رضخت تركيا للضغوط الأمريكية والدولية، ضد حملتها العسكرية تجاه شمال شرق سورية، إذ أعلنت أنقرة البارحة وقف عملياتها العسكرية، في أعقاب زيارة رسمية لمايك بنس نائب الرئيس الأمريكي، ضمن مهمته لإجبارها على وقف هجومه على المقاتلين الأكراد، مصحوبا بتحذيرات الرئيس ترمب من عقوبات مدمرة على الاقتصاد التركي. وجاء إعلان أنقرة وقف القتال في الشمال السوري بعد أيام من إطلاق حملتها العسكرية، وتحذير الرئيس الأمريكي دونالد ترمب نظيره التركي رجب طيب أردوغان من عواقب العدوان على سورية، وتزامنا مع تنديد أوروبي واسع بتلك الهجمات العسكرية التي يشنها الجيش التركي في سورية. وقال الرئيس ترمب في رسالة إلى أردوغان في يوم العدوان التركي على سورية بتاريخ 9 تشرين الأول (أكتوبر)، الذي بدأت فيه العمليات العسكرية التي أطلق عليها اسم "نبع السلام"، "دعنا نبرم صفقة جيدة، حتى لا تصبح مسؤولا عن قتل آلاف الأشخاص، أنا لا أرغب في أن أصبح مسؤولا عن تدمير الاقتصاد التركي"، مذكرا إياه بما فعله في قضية القس برونسون. وأكد الرئيس الأمريكي، أنه عمل جاهدا على حل بعض مشكلات الرئيس أردوغان، قائلا له "لا تخذل العالم، بإمكانك التوصل إلى صفقة عظيمة، الجنرال مظلوم، قائد قوات سورية الديمقراطية، مستعد للتفاوض معك وتقديم تنازلات لم يقدموها من قبل، وأرفق إليكم سرا خطابا أرسله إلي مظلوم". وقال "سيذكرك التاريخ بشكل إيجابي إذا قمت بذلك بطريقة إنسانية وصحيحة، وإلا فسيخلدك التاريخ شيطانا إذا لم تقم بهذه الأمور بشكل جيد، فلا تكن قاسيا ولا تكن أحمق، سأتصل بك لاحقا". وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد أكد أمس، أن الولايات المتحدة ستحاول تسوية الأمر مع تركيا فيما يتعلق بهجومها في شمال شرق سورية، لكن العقوبات ستكون مدمرة، إذا لم تمض المباحثات مع أنقرة بشكل جيد. وقال ترمب للصحافيين في البيت الأبيض قبل ساعات من توجه مايك بنس، نائب الرئيس إلى أنقرة مع مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي "نحن في وضع قوي". كما أضاف ترمب في مؤتمر صحافي مع الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا "أعتقد أنهم سيعقدون اجتماعا ناجحا، وإذا لم يحدث ذلك فإن العقوبات والرسوم والأمور الأخرى، التي نفرضها وسنفرضها على تركيا ستكون مدمرة للاقتصاد التركي". وأشار إلى أنه لم يعط الضوء الأخضر لنظيره التركي أردوغان للتوغل في شمال شرق سورية، مضيفا "أردوغان كان يخطط لهذا التحرك منذ فترة طويلة، وإنه لم يرد تعريض القوات الأمريكية للخطر". وقال الرئيس الإيطالي الذي كان واقفا إلى جانب ترمب في البيت الأبيض "إنه بحث الوضع مع الرئيس الأمريكي وإن إيطاليا تندد بالهجوم التركي"، مؤكدا أنه ستتم مناقشة أردوغان في العقوبات الإضافية التي تواجهها تركيا ما لم توقف أنقرة إطلاق النار. بدوره قال ستيفن منوتشين وزير الخزانة الأمريكي: "إن وزارته أعطت بومبيو وبنس قائمة عقوبات إضافية قد تفرض إذا لم توقف تركيا هجومها، ومن دون الخوض في التفاصيل فإن العقوبات قد تستهدف مزيدا من الوزراء الأتراك ووزارات أو صناعات". إلى ذلك أعلن مايك بنس نائب ترمب، عقب محادثات أمس، مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن اتفاق لوقف إطلاق النار في سورية، وذلك خلال مهمة لإقناع الجانب التركي بوقف هجومه على المقاتلين الأكراد في شمال شرق سورية، حيث يحاول الجيش التركي السيطرة على مدينة حدودية ثانية. وبدأ الاجتماع في القصر الرئاسي في أنقرة بعيد الساعة 12:30 بتوقيت جرينتش أمس، ونشرت الرئاسة التركية صورة للرجلين يتصافحان في مستهل اللقاء، في الوقت الذي توعد فيه أردوغان بمواصلة العملية العسكرية في شمال سورية، إلا أن أنقرة أعلنت وقف عمليتها العسكرية. وحول ردود الفعل الأوروبية، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس، “إن بلادها لن تسلم أي أسلحة إلى تركيا في ظل الأوضاع الحالية”، مضيفة أنها “حثت أنقرة مرات عديدة على إنهاء عمليتها العسكرية في شمال سورية”. وتابعت ميركل في كلمة في المجلس الأدنى للبرلمان “ناشدت تركيا بقوة في الأيام القليلة الماضية إنهاء عمليتها العسكرية ضد القوات الكردية. وأشدد على هذا من جديد الآن، ما يحدث مأساة إنسانية لها تأثيرات جيوسياسية هائلة، لذا فإن ألمانيا لن تسلم أي أسلحة إلى تركيا في ظل الأوضاع الحالية”.وأضاف كادلو في مقابلة مع قناة "سي. إن. بي. سي" قبل إعلان أنقرة وقف الهجوم العسكري، "سنستخدم العقوبات وقد نستخدم مزيدا من العقوبات لكبح تركيا".
مشاركة :