أميل الى الشعر المتفرد الذي يقول ما لم يطرق من قبل

  • 10/18/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ترى الدكتورة سعاد أبو شال أن الإبداع لا يقتصر على الفنون، فكل ما نفعله بطريقة مبتكرة تحمل بصمتنا الخاصة بنا هو إبداع. وأبو شال شاعرة بالفطرة، تسعى نحو ترسيخ صوتها الأنثوي الخاص من خلال نصوص شعرية تميزت بحلاوة وعذوبة المعاني المنسوجة في ثوب لغة سلسة منسابة وغير متكلفة تنأى بنفسها عن ضبابية الرمز وتبتعد عن السطحية في آن معا. تشغل أبو شال وظيفة عضو هيئة تدريس بقسم اللغة العربية في كلية الآداب ـ جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بدرجة أستاذ مساعد، وهي حاصلة على الدكتوراه في الأدب العربي. صدر لها: «الوطن والعروبة عند الشاعرات السعوديات» بالاشتراك مع أ. د. بدرية المعتاز، وديوان شعر بعنوان «الشعر عينك والإبحار قافيتي». التقتها اليمامة «على انفراد» أدناه حول تجربتها الشعرية وعدة قضايا ثقافية أخرى: *إذا عرفت نفسك فلا يضرك ما قيل فيها، فماذا تعرفين عن نفسك؟ - بداية أشكرك على اختياري لأكون ضيفة على هذا العدد من مجلة اليمامة المجلة الرائدة ثقافيا، وأرجو أن أكون ضيفة خفيفة على القراء. إنسانة محبة للحياة، دائمة الطفولة، طموحة، متفائلة، تحب الصدق و تكره الظلم والسلبية، تقدر العلم والذكاء، تعشق الشعر، تحاول رسم الابتسامة على شفتيها وشفاه الآخرين. * هل قادك الشعر للتخصص في اللغة العربية، أم قادتك هي إليه؟ - تسربت اللغة العربية إلى سراديب روحي فأضاءتها، فكانت البوابة التي دلفت منها إلى فضاءات الشعر وإلى كل خير، وما أكلت الخبز إلا بلغة القرآن الكريم. * هل تميلين إلى الشعر الذي يعيد إنتاج الواقع؟ أم إلى الذي يهدمه ويبنيه برؤية جديدة وشاملة؟ - أميل إلى الشعر الذي يهز أعماقي هزا، وإلى الشعر المتفرد الذي يقول ما لا نجده مطروقا ومتاحا في أي شعر آخر، ولا يهمني بعد ذلك الطريق التي سلكها في إثارة تفاعلنا مع نصه، فالتنوع مطلوب ويثري التجربة الإنسانية عمقا ودهشة سواء أعاد الشاعر بناء الواقع أو رسم عالما متخيلا ؛ على ألا يعمل أحدهما على إزاحة الآخر أو الاصطدام به. * القصائد الرومانسية والوطنية أيهما تشعرين أنها تختزل الأخرى لديك؟ ولماذا؟ - نحن من يمنح الأشياء تعريفاتها ونحن من يصنع العلاقات بينها ونحن من يجعل هذه جزءا من تلك، أو تلك تندرج تحت مظلة هذه... فالوطن قد يتجسد في الأرض أو في الحبيبة أو في الأم أو في شعور الأمان.. وقد يتجلى عند تحقيق الأهداف واحتضان الأحلام، وقد توجد الأرض فعلا ويشعر ساكنها بالغربة والشتات والضياع، فما تعريف الوطن حينئذ؟! وكما ذكرت آنفا نحن من يعرف الأشياء ويضع حدودها، ويمزجها بمشاعره وانفعالاته. كما أن الرومانسية لها تعريفات وإسقاطات متعددة، وربما اتخذت مظاهر متنوعة تختلف من شخص لآخر. والقصائد الرومانسية - عندي -كيان مستقل عن القصائد الوطنية؛ فأنا أطل على هذه من نافذة، وأرمق تلك من نافذة أخرى، وهذه نهر له مجراه الخاص، وتلك شلال يفيض من نبع آخر، وبينهما برزخ لا يبغيان. * ما أهم ما لفت اهتمام قلمك خلال تجوله بين الوطن والعروبة عند «الشاعرات السعوديات في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن - كلية الآداب» - هذا الكتاب يعد باكورة إنتاجي الثقافي، وتم إعداده مناصفة بيني وبين