وسط استمرار انخفاض أسعار النفط العالمية، تبرز فرصة تاريخية أمام بعض الدول النفطية لتخفيض الدعم عن الطاقة الذي بات يشكل عبئاً كبيراً عليها. ووافقت بعض الحكومات على غرار الغابون وأنغولا وإندونيسا، بسبب زيادة أعباء تراجع عائدات الصادرات النفطية، على إجراء تخفيضات حادة على الاستهلاك المحلي للطاقة، بينما تدرس دول أخرى على غرار الإمارات القيام بخطوات مماثلة. وبرر وزير النفط الإماراتي سهيل المزروعي هذا قائلاً «يشجع دعم الطاقة على زيادة الهدر، لذلك لا بدّ من اتخاذ خطوات جدية للحد من ذلك». وبحسب إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فقد ارتفع استهلاك النفط في الإمارات نحو 10 مرات خلال العقود الثلاثة الماضية، وبات يشكل اليوم نحو 20 في المئة من الإنتاج. وواجهت بعض الدول كالكويت صعوبات في تطبيق قرار رفع الدعم، فعلى الرغم من ان البلاد تواجه عجزاً محتملاً في الميزانية بقيمة 8.23 مليار دينار (27.2 مليار دولار) خلال العام المالي المقبل، إلا ان محاولتها تطبيق قرار رفع الدعم عن الديزل ومضاعفة سعره ثلاث مرات في يناير الماضي واجه معارضة شديدة في مجلس الأمة، ما دفع الحكومة إلى تخفيض السعر إلى ضعف السعر السابق. في المقابل، تسعى بعض الحكومات إلى رفع الدعم عن الطبقات الغنية التي تعتبر المستفيد الأكبر من تدني أسعار الوقود، مع المحافظة عليه بالنسبة للطبقات الفقيرة، أو موازنة تخفيض الدعم بتقديم المزيد من الدعم الاجتماعي لهذه الطبقات. وفي هذا الإطار تتوجه البحرين لتحويل الدعم نحو الشرائح الاجتماعية الفقيرة من المجتمع دون سواها. وشدد وزير النفط البحريني عبد الحسين بن علي ميرزا على أنه «في ظل تراجع أسعار النفط، هناك فرصة لكل دولة لإعادة البحث في نظام الدعم الذي تعتمده». في المقابل، أبدت معظم الدول النفطية ترددها لاجراء تخفيضات كبيرة في الدعم خوفاً من أحداث الربيع العربي. ففي نيجيريا أجبرت الحكومة على التراجع عن قرارها تخفيض الدعم بعد الاضطرابات التي شهدتها البلاد في 2012. وسبق ان صرح أمين عام منظمة (أوبك) عبدالله سالم البدري لصحيفة «وول ستريت جورنال» ان «الوقت قد حان لتجربة بعض الطرق الجديدة». ولفت كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي أوليفر بلانشارد إلى أن تراجع أسعار النفط يوفر بالنسبة للدول المصدرة للنفط فرصة كبيرة لرفع الدعم بكلفة سياسية أقل«. وبحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية تصل تكلفة الدعم في الدول المنتجة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نحو 200 مليار دولار سنوياً. ويشكل الدعم على البنزين أو الكهرباء إفادة كبيرة للعديد من المواطنين في الدول المصدرة للنفط، والتي يتزايد سكانها بشكل كبير ليصبحوا أكثر ثراءً. ويساهم تشجيع الاستهلاك المحلي في تخفيض حصة الخام الذي يتم تصديره، في حين ان وصول أسعار النفط نحو نصف ما كانت عليه منذ 9 أشهر، بات يزيد من كلفة الدعم على هذه الدول. من جهته، علق رئيس مجلس إدارة مجموعة«ألفا»البريطانية للاستشارات عن توقيت تخفيض الدعم قائلاً«مع انخفاض الأسعار، يمكن للحكومات رفع الدعم دون اعتراض أحد. وفي حال امتنعت هذه الدول عن اتخاذ هذه الخطوة الآن، فإنها ستخسر عائدات الصادرات النفطية الإضافية عندما تعود الأسعار للارتفاع». (وول ستريت جورنال)
مشاركة :