استنفار دول حوض المتوسط لمواجهة أطماع تركيا في ثروات قبرص

  • 10/16/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حظيت قبرص بتأييد واسع في قضية تحرش تركيا بمياهها الإقليمية خلال مؤتمر المعرض الدولي العاشر لدول حوض البحر المتوسط الذي افتتح بمدينة الإسكندرية أمس، وكشفت عن تحركات لتكوين لوبي دولي سيتم الإعلان عنه في أبريل المقبل لتأكيد أحقيتها باحتياطات الغاز في سواحلها. الإسكندرية (مصر)- أعلنت دول حوض المتوسط المنتجة للنفط والغاز عن حالة استنفار قصوى لمواجهة تجاوزات تركيا في مجال التنقيب في المنطقة، وتم عقد دورة استثنائية للمؤتمر والمعرض الدولي العاشر لدول المتوسط “موك” بمدينة الإسكندرية المصرية. وتعقد فعاليات المؤتمر العالمي مرة واحدة سنويا بالتناوب بين مصر وإيطاليا، إلا أنه عقد العام الحالي مرتين لأول مرة منذ انطلاقه قبل 19 عاما، كانت الأولى في أبريل الماضي بمدينة رافيينا بإيطاليا. وقال مشاركون في المؤتمر لـ”العرب”، إن تصرفات تركيا الخارجة عن القوانين الدولية في المنطقة لا تتوقف، وبدأت بالتحرش بالمياه الاقتصادية لقبرص، وعزمها التنقيب عن الغاز في المياه الإقليمية الخاصة بها بذرائع واهية، والتلويح باستخدام ما تسميه بدبلوماسية “البوارج الحربية”، وإرسال نحو خمس سفن للتنقيب عن الغاز خلال الأشهر الماضية. وأرخت العملية العسكرية التي تقوم بها أنقرة في شمال شرق الفرات بسوريا، بظلالها على مؤتمر الإسكندرية، وقد تكون لها روافد كبيرة على أمن واستقرار شرق المتوسط ومصير ثرواته وطرق الدفاع عنها. وأضاف هؤلاء، أن التحركات التركية تحتاج إلى وقفة حاسمة ورسالة ملموسة لمواجهة صلف الرئيس رجب طيب أردوغان الذي يبحث عن دور مؤثر في منطقة شرق المتوسط، وجر دولها إلى خلط الأوراق الاقتصادية. وتشير الدراسات المتعلقة بالبحث عن الغاز والنفط والمعادن في باطن الأرض إلى أن تلك المنطقة تعج باحتياطيات غير مسبوقة من الغاز الطبيعي. ويعزز انعقاد الدورة الحالية لموك بمشاركة 350 شركة، يمثلون 24 دولة الموقف القبرصي، لأن الحشد يؤكد على حقوقها ضد أي تجاوزات من قبل أي دولة مجاورة، ويعزز خطط القاهرة لتكون مركزا إقليميا للطاقة في شرق المتوسط. وبدا توقيت المؤتمر للكثير من المراقبين رسالة تحذير لأنقرة، وإشارة على بلورة جماعات ضغط من دول وشركات مهتمة بشرق المتوسط، قد تتحول إلى لوبي حقيقي على تركيا ومصالحها الاقتصادية على مستوى العالم. واستغل الجانب القبرصي انعقاد المؤتمر، وأعلن ديمتريس فيساس القائم بأعمال المدير العام لشركة الهيدروكربونات القبرصية أمام المؤتمر، عزم بلاده إطلاق مؤتمر مواز لدول شرق المتوسط يعقد في نيقوسيا أبريل المقبل، كتوأمة لمؤتمري حوض المتوسط اللذين تنظمهما مصر وايطاليا بهدف إثراء التعاون بين دول المنطقة. وتهدف قبرص من الخطوة إلى تأكيد حقوقها في حقول الغاز التي يتحرش بها الأتراك، وحضور الشركات العالمية المتخصصة في عمليات البحث والاستكشاف بما يقوي ويعزز الموقف القبرصي. ولعل انعقاد الدورة الحالية لموك تحت شعار “مصر.. التكامل بين ضفتي البحر المتوسط”، رسالة لدور القاهرة التي تعد أحد أطراف مثلث الغاز في المتوسط مع كل من قبرص واليونان، والتي تخوض معركة اقتصادية وإستراتيجية مهمة مع أنقرة. ورغم أن الهدف الظاهر لموك الترويج من أجل التنسيق والتكامل والتعاون الإقليمي في مجالي النفط والغاز، لكن التغيرات الجيوسياسية هيمنت على فعاليات المؤتمر المغلف باقتصاديات صناعة هذين المنتجين. وأكد أينوسينزو تيتوني، رئيس الجانب الإيطالي في المؤتمر، أن التغيرات الكبيرة في الإقليم زادت من سخونة منطقة شرق المتوسط بعد اكتشافات الغاز. وقال في تصريح خاص لـ”العرب”، إن “هذه المنطقة أصبحت إحدى أهم مناطق إنتاج الغاز في ضوء الاكتشافات المتحققة في عدد من الدول الأخرى، خاصة بعد تحقيق مصر كشف حقل ظهر ووضعه سريعا على خارطة الإنتاج”. وأضاف “إن هذا الحقل الواقع في المياه الاقتصادية لمصر يعد ضمن أكبر عشرة حقول على مستوى العالم، وأجج الصراع في البحث عن الغاز في المياه العميقة في تلك المنطقة”. ويتحدث أمام جلسات المؤتمر الذي تستضيفه مكتبة الإسكندرية العديد من الضيوف على مدار ثلاثة أيام، يناقشون فيها نحو 128 ورقة بحثية تغطي عددا من الموضوعات الإستراتيجية التي تتعلق بصناعة النفط والغاز. وأوضح وزير البترول المصري طارق الملا لـ”العرب”، أنه منذ بداية انعقاد مؤتمر موك في عام 2000 أصبح من أهم المؤتمرات البارزة في الأجندة العالمية في هذا المجال. ويمثل الملتقى تجمعا مهما للخبراء وصانعي القرار والمتخصصين في قطاع النفط والغاز الطبيعي، وهو فرصة للمشاركين لتبادل الخبرات والتعرف على آخر مستجدات التكنولوجيات الحديثة، خاصة في مجالات البحث والاستكشاف والإنتاج من المياه العميقة. وأعلنت وزارة البترول المصرية أنها استطاعت خلال السنوات الخمس الماضية جذب أعلى معدل في تاريخ القطاع بحوالي 30 مليار دولار. وحققت القاهرة رقما قياسيا في معدل إنتاج الخام والغاز في تاريخها خلال أغسطس الماضي، حيث وصل معدل الإنتاج إلى 1.9 مليون برميل مكافئ للزيت يوميا. وشاركت صناعة البترول في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 30 بالمئة وفي الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنحو 50 بالمئة. وأشار جيرالد شوتمان، نائب الرئيس التنفيذي للشركات المشتركة بشركة شل العالمية إلى أن التحولات الجيوسياسية في المنطقة تؤثر حال عدم احتوائها على عمليات البحث والاستكشاف. وقال في تصريحات خاصة لـ”العرب” إن “مستقبل الغاز خلال المرحلة المقبلة سوف ينصب على المياه العميقة بعد تطور تكنولوجيا البحث والاستكشاف في هذا المجال”. وأكد أن دور المنتديات الدولية، ومنها منتدى شرق المتوسط، الذي دشنته مصر يعزز من طرح حلول للمشكلات التي تواجهها بعض الأطراف المنخرطة في نزاعات بالمنطقة.

مشاركة :