من المرجّح أن تبقى عملات الأسواق الناشئة تحت الضغط طالما أن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي ينحو منحى التضييق ومعه الدولار في المسار ذاته. كما أن الركود التالي قد يكون عصيباً على هذه العملات. ويضاف إلى ذلك أن الاقتصاد الصيني يتعامل حالياً مع تباطئه الخاص، وقد تؤدي سياسته القوية بخصوص اليوان الصيني إلى تداول أفقي في أفضل أحوالها، في حين أن المصدرين ذوي الانكشاف العالي على الصين قد يجدون أنفسهم في حالة من الضعف النسبي على صعيد عملات الأسواق الناشئة (أضعف مما مضى)، بينما يتمحور التركيز حول النماذج الأكثر هشاشة.وقال جون هاردي الخبير المالي في ساكسو بنك:«واجهت الليرة التركية، والبيزو المكسيكي، والريال البرازيلي، الضعيفة أصلاً في الأسواق الناشئة خلال النصف الأول من السنة انتخابات هامة في كل من الربع الثاني ومطلع الربع الثالث، علماً بأن الليرة كانت العملة الأضعف بينها على مدى الأشهر ال12 الماضية، وذلك كنتيجة للعجوزات الخارجية الكبيرة وعدم كفاية احتياطات الفوركس، فضلاً عن موقف الرئيس التركي الذي حذر بوضوح من التدخل السياسي بسياسة البنك المركزي معتبراً بأن مشكلة التضخم التركية قابلة للحل عبر تخفيض أسعار الفائدة». وأوضح هاردي أنه بعد فوز أردوغان في انتخابات أواخر يونيو الماضي، عليه الآن طمأنة الأسواق من جديد حول إذا ما كانت الليرة ستتعافى نسبياً قياساً بنظيراتها من عملات الأسواق الناشئة دون حدوث أي عجوزات جديدة. وقد استقطب أردوغان مزيداً من الاهتمام بعد الانتخابات، حيث أقرّ تعديلات دستورية جديدة من شأنها توسيع صلاحيات رئيس الجمهورية بشكل كبير، ما يفضي عملياً إلى تفرّد منصب الرئيس بحكم الدولة.وسيواجه البيزو المكسيكي اختباراً مع الانتخابات مطلع يوليو، إذ يسعى السياسي الشعبوي اليساري أوبرادور إلى تحقيق فوز كبير، فيما تخشى السوق من الإفراط في الإنفاق المالي، وربما من ازدياد التوترات التجارية مع إدارة ترامب.وفيما يتعلق بالبرازيل أكد أن عملتها ستبقى رهينة الانتظار العصيب حتى انتخابات نوفمبر، مع الإشارة إلى أن البلاد تشهد نوعاً من الميول المعادية للديموقراطية مع إضراب سائقي الشاحنات الذين دعوا إلى حكم عسكري تحت قيادة القائد اليميني الشعبوي بولسونارو، والذي يحظى بشعبية كبيرة في الاستفتاءات وسط جماهير غير متحمسين لخياراتهم، لاسيما وأن نظيره الشعبوي اليساري لولا - والذي نال حصته أيضاً من اكتساح استفتاءات الرأي- يقبع في السجن بتهمة الفساد.من جهة ثانية، اعتبرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي أن لدى الاتحاد الأوروبي «ورقة يلعبها» في الحرب التجارية الدائرة حالياً بين الولايات المتحدة والصين ولكن شرط أن يكون «موحداً».وقالت كريستين لاغارد خلال منتدى «لقاءات اقتصادية في ايكس ان بروفانس» في جنوب فرنسا إنه «في ميزان القوى الذي نراه يتشكّل حالياًٍ بين الولايات المتحدة من جهة والصين من جهة أخرى، واللتين تمثّلان شكلين مختلفين تماماً للزخم الرأسمالي نفسه، يمكن لأوروبا أن تلعب ورقة تتميّز بخصوصية بالغة».وأضافت أن «ميزان القوى يتشكّل وفي وسطه أحد ما، إنه أوروبا التي من دونها لا يمكن لهذا الطرف أو ذاك أن ينتصر على الآخر».وإذ اعتبرت أن «لأوروبا (أهمية) استراتيجية لهذا الطرف كما لذاك» ولا سيما في مجال التجارة، أشادت بالسياسة التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي الذي سيشارك في قمة في بكين يومي 16 و17 تموز/يوليو.ولكن لاغارد شدّدت على وجوب أن يكون الاتحاد الأوروبي موحّداً في مواقفه، معتبرة أن الأوروبيين مجتمعين يشكّلون قوة وعزماً، لأنهم عندما يكونون متحدين تكون لديهم قدرة حقيقية على إحداث تغيير.وأضافت المديرة العامة إن الاتحاد الأوروبي يجب أن «يصنع قدره بنفسه وأن يكون في الوقت نفسه مصدر إلهام لدول كثيرة أخرى في العالم». ( أ ف ب )
مشاركة :