قال مسؤولون كبار بصندوق النقد الدولي إن توترات التجارة بين الولايات المتحدة والصين - أكبر اقتصادين في العالم - تعد مصدرا كبيرا للمخاطر التي تهدد الاقتصاد العالمي، مع «تأثيرات حقيقية» على الأسواق الناشئة.وقال توبياس أدريان، مدير إدارة أسواق النقد والمال لدى صندوق النقد، للصحافيين مساء الأربعاء، إن حرب التجارة بين واشنطن وبكين أثرت بشكل كبير على الأسواق المالية على مدى العامين الأخيرين. وقال مسؤول ثان بالصندوق إن تأثير النزاع ربما يمتد إلى الاقتصادات الأصغر.وتابع: «نحث صناع السياسات في أنحاء العالم على مواصلة العمل معا لإزالة تلك التوترات التجارية؛ لأنها مصدر كبير للضبابية والمخاطر.. هناك تأثيرات حقيقية على الأسواق الناشئة».ورحبت غيتا غوبيناث كبيرة الاقتصاديين بصندوق النقد يوم الثلاثاء باتفاق تجارة أولي وجزئي توصلت إليه واشنطن وبكين الأسبوع الماضي، وحثتهما على مواصلة العمل لإنهاء التوترات التجارية التي تضغط على النمو العالمي وثقة الشركات.وقالت إن الناتج المحلي الإجمالي العالمي سينخفض 0.8 في المائة إذا فرضت واشنطن وبكين الرسوم التجارية الإضافية في أكتوبر (تشرين الأول) الجاري وديسمبر (كانون الأول) المقبل، لكنه سيتراجع 0.6 في المائة فقط إذا تخلت الدولتان عن الزيادات الجديدة.وقال صندوق النقد الدولي في تقرير قبل يومين، بالنسبة للوضع داخل الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، إنه يتوقع أن يشهد الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 3.9 في المائة في عام 2019، وهو أقل بنحو 0.5 في المائة مقارنة مع توقعات أبريل (نيسان) السابقة. كما خفض توقعات النمو الاقتصادي للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية في عام 2020 بنحو 0.2 في المائة إلى 4.6 في المائة.وأرجع الصندوق قراره بالخفض إلى عدم اليقين بشأن آفاق الكثير من الدول إضافة إلى التباطؤ المتوقع في الصين والولايات المتحدة فضلاً عن المخاطر السلبية البارزة.والأسبوع الماضي، أكد الصندوق أن وتيرة الإصلاحات الهيكلية في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية كانت قوية خلال التسعينات؛ لكنها تباطأت منذ أوائل عام 2000.وأضاف أنه باستخدام قاعدة بيانات حديثة حول الإصلاحات الهيكلية، توصل إلى أن الإصلاح في مجالات مثل الحوكمة والتمويل المحلي والخارجي والتجارة وأسواق المنتجات والعمالة قد يحقق مكاسب على المدى المتوسط.وفي تقرير بعنوان «النمو في الدول منخفضة الدخل والأسواق الناشئة وما الدور الذي يمكن أن تلعبه الإصلاحات الهيكلية»، خلص الصندوق إلى أن حزمة الإصلاحات الرئيسية والشاملة قد تؤدي إلى مضاعفة سرعة تقارب الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية مع مستويات معيشة الاقتصادات المتقدمة خلال العقد المقبل، وأن ذلك قد يرفع نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي بنحو نقطة مئوية خلال فترة ما بين 5 إلى 10 سنوات، وقد يؤدي إلى رفع مستويات الإنتاج بأكثر من 7 في المائة خلال فترة ست سنوات.. لكن التقرير أشار إلى أنه في الوقت نفسه، يستغرق تنفيذ الإصلاحات عدة سنوات، ويترتب عليها تكاليف أكبر على المدى القصير عند تنفيذها في الأوقات الصعبة.وعلى صعيد ذي صلة، تسلط الطبعة الأخيرة من تقرير الاستقرار المالي العالمي لصندوق النقد، الضوء على نقاط الضعف المتزايدة في الشركات والقطاعات غير المصرفية في الكثير من الاقتصاديات الكبرى.ومن شأن هذه النقاط وغيرها من مواطن الضعف الأخرى أن تفاقم من أثر الصدمة مثل تكثيف التوترات التجارية أو البريكست الصعب، ما يُشكل تهديداً على النمو الاقتصادي.ويمثل هذا الموقف معضلة أمام صانعي السياسات، فمن ناحية، ربما يريدون إبقاء الظروف المالية تيسيرية لمواجهة التدهور في الآفاق الاقتصادية، ومن ناحية أخرى، يجب أن يحذروا من مزيد من التراكم في نقاط الضعف.ويشير تقرير الاستقرار المالي العالمي إلى بعض توصيات السياسة، بما في ذلك نشر وتطوير أدوات احترازية شاملة جديدة حسب الحاجة للشركات المالية غير المصرفية. خاصة أن الأسواق المالية العالمية عانت من التقلبات والتحولات في التوترات التجارية وعدم اليقين الكبير بشأن السياسات، منذ الطبعة الماضية لتقرير الاستقرار المالي العالمي الصادرة في أبريل الماضي.وتتزايد الديون الخارجية بين الأسواق الناشئة والنامية كونها تجذب تدفقات رأسمالية من الاقتصاديات المتقدمة والتي تشهد معدلات فائدة منخفضة. وارتفع متوسط الديون الخارجية إلى 160 في المائة نسبة إلى الصادرات، مقارنة مع 100 في المائة في عام 2008 بين اقتصاديات الأسواق الناشئة. ومن شأن حدوث تشديد حاد في الظروف المالية وارتفاع تكاليف الاقتراض، أن يجعل من الصعب بالنسبة لتلك الاقتصادات خدمة ديونها.
مشاركة :