اخفض الضوء، جسدي ينقصه شيء

  • 10/14/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

اخفض الضوء، جسدي ينقصه شيءرابعة الختامالطرف الآخر عليه أن يتفهم هذه الاختلافات الطارئة والتي ربما تكون دائمة في الكثير من الأحيان.الدعم النفسي والعاطفي أحد أسباب المقاومةالاستمتاع بالعلاقات الزوجية يحتاج لثقافة التقبل، حب الشريك بغض النظر عن الفروقات الجسدية بين إنسان وآخر، التقبل في ذاته نوع من الحب غير المشفوع بالكلمات المعسولة، دعم نفسي وعاطفي لا تخلو منه علاقة ما.الشركاء دائما في حاجة ماسة للتقبل، خاصة لمريضات سرطان الثدي المتعافيات وبعض الأمراض المتعلقة بالاختلافات الجسدية والندوب الناجمة عن تلك الإصابات، أو غيرها، علاقات ينقصها الكثير من الوعي وثقافة الحب غير المشروط بالشكل الخارجي، تحتاج لتفهم الطرف الآخر لهذه الاختلافات الطارئة والتي ربما تكون دائمة في الكثير من الأحيان.هناك بعض الأسرار التي لا نريد لغيرنا أن يكشف سترها ويخدش أناقة نخفيها عن الأعين، ربما أدرك من اخترع النسيج والملابس هذه الفلسفة الدفينة فأراد مساعدتنا بهذا الكم الهائل من الألبسة والمعاطف التي تحيطنا بسياج من الخصوصية والستر الجميل.على وجه الخصوص، ينبغي أن يدين البشر بالشكر للإنكليزي أدموند كارترايت صاحب براءة اختراع أول ماكينة نسيج عام 1785، والتي لم تكن أكثر كفاءة من النول اليدوي لكنها كانت تفي بالغرض.ربما كانت للملابس وظيفة ثقافية واجتماعية وربما حملت قيمة تراثية على مر التاريخ بيد أن الحقيقة الراسخة أن للملابس قيمة إنسانية فارقة، فهي تخفي خلفها أوجاع بشر كثيرين، مأساة يلخصها المثل الشعبي المصري “ياما الهدوم بتداري”.تخشى صديقتي المهندسة المتحققة في عملها المقهورة في بيتها من ممارسة العلاقة الحميمة مع زوجها بثدي مسطح! قضم مشرط الطبيب نصفه ليجري بحثا طبيا على ورم انفرد بجسدها وخشي الأطباء من مغادرته موضعه، وحتى لا يعبث بأجزاء وأجهزة أخرى أو يلوث أنسجة جديدة حاصروه بجراحة بسيطة نالت من تدويرته وشكله الخارجي.قالت لي: ممارسة العلاقة في الظلام تعفيني من نظرات عينيه، أعلم أنه يتحسس جسدي ويحفظ ما به لكنني لم ولن أعتاد تلك النظرات التي تجردني مما أستتر به من خجل، تعريتي من ألمي، وامتصاص الورم للخارج لم يكن إنجازا إلى جانب ما شعرت به بعد كلمات زوجي وتعليقاته، حتى وإن حاول جاهدا مواراتها.ربما أستطيع خداع المارة بتلك الملابس المكومة على صدري لتخفي ما به، أو ما ليس به بالأحرى، ببعض حيل بسيطة أستطيع أن أبدو امرأة مكتملة الأنوثة بصدرية منتفخة أو حشوة سيليكون، أو طيّ بعض المحارم، وقد يلعب التجميل دورا فاعلا، لكن يظل زوجي هو الشخص الوحيد الذي لا يمكنني خداعه!تطلقت زميلة صحافية تعمل في مؤسسة كبرى فور معرفة زوجها بإصابتها بهذا المرض اللعين، لم يطق الرجل أن يكون محاربا جسورا معها في ذات الخندق، ورقة صغيرة وتنصل من المسؤولية تجاه زوجته التي ترك في قلبها وجعا بحجم الكون، تخيل الرجل أنه بفعلته غاب عن المشهد كلية، نسي أن بينهما طفلتين.وحين كتب الله لها السلامة وانتصرت عليه، وأصبحت تستضاف في البرامج التلفزيونية كمحاربة للسرطان واعتبرت إحدى أهم أيقونات التحدي، هاتفها الرجل في محاولة منه للعودة إليها مرة أخرى لكنها رفضت بتحد صارم، وقالت له كنت أريدك بجانبي سابقا وقتما انعدمت ثقتي في نفسي، لكنني بعد ترميم الجسد والروح معا لم أعد في حاجة إليك.كم من الوقت مر علي وأنا أنتظر منك رسالة، أو مكالمة هاتفية، فقط تقول لي: أحبك، أريدك كما أنت هكذا.في بعض الأحيان نحتاج لمن يخبرنا بأننا نستحق، بأن الحياة لا تكتمل بغير وجودنا فيها، إلى شريك يخبرنا بأننا سر الحياة، بأننا نضيف لها طعما ولونا ورائحة.في أوقات كثيرة نحتاج من يقدر ضعفنا ويستوعبه، حتى وإن ظل الضعف يهاجمنا كنوبات متلاحقة في اليوم الواحد مئة مرة.من يكفكف الدموع بحنو، يربت على أكتاف أثقلها المرار، دعم الشريك وتقبله لتقلبات مزاجية تتعكّر أكثر مما تصفو هو العلاج الأمثل لكافة الأمراض، يقوي جهاز المناعة.كم من الأوجاع تنتظر كلمة أنا أحبك كما أنت، أريدك هكذا، أتقبلك بما أنت عليه، ولا أرى ما بك نقصا أو عيباُ، حين فقد الثدي بريقه وانطفأ خارجياُ، دنت السماء من رأسي، وعوضا عن تحطمها وجدت يدا قوية تنهضني من جديد.تطور الوعي البشري لتحمل بعض المسؤوليات الحياتية للشريك وفي العلاقات التشاركية وأهمها الحب والزواج ضرورة تقتضيها طبيعة الحال حتى تستمر الحياة.كاتبة من مصر

مشاركة :