في الوقت الذي أكد خبراء اقتصادات الطيران أن التوترات السياسية أثرت على معدل الطلب على تذاكر السفر، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، وأن الاضطرابات الجيوساسية تؤثر على إيرادات الشركات، لا سيما مع ارتفاع التكاليف التشغيلية، الأمر الذي ينعكس على الأسعار، ويقلص الطلب على التذاكر، أشار تقرير لاتحاد النقل الجوي «إياتا» إلى أن حركة المسافرين في المنطقة شهدت ارتفاعًا بنسبة 2.9% في شهر أغسطس الماضي، بزيادة عن معدل 1.7% المُسجل في شهر يوليو. وبينما يعتبر هذا النمو أفضل من متوسط معدل النمو المسجل خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، إلا أنه لا يزال أقل بكثير من معدل النمو المكون من خانتين والمسجل في السنوات الأخيرة. ومن المرجح أن يكون تراجع ثقة الأعمال في أجزاء من المنطقة، إلى جانب التوترات السياسية ومرور بعض شركات الطيران الرئيسية بعملية تغيير هيكلية من العوامل التي ساهمت في التأثير على أداء المنطقة. كما ازدادت السعة بنسبة 1.3%، وارتفع عامل الحمولة بواقع 1.3 نقطة مئوية ليبلغ 82.4% وفق ما أعلن عنه الاتحاد الدولي للنقل الجوي «إياتا» في آخر تقرير حديث.وأكد الخبير في صناعة واقتصاد الطيران، الدكتور منصور العيد، أن ارتفاع الطلب على النقل بنسبة 3.8% خلال شهر أغسطس، يعود إلى أن الاقتصاد العالمي يشهد تعافيا لا سيما في أمريكا وأوروبا، فضلًا عن أن أغسطس يشهد موسم الإجازات في العالم، مشيرًا إلى أن كثيرًا من شركات الطيران تتفادى الأجواء الإيرانية والسورية نتيجة الاضطرابات الجيوسياسية، مما يسهم في زيادة نقاط الترانزيت وارتفاع التكاليف التشغيلية، ما ينعكس على أسعار التذاكر ويقلل من الطلب على السفر.وأوضح أن كثيرًا من التغيرات الهيكلية التي حدثت بالنسبة لبعض شركات الطيران سواء في الخليج العربي أو خارجه جاءت نتيجة عدم حصولها على الطلب المناسب لاستمرار عملياتها، مما دفعها إلى التفكير في الاندماج مع خطوط طيران أكبر منها.وأشار إلى أن الخطوط القطرية تعاني كثيرًا من قلة الطلب، منوهًا بأن سوق الطيران في المنطقة يمر بأزمة لا سيما أن الاضطرابات السياسية تؤثر على حركة السفر وإيرادات شركة الطيران، ما يحتم على خطوط الطيران الصغيرة الاندماج مع شركات الطيران الكبيرة التي تستطيع تحمل انحسار الطلب في بعض الأوقات، وبالتالي عندها القدرة المالية على الاستمرار، لافتا إلى أن سوق الطيران تمر بعملية إعادة هيكلة وخلال السنتين القادمتين ستستحوذ الكثير من الشركات الكبيرة على نظيرتها الصغيرة.ومن جانبه، أكد الخبير في أمن وسلامة الطيران، الكابتن سعد الشهري، أن خطوط الطيران الدولية قد تم ربطها بأسلوب يستوعب الكثير من المتغيرات السياسية مما يكون عادة تحت السيطرة، مثل قيام بعض الدول بتدريبات عسكرية أو مناورات أو ما شابه ذلك.وأضاف الشهري أن الحروب الداخلية أو الخارجية في بلد معين تؤدي إلى اختلال الأمن ويضعف نتيجة لذلك دور الدولة المركزية، مشيرًا إلى أن الرقابة اللازمة لضمان سلامة النقل الجوي تضعف في أجواء تلك الدولة ويصبح من الضروري تفادي أجواء ذلك البلد بتغيير خطوط الطيران لتمر فوق مناطق أكثر أمانا، مما قد يؤثر على طول الرحلة وينعكس سلبا على اقتصادات النقل الجوي.وأشار الشهري إلى أنه مع ازدهار اقتصاد الطيران وتعاظم الطلب على النقل الجوي الدولي والمحلي، ونتيجة للتغيرات الهيكلية يمثل الأمر تحديا كبيرا للشركات الوطنية الكبرى والتقليدية مما لا يترك أمامها إلا ثلاثة خيارات، الأول أن تستمر معتمدة على دعم الدول لها وتبقى خاسرة وبعيدة عن المنافسة، والثاني أن تعيد هيكلة نفسها لكي تعمل وفق ما يفرضه السوق من عرض وطلب، والثالث هو أن ترفض الدول دعمها وأن تعلن إفلاسها وتخرج من المنافسة تماما.ونوه الشهري بأن إعادة الهيكلة كانت أحد أهم الحلول، ولذلك فقد جرت العديد من نماذج الهيكلة في مجمل الشركات الوطنية وتحت إشراف الدول المالكة، ولعل أهمها اعتماد الخصخصة كأسلوب فاعل يقدم الهدف الاقتصادي على ما سواه، كما أنشأت بعض الشركات شركات جديدة من داخلها بنماذج تشغيل جديدة تواكب متطلبات العرض والطلب وتدعم الشركة الأم وتبوئها مكانة راسخة في السوق الجديد مثلما فعلت السعودية عندما أنشأت شركة طيران أديل.وأكد أن عمليات الهيكلة ستظل هي الوسيلة المتاحة لجميع شركات الطيران للوصول إلى موازنة بين مصاريفها ونفقاتها وتحقيق ربحية تضمن بقاءها.
مشاركة :