كشف تحقيق مطول لصحيفة "ميديا بارت" الفرنسية، للكاتب يان فيليبان عن تفاصيل جديدة عن فساد قطر، متمثل في ناصر الخليفي، رئيس "بي إن سبورتس" BeIN Sports، وكيفية تسهيل حصولها على تنظيم كأس العالم من خلال رشوة أحد كبار مسؤولي الفيفا السابقين، وهو جيروم فالكي، الذي كان الرجل الثاني في الفيفا سابقاً. ووضع الكاتب تسلسلًا زمنيًا لبعض الأحداث، وتساءل عما إذا كان هذا التسلسل مُصادفةً كما يدّعون. ففي القضية التي أدت إلى ملاحقته قضائيًا بتهمة "الفساد" في سويسرا، تكشف وثائق سرية كيف نظم ناصر الخليفي رئيس "بي إن سبورتس" تمويل فيلا فاخرة يسكنها الرجل الثاني سابقاً بالاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، وفي الوقت نفسه قام بتوقيع عقد نقل تلفزيوني سخي مع الاتحاد الدولي في وقت كان فيه منح تنظيم كأس العالم لقطر مهدَّدًا. وجاء في المقال: "في سردينيا، في الثالث عشر من أكتوبر 2017، انطلقت سيارات "ألفا روميو" القوية الرمادية التابعة لوحدة الجرائم المالية على الطريق المؤدي إلى ارزاشينا، بالقرب من بورتو سيرفو أو كما تسمى: سانت-تروبيه الإيطالية. وداهم عناصر الشرطة فيلا فاخرة مساحتها 438 متراً مربعاً وتطل على أحد أكثر شواطئ البحر المتوسط جاذبية وقاموا بتفتيشها. كان جيروم فالكي، نائب رئيس الفيفا السابق، هو مستأجر الفيلا السعيد. وفي الأمس قامت عناصر الشرطة الفرنسية التابعة لمكتب مكافحة الفساد بتفتيش مبنى بولون-بيلانكور الذي يضم مقر إدارة نادي باريس سان جيرمان وقناة BeIN Sports ومكتب رئيسهما النافذ ناصر الخليفي، وهو وزير بلا حقيبة ورجل ينفذ ما تريده قطر على صعيد الرياضة. لقد مر عامان منذ أن وجّه الادعاء الفيدرالي السويسري تهمة "الفساد الخاص" إلى ناصر الخليفي وجيروم فالكي. وتشتبه الوزارة العامة للكونفدرالية (الجهاز المعني بالتحقيق والاتهام في سويسرا) في أن يكون ناصر الخليفي رئيس "بي إن سبورتس" BeIN Sports قد قام بتمويل فيلا الأمين العام السابق بالاتحاد الدولي، إذ إنه "مرتبط" بعقد آخر وقّعه الاثنان في نفس الوقت، وهو عقد شراء حقوق النقل التلفزيوني لكأس العالم من قِبل BeIN مقابل 480 مليون دولار. وثائق سرية تم تحليلها من قِبل "ميديا بارت" وشركائها في شبكة التعاون الأوروبية الاستقصائية (EIC)، والتي تكشف كواليس هذه القضية المحرجة للغاية بالنسبة إلى ناصر الخليفي، الذي سبق وأن وُجهت إليه اتهامات فساد في فرنسا فيما يخص قضية بطولة العالم لألعاب القوى. تُظهر وثيقة سويسرية أن مالك قنوات BeIN هو من قدّم الفيلا في البداية إلى فالكي، واشتراها ناصر الخليفي في النهاية بواسطة شركة مسجلة في قطر، ثم أعاد بيعها إلى أحد أصدقائه الذي قام بتأجيرها على الأمين العام للاتحاد الدولي لكرة القدم بشروط غير اعتيادية. يكشف تحقيقنا أيضاً عن وجود صلة