أستاذتي القديرة البروفسور بدرية محمد المعتاز، ويعد من كتب الاختيارات الشعرية؛ فهو كتاب ينتقي بعض القصائد الوطنية التي فاضت بها قرائح الشاعرات بقسم اللغة العربية في كلية الآداب تحديدا، بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن. وبحكم أنه انتقائي فقد عني بتقديم النموذج والمثال وليس الحصر لنتاج الشاعرات، وقد اقتصر دورنا فيه على الجمع دون الدراسة أو النقد ؛ ذلك أنه مؤلف ليعكس المشهد الشعري الوطني لدى الأكاديميات السعوديات في الجامعة، من باب البر بالوطن أولا، والوفاء لزميلاتي الشاعرات ثانيا، وثالثا : للتعريف بالمبدعات الأكاديميات حتى يتسنى للدارسين تكوين صورة عن نتاجهن الذي يستحق البحث والتحليل. وقد ظفرت من خلال تجولي في أشعارهن بعدة ملاحظات، أجملها فيما يأتي: ١- كثرة الشاعرات اللاتي تغنين في محراب الوطن ؛ فنحن في قسم اللغة العربية وحده نزهو بعشر شاعرات أكاديميات. هذا عدا الشاعرات من كليات الجامعة المختلفة. وعدا المبدعات في واحة النثر اللاتي سيضمهن كتاب آخر بإذن الله. ٢- حضور المرأة القوي وإسهامها الفاعل في إثراء المشهد الثقافي والوطني تحديدا، فالمرأة ليست غائبة أو مغيبة عنه، وهذا يدل على وعيها الكبير، ونضجها الفكري، ومواكبتها لما يجري من قضايا وأحداث تمس وطنها. ٣- كثرة الشعر الوطني لديهن، إذ لا يخلو منه نتاج شاعرة.وكل واحدة منهن لها أسلوبها وبصمتها الخاصة. * لكل كاتب مرجعياته الثقافية، كيف تصفين التفاعل بين مرجعياتك الثقافية والتراثية فيما تكتبين؟ - لا يمكن أن ينفصل الكاتب عن مخزونه الثقافي الذي ترفده عادة عدة روافد، فهو حين يكتب يستدعي بقصد منه أو من غير قصد ذلك المخزون الذي يصبح بمرور الوقت جزءا منه وأسلوبا يميزه، والأسلوب - في أكثر تعريفاته اختصارا - هو الشخصية ! وما يبدو لنا حين نقرأ أي كاتب إنما هو شخصيته. ويحتل التراث نصيبا كبيرا من مخزوني الثقافي، وساعد على ذلك تخصصي في الأدب القديم، وبدت انعكاساته واضحة على ديواني «الشعر عينك والإبحار قافيتي» الذي يضم قصائد يصل عمر بعضها إلى عشرين عاما، حيث أخبرني أحد أرباب التخصص أن لغته تكاد تكون أموية، كما هتفت إحدى الناقدات حين استمعت إلى قصيدة شموخ ملك بقولها: كأنني أستمع إلى شعر عباسي. الجدير بالذكر أن معجمي الشعري وأسلوبي - ومن ثم شخصيتي - كل ذلك تغير على نحو كبير بعد اطلاعي على الشعر الجديد وإعجابي بكباره وتجاربهم شكلا ومضمونا، وإن كان لي لغتي وتجاربي الخاصة بطبيعة الحال. * كيف ترين دورك كصاحبة قلم في رفع مستوى الوعي الثقافي بالكلمة، وتعزيز الوعي المجتمعي تجاه رؤية ٢٠٣٠ في المملكة خاصة فيما يتعلق بالمرأة؟ - في سؤالك ثلاثة محاور : كلمة و رؤية، وامرأة ؛ أما الكلمة فلا شك أن لها دورا كبيرا في التأثير سواء أكانت مرئية - مشاهدة أومقروءة - أم مسموعة، وسواء انطلقت من منبر الإعلام التقليدي أم الجديد. فالكلمة قد تشعل حربا أو تطفئها، وربما زرعت أملا ووردا وابتسامة، أو حطمت قلبا ودمرت إنسانا. وأما (رؤية) القائد الشاب الفذ فهي ترتكز على دعائم قوية ولها أهدافها المتنوعة والشاملة، ونحن ننطلق منها إلى المستقبل المشرق، وسنحققه لأننا (رأيناه) بحول الله وقوته. وأما المرأة السعودية فتتوفر لها جميع الإمكانات التي تؤهلها للنجاح والتألق، وهي مدعومة بقوة من القائد الوالد خادم الحرمين و ولي عهده حفظهما الله، فنحن نراها اليوم وقد أصبحت سفيرة، ونائبة وزير، وعضوة في مجلس الشورى، تشق طريقها بخطى راسخة لتتبوأ مكانتها اللائقة، وتساهم في تحقيق الرؤية جنبا إلى جنب الرجل في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والتعليم والصحة والإعلام...