من المعروف أنّ ظاهرة الدعاة الجدد تعدّ ظاهرة ملموسة في العصر الحديث، خاصة في ظل المستجدات السياسية والاجتماعية، التي تستلزم خطاباً تجديدياً يتلاءم مع طبيعة المرحلة، لكن البعض يرى أنّ ظاهرة الدعوة كثيراً ما يساء استخدامها عبر استغلال مفهوم الدعوة في التكسب أو جعلها وظيفة وتجارة يعتاش عليها الكثيرون، لكن لماذا في المقابل يتم إلقاء اللائمة على الدعاة الذين يتقاضون مقابلاً مادياً من وراء دعوتهم؟ سواء من خلال خروجهم على الفضائيات أو طباعة الكتب والمجلدات التي تدر عليهم دخلاً كبيراً في بعض الأحيان، أليس من حق الدعاة الحصول على مقابل مادي من جراء دعوتهم، إذا ما قارناهم بالفنانين ونجوم السينما الذين يتقاضون الملايين، فلماذا يعاب عليهم ذلك؟، وما هو مستقبل الدعاة الجدد سواء كانوا رسميين موظفين أو كانوا مشاهير معروفين في ظل التغيرات السياسية والاجتماعية والفكرية التي تشهدها المنطقة؟، تساؤلات نطرحها على عدد من الدعاة والنقّاد في ظل التحقيق التالي. من حقهم أخذ الأجرة بداية يؤكدّ د.إبراهيم الحازمي أنّ ظاهرة الدعوة الى الله من أفضل وأحسن الامور التي رغب فيها الدين الاسلامي والآيات والاحاديث في فضل الدعوة كثيرة ومعلومة، وبالنسبة لهذه الظاهرة فلها سلبيات، ومنها عدم التحصيل العلمي الجيد للكثير منهم، وانتماء البعض لبعض الجماعات الاسلامية والتعصب لها، وقلة الاخلاص والمتابعة لدى البعض منهم، وجعلها سببا في إصدار فتاوى باطلة وآراء جامدة وباهتة، منوهاً إلى أنّه من حق الانسان أخذ الاجرة على أي عمل يقوم به كما في حديث أبي سعيد الخدري في قصة الرجل الذي لدغ وأخذ الجعل عليه، وغيرها من الاحاديث، وقد أفردها بعض أهل العلم بمؤلف صغير، متسائلاً: «وما الذي يمنع أنّ الانسان يأخذ أجراً ومالاً على ما قام به، خاصة وأنّه تعب لهذا العمل وأخذ الكثير من وقته وجهده وعمره، ومن العلماء من لا يستحب أخذ شيء من الاجرة على أمور الآخرة»، موضحاً أنّ الصواب في هذه المسألة جواز أخذ الاجرة سواء كان العمل محاضرة أو كتاباً أو عملاً إذاعياً أو غيره وإلاّ فكيف يعيش!؟. وعن مستقبل الدعاة الجدد في ظل التغيرات السياسية والاجتماعية والفكرية التي تشهدها المنطقة، يرى الحازمي أنّ هناك من الدول من تضع رواتب للدعاة مثل دول الخليج والازهر وغيرها، وهناك من الدعاة من يأخذ من وسائل الاعلام التي يتعامل معها مصدرا للرزق، وهؤلاء مستقبلهم حسب ظروفهم وحالهم وانتمائهم الحزبي وفكرهم المتجدد فمنهم من يرتفع ومنهم من يسقط. مجردة من المكاسب من جانبه، يعتقد عضو هيئة العلماء الأحرار في سوريا الشيخ عبدالرحمن العكاري أنّ الدعوة الى الله هي تكليف وليست تشريفاً، خصوصاً في خضم هذه الاحداث التي تمر بها أمتنا، ويجب أن تكون خالصة لله لا يقصد بها أي مكسب سياسي أو مادي، ولا يجوز فيها المحاباة بأي حال من الأحوال ولا المداهنة والنفاق، فإن ارتبطت بذلك فهي ليست بدعوة إنّما هوة يقع فيها الكثير من مشايخ هذا العصر خصوصاً اذا لونوا دعوتهم بالسياسة المتغيرة، فحتماً