محتملة بتنظيم كأس العالم 2022 في قطر، والذي يخضع إلى التحقيق القضائي بتهمة الفساد في فرنسا، وسويسرا، والولايات المتحدة الأميركية. حيث يهتم المحققون الفرنسيون بعقدٍ اقترحه ناصر الخليفي على الفيفا قبل التصويت في الثاني من ديسمبر 2010: وعدت قنوات BeIN بشراء حقوق النقل التلفزيوني لبطولة العالم مقابل 300 مليون دولار، بالإضافة إلى مكافأة قدرها 100 مليون دولار في حال فازت قطر بتنظيم نسخة 2022. بعد دفع ثمن نقل كأس العالم، هل فعلت قطر الشيء نفسه بعد 4 أعوام من أجل الحفاظ عليه؟ تشير وثائق صادرة عن تسريبات كورة القدم (Football Leaks) إلى أن تمديد هذا العقد، الموقع عام 2014 في نفس الوقت الذي تم فيه تأجير الفيلا، من المحتمل أن يكون نظير قبول الفيفا بتنظيم كأس العالم في قطر خلال فصل الشتاء. ويُظهر تحقيقنا على كل حال أن الدوحة كانت كريمة مع الاتحاد الدولي وأمينه العام جيروم فالكي، في الوقت الذي كان فيه تنظيم كأس العالم في قطر مهددًا. رفض محامي ناصر الخليفي، السويسري غريغوار مانجات، الرد على أسئلتنا وفضل التحدث مساء البارحة إلى صحيفة لوموند. واكتفى السيد المحامي مانجات بالإشارة إلى أن موكله "أنكر بشدة ارتكابه أدنى مخالفة للقانون"، واستطرد بأنه "يستنكر التلاعب الإعلامي المستمر والمندرج على نحوٍ يثير الشك تحت خطابٍ سياسي تسبب في نشوء توترات موجهة ضد قطر وضد شخصه". وأضاف قائلًا: "فيما يتعلق بموضوع الدعوى، سيكتفي السيد الخليفي ببساطة بالقول مرة أخرى إنه لا يملك الفيلا، ولم يكن يوماً مالكاً لها". وصرح المحامي باتريك هونزيكر عن موكله السيد فالكي: "إنه ينكر رسميًا أنه تلقى أي منافع غير مستحقه"، كما أشار لنا إلى أنه لم يكن المفاوض ولا صانع القرار فيما يخص العقود مع BeIN وأضاف: "أنه لم يؤثر أبدًا على اتخاذ القرارات بطريقةٍ قد تتعارض مع واجباته". بدأ كل شيء في صيف 2013، وبعد مرور ست سنوات على تواجد جيروم فالكي في الفيفا، الذي أصبح غنيًا؛ حيث يتقاضى 120 ألف يورو شهريًا ومكافأة قدرها 15 مليون يورو. لقد تذوق الصحافي السابق في قناة (Canal+) طعم الرفاهية. ويميل إلى الإفراط في السفر على متن يخت خاص على حساب الاتحاد - إحدى الحالات التي أدت إلى إيقافه في عام 2015، ومن ثم تم حظره لعشرة أعوام واتهامه من قِبل الادعاء الفيدرالي السويسري. كما أشارت تسريبات أوراق بنما (Panama Papers)، لقد أنشأ جيروم فالكي في يوليو 2013م شركة خارجية سرية تسمى "Umbelina" في جزر فيرجن البريطانية، من أجل شراء يخت تصل قيمته إلى 2.8 مليون دولار، وطوله 32 متراً، وأعاد تسميته بـ"أورنيلا" تيمناً باسم زوجته، وتم تجديده بمبلغ 15 مليون يورو. وأشار محاميه إلى أن شركة Umbelina ليس لها أي حساب بنكي وتم إنشاؤها "للحفاظ على علم جزر فيرجن البريطانية التي كان فيها اليخت". يحلم