أعلنت قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام في العاصمة اليمنية صنعاء، الأحد، عن مقاطعة مختلف الهيئات السياسية والإدارية للحوثيين، على خلفية إفراج المتمرّدين المسيطرين على العاصمة عن خمسة معتقلين بتهمة محاولة اغتيال مؤسس الحزب، الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي قتله الحوثيون أنفسهم سنة 2017. وأدخلت الصفقة التي أُطلق هؤلاء بموجبها، وتمّت بين الحوثيين وجماعة الإخوان المخترقة للسلطة الشرعية بقيادة الرئيس المعترف به دوليا عبدربه منصور هادي، تعقيدات جديدة على المشهد السياسي اليمني الذي يتوقّع أن تشهد الاصطفافات داخله عملية نثر وإعادة تركيب. وقال موقع “المؤتمر نت” إن اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام اتخذت هذا القرار في اجتماع صباح الأحد، برئاسة صادق أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المنتخب من قبل قيادات المؤتمر في صنعاء عقب مقتل رئيس المؤتمر علي عبدالله صالح في ديسمبر 2017. ووفقا للموقع الرسمي لحزب المؤتمر فقد استنكر اجتماع اللجنة العامة ما سمّاه “عملية الإطلاق المفاجئة للمتهمين المنتسبين إلى التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين في اليمن) بجريمة تفجير جامع دار الرئاسة الإرهابية في الثالث من يونيو 2011، والتي استهدفت رئيس الجمهورية السابق وكبار قيادات الدولة”. وفيما لم يصدر أي موقف رسمي عن قيادات المؤتمر المشاركة في الحكومة الشرعية، بعد حذف وزير الإعلام اليمني والقيادي في حزب المؤتمر معمر الإرياني لتغريدات على موقع تويتر رافضة لهذه العملية، أكد بيان صادر عن قيادات المؤتمر الشعبي العام والكتلة البرلمانية للمؤتمر المتواجدين في الخارج إدانتهم لهذا العمل، الذي وصفه البيان “بالهمجي والأرعن وغير المسؤول”، وأنه “ينتهك كل قيم الشرع والعرف والقانون، ويمثّل انتهاكا صارخا لحقوق الضحايا والقانون الدولي وكل الشرائع والقوانين والأنظمة”. ووصف البيان عملية “تبادل الأسرى”، التي تم بموجبها إطلاق سراح المتهمين بتفجير جامع دار الرئاسة، بأنها “صفقة مشبوهة”، “لما لها من عواقب وخيمة على السلم الاجتماعي”، و“كونها تنسف كل الآمال في الاحتكام للقضاء والقانون وتُؤشر لانتهاج شريعة الغاب”، بحسب ما جاء في البيان. وقال البيان إن “إقدام التجمع اليمني للإصلاح على هذه الخطوة، كطرف في هذه الصفقة تحت مُسمى تبادل الأسرى، إنما يهدف إلى تمييع القضية وتوفير الحماية للجُناة والتستر عليهم، ويوجه رسالة سلبية توصد الأبواب أمام كل الجهود المخلصة الساعية لتوحيد الجبهة الوطنية في مواجهة المد الإيراني، المتمثل في عصابة الحوثي الكهنوتية الإجرامية”. وفي تصريح لـ“العرب” كشف محمد علي علاو، وهو أحد محامي الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وأسر ضحايا تفجير جامع دار الرئاسة، عن تحركات يقوم بها عدد من قادة حزب المؤتمر الشعبي العام لإثارة موضوع إطلاق سراح المتهمين لدى المنظمات الدولية. وقال علاو، متحدثا لـ”العرب” من نيويورك، إن وفدا سياسيا رفيع المستوى من قيادة المؤتمر سيلتقي، الاثنين، في مقر الأمم المتحدة الأمين العام للمنظّمة، لإبلاغه رسميا بموقف الحزب من عملية الإفراج عن متهمين من جماعة الإخوان في قضية منظورة أمام القضاء، بتهمة الاعتداء على جامع الرئاسة اليمنية المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن الدولي 2014 بصفتها عملية إرهابية. وجرت عملية “تبادل الأسرى” المثيرة للجدل في الوقت الذي ترعى فيه الحكومة السعودية حوارا للتقريب بين قيادات حزب المؤتمر الشعبي العام والحكومة الشرعية، وهو ما يزيد من التعقيدات أمام محاولات توحيد المكونات في معسكر المناوئين للحوثي. الصفقة تدخل تعقيدات جديدة على المشهد السياسي اليمني الذي يتوقّع أن تشهد الاصطفافات داخله عملية نثر وإعادة تركيب ورجحت مصادر مطلعة لـ“العرب” أن تكون العملية، التي تمت بتنسيق قطري عماني ومشاركة قيادات بارزة في حزب الإصلاح متواجدة في تركيا، تهدف لإفشال جهود التحالف العربي وتصب في اتجاه محاولات التقريب بين الحوثيين وجماعة الإخوان في اليمن. وتلقي عملية إطلاق سراح المتهمين في هذا التوقيت بظلالها على المشهد السياسي اليمني برمته، بالنظر إلى حساسية هذا الملف الذي تحاشت العديد من القيادات السياسية والحكومات، التي أتت بعد مغادرة الرئيس السابق علي عبدالله صالح للسلطة، الخوض فيه أو محاولة الاقتراب من تفاصيله الشائكة. وتشير المعطيات الأولية حول تداعيات قضية إطلاق المتهمين بمحاولة اغتيال الرئيس السابق ومقتل رئيس مجلس الشورى حينها عبدالعزيز عبدالغني وعدد من حراسات الرئاسة، وجرح قيادات بارزة في الدولة من بينها رئيس مجلس النواب في صنعاء يحيى الراعي ورئيس المؤتمر بصنعاء صادق أمين أبوراس وعدد من قيادات المؤتمر المتحالفة حاليا مع الحوثي، إلى تحولات مرتقبة في خارطة الاصطفافات بالنظر إلى التقارب الإخواني-الحوثي الذي ترعاه الدوحة ومسقط، وحالة الغضب التي تعتري قيادات حزب المؤتمر بمختلف أجنحته بما فيها تلك التي لازالت منضوية تحت لافتة “الشراكة” مع الحوثي، والتي باتت ترى أن أحد أبرز مقومات هذه الشراكة التي جاءت على قاعدة العداء المشترك للإخوان لم تعد موجودة بعد عقد هذه الصفقة.
مشاركة :