ستتغير أحكامهم باختلاف السياسة، منوهاً إلى أنّ من يتخذها سبيلاً للقتات وطلب الرزق فهنا لا يسمى داعياً، إنّما تاجراً، والتاجر قد تخسر تجارته أو تربح، ولكنّهم هنا بالتحديد ستخسر تجارتهم؛ لأنّه ما كان لله فهو المتصل وما كان لغير الله فهو المنقطع، مشدداً في الوقت نفسه على أنّه لا يعاب على الدعاة تقاضي مقابل مادي جراء دعواتهم، ذلك لأنّه إذا ما تابعنا أحوال الدعاة والمشايخ في أغلب الدول العربية لاحظنا انّ أغلب الأنظمة السياسية تخاف من الدعاة وكلماتهم، خصوصاً إذا كان قائلها من رجال العلم، وممن تسمع كلمتهم لدى العامة من الناس؛ ولهذا اتخذت غالبية هذه الأنظمة سياسة التقشف مع العلماء؛ ليبقوا في سهو عن طلب العلم وينشغلوا في سبيل تأمين قوتهم، مؤكداً على أنّه اذا عمل العالم بعلمه وهو ينوي بداية ونهاية نفع الأمة من علمه والالتزام به فلا ضير في ذلك. ويرفض العكاري إطلاق عبارة الدعاة الجدد على بعض الدعاة؛ لأنّ الدعوة واحدة ومنهاج ومسلك الدعاة واحد، مستنيرين بذلك بالكتاب والسنة، وأنّ أحكام الاسلام لا تتغير بتغير الأزمان فهي واحدة وتصلح لكل زمان ومكان، ولا تعارض بين أحكام الشرع والأزمنة، مشدداً على أنّ مستقبل دعاتنا إن أرادوا بأمتنا النهوض من مستنقعات التخلف والرجعية الى ازدهار الحضارة الفكرية والعقلية فحتماً ستكون بتعاليم الدين، أما إن أرادوا بعلمهم الكسب السياسي والمادي فقط فلن يفلحوا ابداً، وسيبوؤون بالفشل بمهمتهم الدعوية التي وكلوا بها، مطالباً كل الأنظمة العربية فتح باب تيسير الدعوة الى الله ولا يقفون عقبة في طريق العلماء والدعاة، وليكونوا على ثقة أنّ في ذلك فلاح ونجاح الامة، مؤكداً على أهمية أن يخلص الدعاة النية والعمل لله فما كان مصدره القلب لامس القلب وما خرج من اللسان لا يكاد يلامس الآذان. نوعان من الدعاة من جهته يرى المدير العام بوكالة الأنباء الإسلامية لأمريكا الشمالية والجنوبية الشيخ الصادق العثماني أنّ الأمة ابتليت في هذه السنوات الأخيرة بنوعين من الدعاة، دعاة على أبواب جهنم، ودعاة على أبواب الجنة، وهذا الصنف الأخير يعرفون بسيماهم وأحوالهم وأقوالهم وأفعالهم، إنّهم الدعاة المخلصون لله، والمصدقون بالغيب وبأنبياء الله، مشدداً على أنّ المشكلة تكمن في دعاة الضفة الأخرى، دعاة الشعوذة والدجل والسمسرة، والذين همهم جمع المال بأي وسيلة كانت، تراهم سجداً ركعاً يبتغون عرضاً من الدنيا الفانية، لكن سجودهم وركوعهم وصلاتهم لا تزيدهم من الله إلاّ بعداً، منوهاً إلى أنّ ضرر هؤلاء القوم على الإسلام والمسلمين ظاهر وواضح ولا جدال فيه، ويزيد عمقاً وألماً في أوساط الجاليات الإسلامية في بلاد الاغتراب، بحيث أصبح ضررهم يهدد وجود الأقليات الإسلامية في بلاد المهجر، منوهاً إلى أهمية وجود دعاة الرحمن ودعاة الجنة بين أحضان الجاليات المسلمة؛ بغية تقديم وعرض الإسلام ونشر تعاليمه بين الأجيال المسلمة، بالحكمة والموعظة الحسنة، وتنويرها بحقيقة دينها ورسالة نبيها، التي تدعو إلى التضامن والوحدة والاعتصام بحبل