جيروم فالكي بإرساء يخته في بورتو سيرفو، وهي قرية غنية للغاية تقع شمال شرقي سردينيا، والتي تجذب نُخبة أثرياء العالم. حيث تقع فيلا سيليفيو بيرلوسكوني في الجوار. ويتمنى فالكي شراء "فيلا بيانكا" التي يملكها "ليلي مورا" رجل الأعمال الذي ينظم السهرات الشهيرة (bunga bunga) لرئيس الوزراء الإيطالي السابق. وتقع الفيلا داخل منطقة فخمة مسوّرة، إنه منزل الأحلام بمساحة 438 متراً مربعاً، يتضمّن 13 غرفة وحمام سباحة. وفي الثالث عشر من أغسطس 2013، وقّع جيروم فالكي عرض شراء الفيلا بـ5 ملايين يورو، وتم قبوله في بداية شهر سبتمبر. وكَتَبَ في ذلك المساء لأحد المقربين منه: "تم تأكيد شراء المنزل الليلة، أنا أملك عقارًا في بورتو سيرفو!". وفي الثاني من أكتوبر، كتب فالكي لمؤسسةٍ مالية أنه: "ينهي عملية تملك المنزل، بدون ائتمان بسبب التدفق النقدي الاستثنائي الذي يغطي تكلفة التملك، وهي 5 ملايين يورو". تمت صياغة وثيقة البيع بتاريخ 8 نوفمبر، وهو اليوم المقرر للتوقيع. قامت أورنيلا زوجة جيروم فالكي (لقد تطلقوا منذ ذلك الحين) بالتوقيع كمشترية، لأنها تحمل الجنسية الإيطالية، وفقاً لمحاميها. وفي الثلاثين من أكتوبر، أي قبل أسبوع من التوقيع، كتب فالكي وثيقة موجهة إلى ناصر الخليفي وهي عبارة عن تعليمات من أجل شراء الفيلا، "التي يبدو أنه قد سلمها" إلى رئيس نادي باريس سان جيرمان وقنوات BeIN Sports، كما دوّن ذلك الادعاء الفيدرالي السويسري في مذكرة موجزة. كتب فالكي: "عليك توقيع [...] التوكيل الخاص، لمنح المحامي تفويضاً من أجل توقيع وثيقة البيع نيابةً عنك [...]، لستَ بحاجةٍ إلى توقيعه، اِطلع عليه فقط، كل شيء على ما يرام"، وأضاف: "يجب إجراء حوالة بمبلغ 5,070,000 يورو في مطلع الأسبوع القادم إلى حساب كاتب العدل. [...] ويجب أيضاً إجراء حوالة بمبلغ 200,000 يورو إلى حساب [...] لتغطية الرسوم الإدارية للوكالة". ولكن وفي اللحظة الأخيرة تم إلغاء البيع لزوجة جيروم فالكي، وتم استبداله بأسلوب أكثر سرية، وأقل خطورة بلا أدنى شك. وفي الحادي والثلاثين من ديسمبر 2013، اشترى ناصر الخليفي "فيلا بيانكا" من خلال "Golden Homes real Estate" وهي شركة قطرية يملكها الخليفي أقرضها 5 ملايين يورو. بعد ذلك قام رئيس باريس سان جيرمان بنقل أسهم الشركة إلى صديق يعرفه منذ 15 عام والذي بدوره سدد القرض وقام بتأجير الفيلا لفالكي. صديق الخليفي هو رجل قانون فرنسي مقيم في قطر اسمه "عبد القادر بصديق"، يعمل أخوه أحمد في BeIN Sports وهو مستشار مقرب لناصر الخليفي. وكتبت مجلة ليكيب الفرنسية في ذلك الوقت: "في ظل ظله". يؤكد محامي عبد القادر بصديق أن شقيقه هو الذي نصحه بتملُّك الفيلا لأنها كانت "صفقة جيدة". لو اشتراها ناصر الخليفي منذ البداية، فلن يكون ذلك إلا بسبب مشكلة إدارية: "لم يستطع موكلي تملك