أفرزت النتائج شبه النهائية للانتخابات المحلية في المجر سقوطا مدويا لحزب فيديس اليميني المتطرف، الذي يحكم البلاد منذ 2010، حيث انتزع مرشح المعارضة جيرجي كاراسوني منصب عمدة بودابست من مرشح حزب فيديس. وكشفت النتائج التي أعلنها مكتب الانتخابات الوطني بالمجر بعد فرز 92 بالمئة من الأصوات، فوز كاراسوني الذي توافقت عليه أغلب أحزاب المعارضة هناك بنسبة 50.6 بالمئة من الأصوات، أكثر بكثير مما كان متوقعا، مقابل حصول العمدة الحالي استيفان تارلوس الذي ينتمي إلى حزب فيديس الحاكم القومي اليميني على 44 بالمئة. ويمثل انتخاب كاراسوني مرشح المعارضة المشترك صفعة قاسية لرئيس الوزراء القومي فيكتور أوربان، الذي يتولى السلطة منذ عام 2010. وأعلن متحدث باسم الحكومة المجرية أن “الحكومة تحترم قرار سكان بودابست”. وكان كارتشونى قد شبّه انتخابات بودابست بمعركة بلدية إسطنبول في مارس الماضي، التي تمكن فيها مرشح المعارضة من الفوز على مرشح حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. وفاز المرشحون المدعومون من المعارضة بالانتخابات في 13 بلدية من بين 23 منطقة بالعاصمة. وكان حزب فيديس الحاكم يتولى رئاسة 17 بلدية منها قبل هذه الانتخابات.ووصف كاراسوني فوزه بأنه “نصر تاريخي لبودابست”، ووعد بأن تدخل العاصمة المجرية إلى القرن الحادي والعشرين ووسط أوروبا “حيث تنتمي دائما”. ويرى مراقبون أن هذه النتائج تمنح الأفضلية للمعارضة التي تطمح لإسقاط رئيس الوزراء في الانتخابات العامة المقبلة التي ستجري عام 2022، خصوصا إذا اعتمدت المعارضة سلاحها الذي عولت عليه خلال هذه الانتخابات، وهو التعاون في مواجهة فيديس. وتمكنت أحزاب المعارضة المجرية من الاتحاد في هذا الاستحقاق، من أجل السيطرة على بودابست وحرمان حزب أوربان من تحقيق فوز كاسح للمرة الأولى من عشر سنوات.وفي عدد هام من البلديات اقتصر عدد منافسي مرشّحي حزب فيديس على مرشح واحد لتعزيز فرص المنافسة، بعد أن عدّل أوربان القوانين الانتخابية لكي تصب في مصلحة الحزب الحاكم. وقال المحلل في معهد الأبحاث “بوليسي سوليوشنز” أندراس بيرو ناغي إن “هذه الانتخابات تثبت أن تعاون المعارضة يجدي، لقد حققت المعارضة باستراتيجيتها الجديدة أفضل نتيجة لها منذ سنوات”. وأكد بيرو ناغي أن “بودابست هي الجائزة الكبرى، لكن الإنجاز الذي تحقق في عدد من مدن الضواحي لا يقل أهمية”. وأضاف “إنه أول تصدّع في نظام أوربان، ويبدو مضمونا أن الاستراتيجية ستستمر حتى العام 2022”، موعد الانتخابات العامة المقبلة.ويرجع محللون أسباب سقوط الحزب اليميني ديفيس إلى الفضيحة الجنسية المتعلقة بعمدة مدينة جيور زسولت بوركاي. وأثارت هذه الفضيحة، التي سبقت الانتخابات بأيام قليلة، غضبا داخل الحزب، الذي يترأسه رئيس الوزراء فيكتور أوربان. وسعى قادة فيديس المسيحي المحافظ، الذي يروج لقيم الأسرة، إلى التقليل من حجم هذه الفضيحة، لكن المحللين يرون أن تأثيرها على الناخب لا يزال غير واضح. وخارجيا جرى التنديد بهذه الفضيحة حيث تظاهر نحو ألف شخص ضد الحزب في غيور، السبت، إذ حث سياسيون معارضون من مختلف الأحزاب الجماهير على التصويت ضد رئيس بلديتها. ويعد فيكتور أوربان أحد أبرز الوجوه المعادية للمهاجرين في أوروبا وأشرس المنتقدين لسياسات التكتل حيال هذا الملف. ويعتبر منتقدو أوربان أن التشريعات والإصلاحات التي دفع بها منذ وصوله إلى السلطة، قد أرغمت مؤسسات ديمقراطية على عيش حالة من الوهن على غرار الإعلام والقضاء، في الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي. ويقول هؤلاء إن بعض هذه الإصلاحات ساعدت حزب فيديس على إلحاق الهزيمة بأحزاب المعارضة في الانتخابات البرلمانية والمحلية والأوروبية، رغم أن نحو نصف الناخبين غالبا ما يصوتون ضده.
مشاركة :