وغيرها. * أن أكون أو لا أكون، متى شعرت كمبدعة سعودية بالتحدي؟ - الإبداع لا يقتصر على الفنون، فكل ما نفعله بطريقة مختلفة مبتكرة خارج الصندوق ويحمل بصمتتا الخاصة بنا هو إبداع، وعليه فهناك المربي المبدع والقائد المبدع والمعلم المبدع.. أن أكون أولا أكون تحد واجهني في منعطفات عديدة في حياتي، منها حين أعددت رسالتي الماجستير والدكتوراه وتجاوزت بفضل الله جميع الصعوبات التي واجهتني، ولعل آخر تلك التحديات حين صدر تكليفي بوكالة الأنشطة الطلابية في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، حيث يجب تقديم فعاليات هادفة وجديدة في مضمونها وشكلها لتكون واجهة مشرفة للجامعة من ناحية، ومن ناحية ثانية يمكن من خلالها منافسة الجامعات الأخرى في عصر غارق بالترفيه والجديد. * كيف تقيمين دور الجامعات في دعم المواهب واكتشافها، وما أهم ما تحرصين على تقديمه لطالباتك من خلال عملك كأستاذة جامعية؟ - بالنسبة للشق الأول من السؤال فإن الجامعات السعودية كلها، الحكومية منها والأهلية تفتح لطلابها وطالباتها قنوات الأنشطة المتنوعة لإبراز المواهب وصقلها وتطويرها في إطار التنافس الخلاق، كما تعتني بتقديم الأنشطة المواكبة للتطورات المجتمعية. ففي جامعة الأميرة نورة مثلا هناك اهتمام خاص بالرياضة حيث أقيمت داخل المدينة الجامعية النوادي والملاعب الرياضية والمراكز الترفيهية، وتم تزويدها بأحدث الأجهزة، والصالات الرياضية التي تمارس فيها الرياضات بمختلف أنواعها تحت إشراف فريق مختص من المدربات السعوديات وغير السعوديات. وتجاوزت الجامعة مرحلة نشر الثقافة الرياضية بين الطالبات إلى مرحلة المشاركة في المناسبات الرياضية المحلية والدولية وحصلت طالباتنا على الكؤوس والميداليات في أكثر من دوري وسباق بين الجامعات. كما أن هناك اهتماما خاصا بالمسرح، حيث تقيم الجامعة مسابقة المسرح على مستوى جامعات الرياض، وهي مسابقة سنوية ذات فرعين ؛ أحدهما في مجال كتابة النص المسرحي، والآخر يختص بالتمثيل والأداء وقدمت في هذه المسابقة العروض المسرحية المبهرة التي لاقت استحسان الحضور والجمهور. أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال، فينبغي أن أشير إلى أمر مهم، فقد أصبح للتعليم في الألفية الثالثة متطلبات جديدة، ولم يعد الطالب والطالبة بحاجة فقط إلى المعلومات التي أصبحت متاحة بضغطة زر. ولذلك فمن المهم أن تتعلم الطالبة مهارة التفكير الناقد، والتفكير التحليلي والتفكير الإبداعي، وربط المعلومة بالواقع وتعلم كيفية تفعيلها في الحياة حتى يكون ثمة معنى وقيمة لما تدرسه فلا يظل حبيسا في قاعة الدرس. بالإضافة إلى تعلم مبادئ الإقناع والإلقاء والحوار، واحترام الرأي الآخر المختلف، ومن المهم أن ننمي فيها تحمل المسؤولية والمهارات القيادية ومهارات التواصل الاجتماعي ما يزيد ثقتها بنفسها. وباختصار فإن المعلومات وحدها ليست كافية للطالب، وإنما عليه أن يتسلح بمجموعة من المهارات التي تؤهله لاقتحام سوق العمل بجدارة واقتدار.

مشاركة :