العقار عن طريق شركة قطرية قبل الحصول على موافقة. وجاءت هذه الأخيرة بعد البيع مباشرة فأصبح فورًا مالك شركة "Golden Homes Real Estate". أكد لنا محامي ناصر الخليفي هذه الحقائق، وعلى الرغم من ذلك لا يزال يدعي بأن موكله: "لم يكن يومًا مالكًا للفيلا"، وهذا غير صحيح. رحلة بطائرة خاصة للتحدث في "العمل" مع الأمير أخبرنا جيروم فالكي، على لسان محاميه، أن هذه صدفة. ويُؤكد أنه "لم يسبق أن كانت هناك أي مشكلة" في أن يموّل ناصر الخليفي ثمن الفيلا، التي كان يأمل في شرائها بمكافأة من الفيفا، قبل إلزامه بالتخلي عنها. ويقول إنه لم يعلم بذلك إلا بعد أن استأجر المنزل في النهاية من رجل ظَهَرَ فيما بعد أنه "مقرّب للسيد الخليفي". لم يستأجر جيروم فالكي الفيلا مباشرة، بل من خلال شركته الخارجية (Umbelina) الموجودة في جزر فيرجن البريطانية، والتي سبق استخدامها في شراء يخته. ويُعتبر عقد الإيجار، الذي كشفت عنه صحيفة لوموند، غير طبيعي على أقل تقدير. تم التوقيع عليه في الأول من يوليو 2014، بعد ثلاثة أشهر من سكن فالكي. وتبلغ قيمة الإيجار 96000 يورو في السنة، ولكن يمكن لجيروم فالكي أن يخصم منه تكاليف تشغيل الفيلا وشراء الأثاث الجديد كذلك. وأشار بيير دومينيك شوب، محامي عبد القادر بصديق، إلى أن موكله أبرم في البداية اتفاقًا شفهيًا بسيطاً مع فالكي، يسمح له بالسكن في الفيلا مقابل دفع "تكاليف التشغيل وبعض تكاليف الإعداد للنقل". ولم يتم إضفاء الطابع الرسمي على الصفقة بموجب عقد إلا في وقت لاحق، من خلال تحديد الإيجار "بحيث يتوافق، بأكثر أو أقل" مع مقدار النفقات التي وعد بتحملها. يقول الرجلان إن جيروم فالكي دفع ما كان عليه أن يدفعه حتى غادر الفيلا في 2015، وهي السنة التي أوقِف فيها من قبل الفيفا. جيروم فالكه "ينكر تلقّي أي ميزة غير مستحقة قطعًا". وتُظهر مستنداتنا أنه استفاد من معروفٍ كبير على أي حال؛ لأنه تمكّن من السكن في الفيلا بيانكا دون الحاجة إلى شرائها مقابل 5 ملايين يورو. يشتبه ممثلو الادعاء في الادعاء العام الفيدرالي السويسري بوجود صلة لذلك بعقد آخر، يشتركان فيه فالكي والخليفي في نفس الوقت، وهو شراء BeIN لحقوق البث التلفزيوني لبطولتي كأس العالم 2026 و2030 مقابل 480 مليون دولار. وتكشف وثائق سرية من تسريبات كرة القدم (Football Leaks) عن القصة السرية. وفي صيف عام 2013، كانت قطر أمام تهديدين، من شأنها أن تُثير الشكوك حول كأس العالم 2022 التي ستنظمها. وكان الأميركي مايكل غارسيا، كبير محققي لجنة الأخلاقيات في الفيفا، يُجري تحقيقًا موسعًا في الفساد المزعوم في إسناد تنظيم البطولة لقطر. ولم يكن الاتحاد، آنذاك، قد قرر بعد ما إذا كان سيتم تأجيل الحدث إلى فصل الشتاء أم لا. ومع أن ذلك كان لا بد منه، لم يتخيل أحد أنه يمكن لعب المونديال في الصيف في درجة حرار