التفكير الشيء الوحيد الذي لا يستطيع الإنسان عزله عن الذات.. فمنه تنطلق السلوكيات وبه تظهر التصرفات وفيه تتجلى كفتي الإيجابيات والسليبات. الذات هي «غرفة» عمليات السلوك.. ومنبع استعلامات المسالك، وهي النبع الذي تنطلق منه الإشارات والمؤشرات في جملة القرارات والتوقعات والتنبؤات والتأكيدات.. يعيش الإنسان في صدام داخلي بين «ذات تستقبل» و»نفس تتأثر» فتظل الروح في مرحلة «عصف سلوكي» مذهل يعزف بين عاطفة القلب وعاصفة العقل.. وتتباين المؤثرات بين «قوة ذاتية» و»هزيمة فجائية» وتتأرجح التأثيرات وسط «غلبة الأنا» أو «سيطرة الضمير» وتتفاوت الاستجابات من «حكمة للنجاة» أو «تهور للسقوط» فيكون المشهد واضحاً جلياً بين «الثبات» و»الإثبات». يمر الإنسان في حياته بمراحل عمرية تتوزع معانيها بين الابتلاء والامتحان في محورين للخير والشر وبين قطبين من الفرح والحزن ووسط عطاء يعلوه الصبر والرضا وحرمان يبرزه اليأس والقنوط. فتأتي السلوكيات لتعكس السياسة «النفسية» والاستراتيجية «الاجتماعية» التي تخرج منها «المعاملات» و»التعاملات» وتبرز فيها «الوقفات» و»المواقف». ينظر العاقلون إلى «المنعطفات» في الحياة كتجارب تتشكل في هيئة «مشارب» قد يرى الإنسان الاغتراف منها أو الانحراف عنها فتتوازن من خلالها مسارات «عيشه» وتتزن على ضوئها دروب «معيشته» في ظل تفكير وتدبير يؤول إلى الاستفادة من الأخطاء والإفادة من الفوائد حتى يعيش في تصالح مع ذاته والآخرين. ينظر البعض إلى «الآخرين» نظرة عاجلة ويقيس المواقف بمقياس ذاتي «غارق» في اتباع الظن فيرمي نفسه في متاهات الحكم السريع دون تحكم في «تحكيم» الأناة وتحييد الذاتية وتوظيف التسامح فيظل في «صراع» مهول مع التهور و»نزاع» بائس مع العجلة فيرتمي في سوءات «الظنون» ويضيع في متاهات «الطعون». الذات محور تتجه إليه «المثيرات» وتنطلق منه «الاستجابات» فهي النقطة التي تبدأ منها إبعاد الخطوط المستقيمة والمتعرجة نحو الآخرين في السلوك والمسلك وهي ذاتها الزوايا الضيقة والمنفرجة والحادة التي تشكل دوائر «التعامل» مع الغير فتظل «الشكل» الواقعي و»الهيكل» الحقيقي الذي يبرز «شخصية» الفرد و»إطارات» تعاملاته» واتجاهات «سيرته» وأساسيات «مسيرته» في رصيد «عيش» لا يقبل القسمة إلا على نفسه.. فالنفس رهينة بكل ما اكتسبت.. وتبقى «الحقائق» ثباتاً في حضرة «النفس» وتثبيتاً في حضور «الشاهدين» كلاً وفق ذمته وأمانته. ما بين الاستبصار والانتصار للذات «نزاهة شخصية» يجب أن تكون «الفيصل» في نهج السلوك تحت رقابة «الضمير» الذي يخضع التصرف إلى «تفكر وتدبر» ويحميه من «غلبة «الأهواء و»تغليب» الهواية وصولا إلى تحديد «هوية» تبرمجها «الصفات والسمات» التي تعكس «جوهر» الإنسان وتبلور «مظهر» التعامل وفق «حقيقة النفس» و»وواقعية النتيجة» بعيدا عن «الزيف» و»التزييف». تبقى «الذات» الشاهد الأول على استقبال المثير وإرسال الأثر إلى حيث «التأثير» إما في الاقتناع أو الامتناع في إبداء الرأي أو إظهار المعنى في هيئة أقوال أو أفعال إما أن تحسب للشخص أو تحتسب عليه في ميزان «المنطق» فيظل بعدها في ردة فعل قوامها «التفكير» إما بالقبول أو الرفض ليظل في قطبية مستديمة من التأييد أو الندم. إنها منظومة «الحياة» ونظام «العمر» و»نظم» العيش التي تجعل «الإنسان» في ثبات يجعله صامدًا أمام التغيرات ثابتًا حول المتغيرات أو تغير يجعله متزعزعًا أمام التحولات ومترددًا أمام التبدلات ليمارس محاولاته «الدائمة» في حل صراعاته ونزعاته بالإثبات في خطين متوازيين من الصح أو الخطأ وفي سبيل «مجهول» نحو «انتظار» النتائج.. مما يعكس «ملامح» شخصيته في الأحوال المتبدلة في المعيشة والظروف ما بين ماضٍ انقضى وحاضر يقضى ومستقبل ينتظر القضاء.
مشاركة :