الله المتين، والابتعاد عن التفرقة والتنطع والتشدد. ويضيف العثماني قائلاً: «ومن أبرز هذه التحديات فتاوى لبعضهم التي تصل إلى الجاليات الإسلامية عبر فضائيات إسلامية تحولت إلى أسواق تجارية رابحة تدر على أصحابها الملايين من الدولارات، دون مراعاة أحوال الناس، ومصالح العباد والبلاد ومقاصد ديننا الحنيف، وتغيرات الزمان والمكان»، منوهاً إلى أننا كنا قد استبشرنا خيراً بظهور الصحوة الإسلامية المباركة وسط شباب المسلمين في أنحاء العالم العربي والإسلامي، والذي كان محركها هؤلاء الدعاة الجدد «المودرن» لكن مع الأسف الشديد خاب ظننا في هذه الصحوة؛ نظراً لسطحية أفكارها، وعقم أبنائها في فهم الإسلام ومقاصده وأبعاده الحضارية والإنسانية، فبنظرة بسيطة لصحوة وتدين هؤلاء تجد الطامة الكبرى والمصيبة العظمى في تصرفاتهم وسلوكياتهم وأفكارهم وأفعالهم البعيدة كل البعد عن الهدي النبوي ومقاصد ديننا الإسلامي، والذين غالبا ما تمّ شحنهم من قبل هؤلاء الدعاة الجدد بأفكار مثالية «طوباوية» وأحلام وردية وخرافية، مهيباً بأنّ المسؤولية كبيرة اليوم أمام العلماء الربانيين والمشايخ والدعاة الصادقين وأصحاب الفكر والثقافة في ترشيد وتوجيه المسلمين وأبناء الإسلام إلى طريق الخير والصلاح، مشدداً على أنّه إن ترك الدعاة الجدد يتصدرون الفتاوى والخطابة والحوارات التلفزيونية وتعبئة الجماهير فستكون النتائج كارثية وسلبية جداً على واقعنا ومستقبلنا وأوطاننا، وحتى أرواحنا التي أصبحت مهددة ومستباحة من بعض هؤلاء الخوارج الجدد الذين ينتشرون هذه الأيام في أوطان المسلمين كالنار في الهشيم؛ نظراً لأميتهم الفقهية بالعلم الشرعي الإسلامي بمعناه العام. مؤكداً أنّ هذا ما جعل مفهوم العبادة عندهم يضيق وينحصر بين جدران المسجد، على حساب جدران المحلات التجارية والمعامل والشركات الاقتصادية والحياة العامة. القصص الخالية وفي سياق متصل، يؤكدّ كبير الوعاظ في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي د.عثمان الويسي أنّ هناك الكثير من الدعاة في هذا الزمان يركزون على القصص والكلام السفسطائي الخالي من العلم، فهم يدعون الناس الى اتباع رسول الله وتجدهم يحلقون لحيتهم ويتساهلون في الاختلاط ولبس المرأة وقد تكشف وجهها وهي متزينة وتضع كل المغريات على وجهها ومن ثمّ يعتبرون هذا طبيعياً ولا حرمة فيه، مضيفاً في حديثه قائلاً: « تجد واحداً منهم يحرم الموسيقى ويقولون لم يصح حديث في التحريم، فإذا قلت حديث البخاري: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والمعازف)، أجابوا تحرم إن كانت مجتمعة»، منوهاً إلى أنّك لن تجد عالماً من هذه الأمة يقول: يحرم الزنا إذا كان مجتمعاً مع الخمر، ومن هنا فإنّ المعازف حرمتها واضحة بحديث مروي عند البخاري، منوها إلى أنّ المهم عندهم هو المروق من الالتزام بثوابت هذا الدين ومسلماته فهم يتساهلون ويتساهلون حتى أصبحنا نحتاج لمن يطالب بحقوق الرجل، فبمقدار ما نتنازل عن ثوابتنا بهذا الدين بمقدار ما يُسلط علينا أعداؤنا. وعن مستقبل