تفوق الـ 50 درجة مئوية. وإن كان الفيفا وقتها حائرًا، فهذا لأن مونديال الشتاء لا يناسب أحدًا؛ إذ إنه سيعرقل جداول البطولات الوطنية، وسيجني أموالًا أقل، بسبب المنافسة مع الأحداث الرياضية الأخرى. إن جيروم فالكه في قلب هذه القضية الشائكة. خلال اجتماع للجنة المالية للفيفا في نهاية عام 2013 ، أوضح أن "تاريخ الحدث سيكون حاسمًا لجميع عقود حقوق البث التلفزيوني، لأن العديد من الأحداث الكبرى تجري بين نوفمبر وفبراير، مثل الرياضات الشتوية و السوبر بول (NFL Super Bowl) [نهائي بطولة كرة القدم الأميركية - ملاحظة المحرر] ". وقال إن قرار تنظيم كأس العالم 2022 يمكن أن يُتخذ "خلال عام"، ويجب توقُّع "مناقشات طويلة مع جميع أصحاب الحقوق". في الثلاثين من أغسطس 2013، وقّع فالكي على عرض شراء الفيلا بيانكا. وفي سبتمبر، سافر إلى الدوحة على متن طائرة خاصة مستأجرة من قبل الفيفا بأكثر من 100000 يورو، من أجل "اجتماع عمل" مع أمير قطر شخصيًا. في الثالث من أكتوبر، خلال لجنة مالية تابعة للفيفا، سأله أحد المشاركين عما إذا كانت الإمارة مستعدة للتعويض عن خسارة الدخل المتعلقة بتنظيم كأس العالم في فصل الشتاء. وأجاب فالكي بأنه أشار إلى الموضوع في "اجتماع" مع "ممثلين لقطر": لا ترغب الإمارة في الدفع مباشرة، ولكن الاتحاد يمكن أن يحصل على المال من "الشركاء التجاريين القطريين، من خلال مطالبتهم بمبالغ في حالة التأجيل من الصيف إلى الشتاء". واتفقت قطر والفيفا على "التعاون بشكل إيجابي" لحل المشكلة، وفقًا لفالكي. بعد شهر ونصف من ذلك، قام الفيفا في نوفمبر 2013، بصياغة عقد لبيع حقوق البث التلفزيوني في الشرق الأوسط لمونديالَي 2026 و2030 لـ BeIN Sports مقابل 480 مليون دولار. وزف جيروم فالكي الخبر السار للجنة المالية للفيفا في الرابع من ديسمبر: "تجري مناقشات" مع BeIN Sports حاليًا، لـ "زيادة كبيرة في مبلغ الحقوق". هناك العديد من الأشياء الغريبة في هذا العقد. لم تطرح الفيفا أي مناقصة. أخبرنا مصدران مقربان من الفيفا أنه من غير المعتاد جدًا توقيع مثل هذه العقود مُقدّمًا قبل أكثر من عشر سنوات، على الرغم من أن المونديالَين لم تكن أُسندت بعد. وأضافا أن حقوق البث التلفزيوني بشكل عام تكون ذات قيمة أفضل عندما يتم مفاوضتها في تاريخ أقرب إلى الحدث. وأشار محامو الفيفا، الذين راجعوا مسودة العقد في أواخر نوفمبر 2013، إلى نفس المشكلة. وشددوا على أن "مدة الاتفاقية الطويلة للغاية تُعرِّض لمخاطر قانونية وتنظيمية"، وأن الفيفا مُعرّض لمخاطر مالية مرتبطة بالتضخم وتقلبات أسعار الصرف. ويتبقى أخيرًا المبلغ المُرتفع للصفقة، التي كشفت عنه صنداي تايمز. بلغت الصفقة السابقة 300 مليون دولار للمونديالَين، بالإضافة إلى 100 مليون دولار كمكافأة إذا حصلت قطر على تنظيم نسخة 2022. وليس لهذه