إذا كان من حق المسؤولين عن مختلف قطاعات الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين أن يشعروا بالزهو حين يتحدثون عما أنفقته قطاعاتهم على الخدمات المقدمة للمواطنين فإن من حق المواطنين أن يشعروا بعدم الرضا عن هذه الخدمات حين يرون ويرصدون العائد من وراء هذا الإنفاق، وأن يعربوا عن حاجتهم إلى مزيد من الخدمات التي ينبغي أن يتم تقديمها لهم، بل إن من شأن المقارنة بين ما ينفق على هذه الخدمات أن يفتح الباب واسعا على احتمالات عدة إن لم يكن منها الشك في مدى جدية من يتحدثون عن هذه المليارات التي يتم إنفاقها فإن مما لا شك فيه أن من بين هذه الاحتمالات ما تتعرض له هذه المليارات من هدر يجعل من العائد من ورائها غير مقنع للمواطنين كما أنه غير مقنع لمن أراد لهذه المشاريع والخدمات أن توفر للمواطنين سبل الرخاء والعيش الكريم. ولعل خير دليل على ذلك تلك الخدمات التي يتم تقديمها في قطاعي الصحة والتعليم والتي توليهما الدولة كل رعاية وعناية، وترصد لهما نصيبا وافرا في الميزانية العامة لا يتوفر لغيرما من الخدمات؛ وذلك إيمانا بما تشكله الصحة من تأمين لحاضر المواطنين وما يشكله التعليم من أمان لمستقبلهم. وإذا ما عرفنا أن المملكة تنفق 5.6 في المئة من الناتج المحلي على التعليم، وهي أعلى نسبة في الإنفاق العالمي على هذا القطاع، وهي النسبة التي تمثل إرادة الدولة كان لنا بعد ذلك أن نستغرب كيف تبقى كثير من قطاعات التعليم مفتقرة إلى كثير من الأساسيات. فالمباني المدرسية ليست جميعها مكتملة التجهيز خاصة فيما يتعلق بالمعامل والمختبرات وأجهزة الحاسب والملاعب الرياضية، فضلا عن تلك المباني المستأجرة والتي تشكل مأساة؛ وذلك لافتقارها لكل المقومات التي يمكن لها أن توفر مكانا يليق بالتعليم وبالطلاب والمعلمين. وإذا ما انتقلنا إلى حقل الصحة فحسبنا أن انتظار مريض لأشهر كي يخلع ضرسا، أو يجري عملية شاهدا على أن ما ينفق في الصحة لا يوفر للمواطن ما يضمن به سلامته فضلا عن التكدس الذي تشهده المستشفيات، وعدم توفر كثير من الأدوية والأجهزة الضرورية. لذلك فإن المطلوب من السادة المسؤولين أن يقولوا لنا ماذا أنجزوا وليس كم أنفقوا.
مشاركة :