الدعاة الجدد في ظل التغيرات السياسية والاجتماعية والفكرية التي تشهدها المنطقة، يرى الويسي أنّ الدعاة ثلاثة أصناف، صنف وقف من الثورة موقف المعادي والمشكك والذي خذل الثورة والثوار، فهذا الصنف لن يغفر الثوار لهم فلن يكون لهم دور في الدولة الجديدة، وصنف وقف على الحياد، وهؤلاء سينظر في أمرهم وقد يكون لهم دور، والصنف الثالث من كان مع الثورة مؤيداً ومشاركا فهذا الذي له الدور الفعال، مؤكداً أنّ المشكلة كامنة فيمن له دور فعال في المعركة وكان تكفيرياً متشدداً، فهذا الصنف سيتعب البلد ويتعب الأمة، معتبراً أنّ سمعة ومستقبل الدعاة الجدد ستضعف، وستقل حركتهم وفي النهاية لن يصحّ إلاّ الصحيح. المقابل المالي وفي نفس الإطار يعتبر عضو هيئة العلماء والدعاة والخطباء الأحرار الشيخ علي الحسيني أنّ المفترض على الداعية إذا تفرغ للدعوة أن يُكْفَى من الناحية المعيشية؛ لأنّ العلماء في ظل الخلافة الإسلامية كانوا يكفون من بيت المال، أما الآن فمن كان منهم ذو دخل ويريد أن يتبرع فلا بأس ومن ليس كذلك فلا بد من جهة تغنيه عن سؤال الناس، مشدداً على أنّ اتخاذها صنعة يتكسب منها فهذا يؤثر حتى على نفسيته في الدعوة، بحيث لو أغدق عليه الخير يعطي من وقته الكثير ولو ضيق عليه يبخل على الناس بالدعوة وإن لم يشعر أو يتعمد ذلك، مؤكداً أنّ الأصل في الداعية إلى الله أن يدعو إلى الدين، والدين لا يقنع الناس به مقابل مادة، ولكن لما أخذ جل وقته هذا الأمر لم يعد يستطيع التكسب من غيره، بحيث لو تكسب من تجارة فقد يكون أغنى من محقق مخطوطات أو محاضر أو أي عمل في مجال العلم والدين، مشيراً إلى أنّه لا ينبغي أن يعاب عليه المقابل المالي الذي يتقاضاه مع أنّه تفرغ لهذا الأمر، ولكن بعض الدعاة صارت عنده مغالاة في الامر، منوهاً إلى أنّ بعض الدعاة وصل به الحال إلى أن يأخذ 3000 دولار على دورة سريعة يقيمها في بلد ويمضي، مهيباً بالدعاة أن يدعوا الناس إلى الرحمة ودين الرحمة للحفاظ على مكانتهم الدعوية، متسائلاً بالقول: كيف يذكر لهم آيات وأحاديث الرحمة ثم لا يرحمهم، وهذا يجعل عند الآخرين ردة فعل من دعوته والله سبحانه وتعالى قد قال: (لم تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون). ويضيف الحسيني قائلاً: «لو نظرنا للعالم الإسلامي قبل 100 سنة لم يكن هناك مسمى داعية، فكان كل مسلم من المسلمين يسعى جاهداً ليدخل في قول الله عز وجل (ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين)، منوهاً إلى أنّ العلماء كانوا يبينون لهم ما يخفى من الأمور الشرعية، ثم صارت الدعوة أشبه بالمهنة، والدعاة فيها على قسمين، قسم هم من طلاب العلم أو العلماء ممن درسوا من العلم، وقسم من أهل الفصاحة عملهم أشبه بالتحقيق الصحفي، ملمحاً أنّ كثيراً من الدعاة من غير العلماء وطلاب العلم، فالدعوة في خطر لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يتخذ الناس رؤوسا جهالاً يفتون بغير علم فضلوا وأضلوا»، مشدداً على أهمية أن يسعى المسلمون لإعداد الدعاة