المكافأة وجود بالنسبة لنسختي 2026 و2030. لذا وافقت BeIN Sport على دفع سعر أساسي قدره 480 مليون يورو بدلًا من 300، أي 60% أكثر من العقد السابق. وصادقت اللجنة التنفيذية للفيفا في الحادي والعشرين من مارس 2014 على العقد، بعد عرضٍ تقديمي قدّمه جيروم فالكي. ووقّعه جيروم فالكي ونائبه ماركوس كتنر باسم الفيفا في التاسع والعشرين من أبريل 2019، وناصر الخليفي وذراعه اليمنى يوسف العبيدلي من جانب BeIN Sports (وثيقتنا أدناه). وبعد شهرين، وقع جيروم فالكي عقد إيجار الفيلا بيانكا. مصادفةً: اتخذ الاتحاد الدولي بعد ذلك قرارين إيجابيين لصالح قطر. وفي سبتمبر 2014، رفض الفيفا نشر تقرير حول الفساد المزعوم في مونديال 2022 كَتَبَه مايكل غارسيا، الذي استقال من منصبه في ديسمبر. في أعقاب ذلك، قال جوزيف بلاتر رئيس الفيفا إنه لا يوجد أي سبب للتشكيك في التصويت الذي عين قطر. في الرابع والعشرين من فبراير 2015، أوصت لجنة خاصة بعقد كأس العالم 2022 في فصل الشتاء، وهو قرار تم التصديق عليه بعد سبعة أشهر. هل يُمكن أن يكون تسلسل الأحداث هذا مجرد مصادفة؟ أجابنا جيروم فالكي، من خلال محاميه، أنه "لم تكن هناك أي مفاوضات، ناهيك عن اتفاقٍ مُسبق بين قطر و BeIN". وأضاف أنه كان على "علم" بالمناقشات مع القناة القطرية، ولكن لم يكن له أي تأثير "لا على المفاوضات ولا على القرارات". ويُؤكّد أنه لم يتحدث عن هذا العقد مطلقًا في اجتماعات عمله في الدوحة. يَعتبر الأمين العام السابق للفيفا أنه من "الطبيعي" أن قطر قد درست "إمكانية التعويض عن خسارة بعض الإيرادات" المرتبطة بتنظيم كأس العالم في الشتاء. وأوضح فالكي أنه عندما قال في أكتوبر 2013 إن هذه الأموال يمكن أن تأتي من "شركاء تجاريين"، فإن ذلك لم يكن يشمل "الشركاء الإعلاميين مثل BeIN". ووفقا له، "يتوافق العقد مع BeIN مع اكتساب حقوق طويلة الأجل، وهو ما يتماشى مع ممارسة الفيفا" ويسمح بـ "تأمين" مصالحها. واستمرت قطر، على أي حال، في تدليل جيروم فالكي. في فبراير 2015، خلال إحدى الرحلات إلى الدوحة، تلقى ساعة كارتييه (Cartier) بقيمة 40,000 يورو. وأوضح محامو ناصر الخليفي لـ لوباريزيان أن موكلهم ليس له صلة بهذه الهدية، المقدَّمة بمبادرة من دائرة المراسم في قطر. يقول فالكي إنه "لا يعرف" من الذي قدّم له هذه الساعة التي "وُضِعَت في غرفته بالفندق". وفي سبتمبر 2015، تم إيقاف جيروم فالكي من قبل الفيفا. ووفقًا لمعلوماتنا، فقد توقّف عن استئجار الفيلا في نفس العام. ومن جانبه، نقل عبد القادر بصديق، صديق ناصر الخليفي، في مارس 2017 شركة غولدن هوم، مالكة فيلا بيانكا، من قطر إلى إيطاليا. وبعد رحيل جيروم فالكي، تم تأجيرها لسياح أثرياء. ولكن المسكن الأبيض ظل فارغًا منذ عامين، ولا يزال قيد الحجز القضائي. فقد انتهت الحياة الحلوة بالفعل.
مشاركة :