تشجيع النقل الجماعي

  • 10/13/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ابن الديرة يخطئ من يظن أن هناك حلولاً سحرية لمشكلة التكدس المروري في معظم الشوارع الكبرى بمدن الدولة، وأن مئات الآلاف من السيارات التي تجوب البلاد على مدار الساعة، يمكن تنظيم حركتها بانسياب مثالي ومن دون عناء بقوانين وإرشادات وحملات توعية، وغيرها من الوسائل المطلوبة والمهمة، ولكن غير الكافية لإحداث الأثر المطلوب والوصول إلى النتائج المتوخاة وحدها.الاختناقات المرورية مدمرة لأعصاب السائقين أنفسهم ومرافقيهم قبل غيرهم، وتستنزف جهودهم وأوقاتهم بلا رحمة، وتُصيبهم بأمراض العصر المزمنة، وفي المقدمة منها ضغط الدم والسكري، والاستثارة العصبية لأقل الأسباب وجاهة وأهمية، فالوقت يضيع والجهد يتبعثر في القيادة خطوتين والتوقف، والأعصاب تتوتر عندما ينظر السائق ومرافقوه إلى أول الشارع فلا يجدون إلا سيارات متكدسة، متلاصقة، تحاول كل منها تحسين وضعها المروري ولو اضطر سائقها إلى القيام بحركات بهلوانية.المشكلة يخلقها الناس أنفسهم وحلولها بأيديهم، أو على الأقل يمكنهم التخفيف منها، إذا حاربوا المصالح الخاصة لتسود المصلحة المجتمعية التي تفيد الأغلبية؛البداية تنطلق من تنازل أفراد الأسرة الواحدة عن امتلاك كل فرد بالغ منها سيارة خاصة به، يستخدمها حتى لو أراد الوصول إلى مكان يبعد عنه بضعة أمتار، ليس بمنع الملكية فهذا غير وارد، ولكن بالترشيد الذاتي لاستخدامها ضمن أضيق الحدود، وعند الظروف الاضطرارية، والتعاون مع بقية أفراد الأسرة في الاستخدام الجماعي لسيارة أو اثنتين على الأكثر من سيارات الأسرة.والأمر نفسه ينطبق على الأصدقاء، فليس من المعقول أن يتجمع عشرة أصدقاء في مكان ما، بعشر سيارات، فلا المكان يستوعبها ولا الشوارع قادرة على تحمل ضغطها عند تعميم ذلك على بقية الشباب والأصدقاء.والمؤسسة التي تضم عشرات أو مئات الموظفين سيكون من الصعب عليها أن توفر مواقف آمنة لسيارات جميع موظفيها، ويضطر عشرات الآلاف من الموظفين إلى الخروج لأعمالهم بعد صلاة الفجر، والذهاب إلى مقار أعمالهم قبل ازدحام الشوارع، والنوم في سياراتهم ضمن ظروف غير إنسانية حتى يحين موعد بدء الدوام.تشجيع التنقل الجماعي للأفراد واحد من الأساليب الناجحة لمواجهة المشكلة، ويمكن ترتيبه بالاستخدام الدوري لسياراتهم، فيُوفِّرون الطاقة والوقت ويتخلصون من حرق الأعصاب.الإقبال على استخدام حافلات النقل العام سبيل آخر للحل، وهو الأكثر فاعلية، خاصة أن حافلات الركاب عندنا تضاهي الحافلات السياحية لدى غيرنا من الدول، وهي تُضفي جمالاً على شوارعنا والحركة المرورية فيها، وتشكل في الوقت نفسه وسيلة النقل الأكثر أماناً وحماية لأرواح مستخدميها.نحن من صنع المشكلة، ونحن من نمتلك حلولها إذا ارتقى وعينا وتصلّبت إرادتنا، وعقدنا العزم على أن نعيش حياة هانئة بدون «حرقة أعصاب». ebnaldeera@gmail.com

مشاركة :