أكدت تركيا أنها ستواصل عمليتها العسكرية شمال شرق سوريا «مع أو بدون دعم العالم»، فيما أعلنت موسكو أن الشرطة العسكرية الروسية تواصل القيام بأعمال دورية في منطقة الحدود الشمالية الغربية حول منبج على طول خطوط التماس بين القوات التركية والجيش السوري. وأعلن التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» أنه نفذ انسحاباً متعمداً من شمال شرق سوريا، فيما بسط الجيش السوري سيطرته على كامل المدينة والمناطق المحيطة بها وعلى بلدة «صرين» شرق الفرات، واستعادت قوات سوريا الديمقراطية «قسد» السيطرة على كامل مدينة رأس العين بعد اشتباكات عنيفة مع القوات التركية والميليشيات الموالية لها، في حين شن الجيش التركي قصفاً عنيفاً على المدينة. جاءت هذه التطورات فيما حمّلت الأمم المتحدة تركيا المسؤولية عن إعدامات تعسفية نفذتها ميليشيات سورية موالية لها بحق مقاتلين أكراد مطلع الأسبوع الحالي، وذكرت الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة لا تزال تسيطر على المجال الجوي فوق شمال شرق سوريا على الرغم من سحب قواتها البرية من هذه المنطقة. وأكدت تركيا أمس، أنها ستواصل عمليتها العسكرية شمال شرق سوريا «مع أو بدون دعم العالم»، منددةً بـ«الصفقة» بين القوات الكردية والجيش السوري. وأعلن مدير التواصل في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون لوكالة فرانس برس «سنواصل قتال المجموعات الإرهابية، وداعش من بينها، إن قبل العالم بذلك أم لم يقبل»، واصفاً الاتفاق الذي توصلت إليه القوات الكردية والجيش السوري بهدف محاولة صدّ الهجوم التركي بأوصاف سلبية. وتمكنت قوات سوريا الديمقراطية «قسد» من استعادة كامل مدينة رأس العين القريبة من الحدود مع تركيا. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان له أمس، أن استعادة «قسد» للمدينة جاءت في إطار الهجوم المعاكس الذي بدأته مساء أمس الأول، وبعد اشتباكات عنيفة مع القوات التركية والميليشيات الموالية لها في المنطقة. وأوضح البيان أن قوات «قسد»، تمكنت من استعادة السيطرة على كامل مدينة رأس العين، ليقتصر وجود القوات التركية على منطقة معبر رأس العين. وفي السياق ذاته، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أمس، أن الجيش السوري بسط سيطرته على مدينة منبج والمناطق المحيطة بها. وذكرت الوزارة في بيان أن الشرطة العسكرية الروسية تواصل القيام بأعمال دورية في منطقة الحدود الشمالية الغربية حول منبج على طول خطوط التماس بين القوات التركية والجيش السوري. وأشارت إلى أن القوات الأميركية غادرت قواعدها في بلدة «دادات» القريبة من منبج واتجهت نحو الحدود العراقية. كما وسع الجيش السوري سيطرته في شرق الفرات، أمس، ودخل إلى بلدة «صرين» في إطار انتشاره في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية شرق الفرات. وقال القيادي في مجلس منبج العسكري صدام الحمد: «انتشرت القوات الحكومية السورية في بلدة صرين حوالي 50 كم شرق مدينة منبج و30 كم جنوب مدينة عين العرب كوباني، وتسلمت كل المقرات التي كانت تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية». وأكد الحمد أن القوات الأميركية التي غادرت قواعدها في محيط مدينة منبج، وتوجهت إلى قاعدة «خراب عشق» في ريف حلب الشرقي، منعت الجيش السوري من التوجه إلى عين العرب. وحول العمليات