المنطقة العربية عاشت حالات اضطراب غير منقطعة؛ منها حروب وانقلابات وتعديات على حقوق ونفي وتأميم، لكننا لم نشهد مظاهر العنف القائم الآن والمستهدف فيه الوطن بتنوع قبائله وفئاته، والمأساة أن الإسلام هو المبرر والضحية وقطعاً كل حالات الاضطراب تستثمرها قوى داخلية وخارجية والاستثناء الآن أن تجد بلداناً عربية مستقرة.. مسميات لتنظيمات وضعت نفسها في عداء مع الجميع، وكان استهداف الأقليات التي عاشت في ظل الإسلام الصحيح أصبحت الهدف للمسيسين الجدد حتى أن العراق، وسورية وليبيا والصومال، وحتى مصر التي عرفت التعايش الحقيقي صارت محاولات تدمير الكنائس، أو الاعتداء على الأقباط جزءاً من محركات الصراع، دون أن نرى من قبلهم، رد فعل على مسجد أو تنظيم إسلامي، والمعيار هنا يقيس مدى استغلال الظروف وتعقيدها وتفجيرها، والمؤسف ان طبيعة هذه التنظيمات تأتي بأشخاص لا يفرقون بين الوطن والحزب أو الجماعة، بل إن استغلال جهل تلك الطبقات وحقنهم بما يداعب خيالاتهم وأمانيهم، ذهب بالقيادات إلى إعطاء حق الشهادة بقتل مسلم ودخوله الجنة بسبب هذه الجريمة.. كل حالة فقدان للأمن يقود إلى دوافع انتقام واعتداء والوطن العربي تحول إلى غابة وحوش، ولم يعد الأمر يقتصر على ندرة الوعي إذا عرفنا أن قيادات التنظيمات القديمة من يسارية وقومية، إلى الطائفية بأشكالها المختلفة الجديدة يديرها أصحاب مؤهلات عليا، تجعل مصالحها فوق الوطن، وهذا المأزق صار من التعقيد بحيث تصعب معالجته حتى أن الانقسامات أحدثت تغييراً في الولاءات بحيث رأينا من يذهب إلى تحالفات مع دول إقليمية، وضعف المواطنة ليس فقط نقصاً في التربية أو سلوكاً طارئاً، وإنما تراكم تعقيدات تفجرت لمجرد وجدت فرصتها، وهي ظاهرة عربية، بحيث شهدنا دولاً في كل القارات لم نر فيها الذبح على العقيدة والمذهب والهوية، بل وصلت إلى مستوى من الحكم المدني أسرع من دول عربية مارست ما بعد الاستعمار ديموقراطيات أفضل، وصارت تعيش حالة توافق اجتماعي واتجاه للتنمية الوطنية. الواقع العربي سيدمر نفسه، وقد نسبنا مشاكلنا إلى الاستعمار وأذناب الاستعمار، وقد تخلصنا من ذلك ليولد ما هو أكثر جنوناً في تصعيد الحروب والتشتت الوطني، ولا نجد سبباً وجيهاً إلاّ أن الوحدة الوطنية تحولت هدفاً وكما أن الشيوعية كانت تريد إذابة الأديان والقوميات والأعراق في الأممية الكبرى، فإن لدينا من يرى في نيجيريا أقرب من وطنه إذا تلاقت أهداف الجماعات والأحزاب، وهذا الخلل ناتج عن ضعف الهوية لصالح غيرها.. لم يقتصر الأمر على الحالة السياسية الظاهرة عندما ذهب البعض إلى تسييس كل شيء باسم معتقده، والطريق مليء بالمتفجرات، وهناك من يسعى لتدمير كل ما تطاله أسلحته، والخاسر في النهاية وطن عربي تغنينا فيه وحدته من المحيط إلى الخليج فدخل حالة الشتات..
مشاركة :