التغيير من زوايا مختلفة

  • 10/13/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قد تكون مقاومة التغيير من أكثر التحديات التي تواجه التنمية. وفي المقالات السابقة تحدثت عن التغيير من زوايا مختلفة، من الخاص إلى العام. فعلى المستوى الخاص، يقاوم الفرد التغيير ويمر بمراحل متصلة من المشاعر، وصفت في ما يعرف بنموذج الصدمة. لكن الفرد يعيش تجربة التغيير غالباً وهو جزء من مجموعة، فيتأثر برأي الآخرين وردود أفعالهم. لذلك يقترح نموذج (كتر) خطوات محددة لتنفيذ خطة تغيير في مجتمع مؤسسي، لأفراد يعملون لتحقيق هدف مشترك. لا يكفي أن نعرف كيف يستقبل الفرد التغيير، لأن هذا المنظور إجمالاً يفترض دوراً سلبياً للفرد، إنما في مجتمع العمل فالأفراد فاعلون، ويتأثرون برأي المجموعة. في المجموعات الأكبر، مجتمع مدينة مثلاً، نجد أن الأفراد يعيشون في مجموعات لا يجمعهم هدف مشترك. ما يجمعهم هو شبكات اجتماعية تربط الأفراد وتؤثر فيهم بطرق غير مباشرة. من وجهة نظر (نقطة التحول) فإن التغيير يحدث شيئاً فشيئاً حتى يصل إلى نقطة يتسارع التغيير فيها ليصبح علامة فارقة أو ظاهرة لا يمكن تجاوزها. لكن الوصول إلى نقطة تحول يحدث ضمن عمليات غامضة يصعب السيطرة عليها. ومع وجود مقترحات مختلفة لمعالجة موضوع التغيير، فإن الجمع بينها يجعلنا نتصورها مناظير ترى الظاهرة بصور مختلفة. كل هذه المناظير، مثلاً، تختلف في دور الوعي بالتغيير ابتداء. فالوعي بالتغيير طارئ لأن الأصل في الأمور هو السكون حتى تتكون ضرورة أو حاجة إلى الحركة. ولا توجد حاجة أشد أو أقوى من الشعور بالخطر. ولأن الإنسان هو محور التغيير الذي نبحثه، فإن طاقته المحركة تحدد نوع التغيير الذي يحققه ومداه. وإن كان الوعي بالتغيير هو مصدر المقاومة الأول عندما يصبح ضده وهو ما يقترحه نموذج الصدمة، وهو محركه الأوحد عندما يكون معه كما هو في نموذج (كتر)؛ لكننا نرى حالات من التغيير يقودها اللاوعي كما يبرهن عليه مفهوم (نقطة التحول). إن تخطي حاجز الوعي بالتغيير الناعم كما يمكن أن نسميه، هو ما يبدو التوجه الأكثر ملاءمة للتغيير الواسع وطويل الأمد. وكما تشيع اليوم الحاجة إلى التحسين المستمر، فإن التغيير المستمر يصبح مطلباً بالضرورة، لكن الاستمرار صعب ما لم تأخذ منهجية التغيير ذلك بالاعتبار. إن منهجية التغيير التي تتبع خطوات محددة كما في نموذج (كتر) شديدة الميكانيكية مفترضة أن للتغيير بداية ونهاية، أما منهجية نقطة التحول فهي واسعة وطبيعية إلى درجة يصعب السيطرة عليها وتوظيفها لهدف معين رغم كل الجهود التي تبذل للسيطرة عليها. لذلك سنجد المنهجيات التي ظهرت مؤخراً لإدارة التغيير تفضل وجود أدوات يعاد استخدامها بديلاً عن اتباع خطوات محددة فيما يشبه الخطة أو الطريق المرسومة. ومع وجود مجاهيل كثيرة عند التغيير يستحيل التنبؤ بها، لن يكون لدينا سوى أدوات للتغيير تمكننا من هندسته وإدارته.

مشاركة :