العسكرية بين قوات «قسد» وفصائل المعارضة المدعومة من الجيش التركي قال القيادي في مجلس منبج العسكري: «هناك اشتباكات متقطعة، ولكن دون تقدم لفصائل المعارضة الموالية للجيش التركي». ومن جانبه، قال قائد عسكري في الجيش الوطني السوري الموالي للجيش التركي «سيرت الشرطة العسكرية الروسية دوريات على طول خط التماس شمال غرب منبج». وقال القائد العسكري، إن القوات التي دخلت مدينة منبج أمس، هي عناصر الوحدات الكردية التي كانت تتركز في حي «الشيخ مقصود» بمدينة حلب. وعلى صعيد متصل نقلت وكالة «انترفاكس» الروسية للأنباء عن المبعوث الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف قوله إن سوريا وتركيا تجريان حواراً متواصلاً على مستوى وزارتي الخارجية والدفاع وأجهزة الاستخبارات بالبلدين. وأعرب عن اعتقاده بأن العملية العسكرية التركية في منطقة شمال شرق الفرات دفعت الأكراد للدخول في حوار مع دمشق، مشيراً إلى أن روسيا لعبت دور الوساطة في إقامة هذا الحوار الذي جرى في قاعدة «حميميم» الجوية الروسية قرب اللاذقية. وأكد لافرينتيف أن من شأن هذا الحوار أن يساعد في استعادة وحدة التراب السوري. ووصف العملية العسكرية التركية في شمال شرق سوريا بأنها «غير مقبولة»، نافياً وجود أي توافق بين موسكو وأنقرة حولها. ولفت إلى أن موسكو دعت تركيا إلى ضبط النفس، مشيراً إلى أن القوات السورية هي المخولة بالحفاظ على الأمن في المناطق الحدودية، وأن روسيا لم تؤيد دخول أي قوات أجنبية بما في ذلك التركية إلى هذه المنطقة. أمنياً، قتل جندي تركي وأصيب 8 آخرون، أمس، في قصف بقذائف الهاون شنته قوات سوريا الديمقراطية على تجمع للجنود الأتراك. وأعلنت وزارة الدفاع التركية مقتل الجندي نتيجة القصف المدفعي للمقاتلين الأكراد من منطقة منبج. ولم يحدد بيان الوزارة الموقع الذي قتل فيه الجندي، ولكنه أفاد بأن الجيش التركي رد على مصدر النيران وقتل 15 «إرهابياً» على الأقل. كما أعلنت وزارة الدفاع التركية أمس، ارتفاع عدد القتلى في صفوف قوات سوريا الديمقراطية في إطار هذه العملية إلى 595 قتيلاً. وفي سياق آخر، قال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أمس، إن تركيا ربما تتحمل مسؤولية إعدامات تعسفية نفذتها جماعة مسلحة مرتبطة بها، لمقاتلين أكراد، وقيل إنها ظهرت في تسجيلات فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، في مطلع الأسبوع. وقال المتحدث باسم المكتب روبرت كولفيل، في إفادة صحفية في جنيف، إن المكتب حصل على لقطات تصور العمليات التي نفذها فيما يبدو مقاتلو جماعة «أحرار الشرقية» قرب منبج. وأضاف كولفيل أن «تركيا قد تعتبر دولة مسؤولة عن انتهاكات جماعات تابعة لها، طالما سيطرت على هذه الجماعات، أو العمليات التي حدثت فيها تلك الانتهاكات». وتابع «نحث السلطات التركية على البدء فوراً في تحقيق محايد مستقل وشفاف». وفي سياق متصل، ذكر التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في سوريا، أنه ينفذ انسحاباً متعمداً من شمال شرق البلاد. وقال التحالف على موقع التواصل الاجتماعي تويتر: «لقد خرجنا من منبج». إلى ذلك، ذكرت الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة لا تزال تسيطر على المجال الجوي فوق شمال شرق سوريا على الرغم من سحب قواتها البرية من هذه المنطقة في ظل العملية العسكرية التركية.
مشاركة :