدخل في المعادلة.
مشاركة :