العلماء، فنحن في زمان يكثر فيه القراء -الذين هم ليسوا قراء القرآن بل ممن يجيد القراءة- ويقل فيه العلماء، مشدداً أنّ أعداء الإسلام يخططون ليل نهار، والمسلمون دعوتهم لا تزال تسري بجهود فردية أو أشبه بالفردية فينبغي أن ينظم الدعاة أمورهم ومراجعهم في ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. منهم منتفعون أما الكاتب والناقد الصحفي فريد جوهر فإنّه يعتقد أنّ الدعوة فرض على كل مسلم، بل على كل مسلم متمسك بدينه وسنة نبيه، فهو مشروع دعوي سواء كانت دعوته قولية أو سلوكية، فالإسلام هو منهج حياة من يوم أن يولد الانسان الى أن يدفن في قبره، فالإسلام دين كامل شامل لكافة جوانب الحياة المختلفة، وهو دين متوافق تماماً مع أصل الخليقة وفطرتها توافقاً تاماً بل ومحكماً، وإن كان انتشاره في العالم جاء عبر التعامل العادل والمتوازن من المسلمين مع غيرهم وتحلي المسلمين بصفات الصدق والأمانة والرحمة وحب الغير، وهذا ما كان عليه رسولنا صلى الله عليه وسلم، ملمحاً أنّ الدعوة القولية حرص عليها نبينا ودعا لها، وهو أسوة لنا عبر الخطابة وتلقي العلم في المجالس، وهذا امر محمود ومطلوب، مشدداً على عدم التحجير في الخطاب الدعوي، فالعبرة ليست فيما يأخذ ولا فيما يقدم، وإنّما العبرة بالنية، فهل نية الداعية أن يستثمر علمه وفصاحته لأجل المال والثراء أو لكي يقال أنّه عالم؟ وهل العلم الذي تعلمه يحق له أن يبيع ويشتري به؟، وهل يشترط الداعية مقابلاً مادياً مقابل دعوته؟، مجيباً بالقول: «أعتقد أنّ هذا غير مستحب، وإنما المطلوب ما كان عليه رسولنا صلى الله عليه وسلم، وللأسف فإنّ الكثرة من الدعاة منتفعون في هذا الزمان إلاّ ان تأثيرهم ضعيف وسطحي، وأعتقد ان مرجع ذلك للنية»، معتبراً أنّ مقارنة الدعاة بالفنانين من حيث الدخل المادي تعدّ بداية النهاية وهذه طامة كبرى، فقد خير الرسول صلى الله عليه وسلم بين المال والذهب والخلود وبين الرفيق الأعلى، فاختار الرفيق الأعلى، فالدعوة لم تكن يوماً خاصة بفئة دون فئة ولا هي مهنة يعتاش المرء منها. وعن مستقبل الدعاة الجدد في ظل التغيرات السياسية والاجتماعية والفكرية التي تشهدها المنطقة، يعتبر جوهر أنّ المستقبل لهم، لكن لا يعلم مستقبلهم إلاّ الله، فإن كانوا مخلصين وصادقين، فمن المتوقع أن يكونوا فقراء بسطاء أو مظفرين منصورين، وهم في كل الأحوال منصورون، إما نصراً أو شهادة، أما إن كانوا غير ذلك فستفتح لهم الدنيا ذراعيها ومآلهم مآل من سبقهم من المرائين والمنتفعين، منوهاً إلى أنّ مسمى الدعاة الجدد ليس بصحيح، فهل في ديننا دعاة جدد ودعاة قدامى، إلاّ ان كانوا ابتكروا وسائل جديدة يوصلون بها دعوتهم لم يسبقهم بها أحد وهذا مالم يحصل، مهيباً بأن ندع التصنيف جانباً وكأننا بذلك نطمس على السلف بدعوة أنّهم قدامى وهذه كارثة يسهم الاعلام بوعي أو بغير وعي في فصل الحراك الدعوي الحالي عن جذوره الأصيلة ومنهج السلف العظيم، مؤكداً أنّ المتلقين في هذا الزمان أضعف من أن ينتبهوا لمثل هذا «الدس» الإعلامي المسيء.
مشاركة :