إعداد- كريم المالكي: قبل الدخول في الأحداث والاحتجاجات التي شهدتها أمريكا مؤخرا دعونا قبل أي شيء نعرف ماذا تعني كلمة عنصرية (أو التمييز العرقي)، التي أصلها بالإنجليزية Racism، في الحقيقة تعرف العنصرية بالأفعال والمعتقدات التي تقلل من شأن شخص ما كونه ينتمي لعرق أو لدين ما، كما يستخدم المصطلح ليصف الذين يعتقدون أن نوع المعاملة مع سائر البشر يجب أن تحكم بعرق وخلفية الشخص متلقي تلك المعاملة، وأن المعاملة الطيبة يجب أن تقتصر على فئة معينة دون سواها، وأن فئة معينة يجب أو لها الحق في أن تتحكم بحياة ومصير الأعراق الأخرى، وتوجد أمثلة معاصرة للعنصرية والتمييز ضد السود فمثلا في 1939 في أمريكا كانت تخصص للسود مشارب منفصلة للماء . إن مسلسل حوادث مقتل عدد من السود العزل التي وقعت في الأشهر الأخيرة، ساهمت في تأجيج التوتر العرقي في الولايات المتحدة وأثارت جدلاً حول عنف الشرطة ضد السود، وكانت حالة العنف والسلب والنهب التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية اندلعت أثر اشتباكات، بين قوات الشرطة وعدد كبير من الأمريكيين أصحاب الأصول الإفريقية، في مدينة "بالتيمور" بولاية "ميريلاند". بدأت الأحداث خلال تشييع جنازة الشاب الأسود (فريدي جراي- 25 عامًا)، الذي توفي داخل أحد أقسام الشرطة، نتيجة إصابات تعرض لها خلال عملية اعتقاله، ما أثار حالة احتقان بين السود والشرطة الأمريكية. وهنا سنحاول رصد بعض تداعيات هذا المشهد الذي يرى البعض أنه يشير الى وجود حنين للماضي العنصري في الولايات المتحدة. أشد الأماكن عنصرية قبل بضعة أيام، نشرت صحيفة "الواشنطن بوست" نتائج دراسة أبرزت أشد الأماكن عنصرية بالولايات المتحدة الأمريكية، وجاء في خلاصاتها أن الأمريكيين الأكثر عنصرية هم من يعيشون خارج المدن بالشمال الشرقي والجنوب. وأبرزت الصحيفة أن الدراسة التي أنجزها معهد "بلوس وان" بالاعتماد على نتائج محرك البحث "غوغل"، تقدم معطيات دقيقة من الناحية العلمية، وتمتاز بالحصول على إجابات من دون رقابة اجتماعية ذاتية. كذلك أوضحت أن فريق الباحثين اعتمد على استخدام الأشخاص للعبارات العنصرية أثناء بحثهم على موقع "جوجل"، وشددت على أن بحث الأشخاص عن مثل تلك العبارات لا يعني بالضرورة أنهم عنصريون. الشرق أكثر عنصرية وقد استخدم ستيفينز-دافيد وويتز تلك المنهجية سابقاً لقياس تأثير المواقف العنصرية على سير حملة باراك أوباما الانتخابية. ويرى ستيفينز-دافيد وويتز بأنّه غالباً ما تظهر علامات العنصريّة عند الفرد على مستوى العقل الباطني، فإن طُرِحَ عليه السؤال: "هل تعتبر نفسك عنصرياً؟" سيجيب تلقائياً بـ"كلّا". لذلك، قام الباحثون في فريق مجلّة "بلوس وان" بقياس مدى استعمال مستخدمي محرّك البحث "غوغل"، كلمة "زنجي" المهينة. وأظهرت نتيجة دراستهم أنّ تواتر البحث عن تلك الكلمة يوازي بارتفاعه البحث عن كلمات "صداع" و"سترة" و"إيكونوميست"، وغيرها من الكلمات المعتادة في لائحة بيانات "غوغل". وفي المقابل أشارت الصحيفة أن المعطيات التي تم تجميعها على امتداد عدة أعوام وباللجوء لعدة ملايين من عمليات البحث على الشبكة العنكبوتية، تعطي نتائج تقريبية حول الأماكن التي يتزايد فيها شكل محدد من العنصرية. وذكرت الصحيفة في هذا الصدد أن الأماكن التي شهدت أكبر تمركز لاستخدام العبارات العنصرية لم تكن بالجنوب، وإنما على امتداد سلسلة "الأبالاش" (شرقي أمريكا) حتى مدينة نيويورك وجنوب ولاية "فيرمونت". وتقع بقية الأماكن التي تشهد ارتفاعاً في العنصرية في ساحل الخليج الأمريكي، وشبه الجزيرة العليا بولاية ميشيجان، وجزء كبير من ولاية "أوهايو". ولفتت الصحيفة إلى أن العنصرية تقل كلما اتجهنا نحو الغرب. ارتفاع وفيات السود وبخصوص الرابط بين بحث الأشخاص عن العبارات العنصرية عبر الشبكة العنكبوتية وارتفاع مستوى العنصرية، ذكرت "واشنطن بوست" أن الباحثين توصلوا إلى وجود علاقة تربط بين استعمال العبارات العنصرية على "جوجل" وارتفاع معدلات وفيات السود، حتى أثناء استخدام فريق الباحثين لعدة معايير عرقية واقتصادية واجتماعية للتحكم في النتائج. وأشار الباحثون الى أن النتائج التي توصلوا إليها من خلال الدراسة تشير إلى أن العيش داخل منطقة تسجل معياراً مرتفعاً بنقطة واحدة في نسبة الأبحاث على "جوجل" ذات الطابع العنصري ترتبط بارتفاع نسبة الوفيات بين السود بـ 8.2 في المائة. وشددت الصحيفة على أن الأبحاث على "جوجل" لا تؤدي مباشرة لوفاة الأمريكيين من أصول أفريقية، إلا أن دراسات سابقة أوضحت أن انتشار المواقف العنصرية يمكن أن يؤدي إلى المساهمة في تفاقم الأوضاع الصحية والاجتماعية للسكان السود. رفض فني للعنصرية من أجل لفت نظر المارة إلى عنصرية وقمع الشرطة الأمريكية لسكان مدينة بالتيمور الأمريكية، من ذوي البشرة السمراء وليؤكد رفضه المطلق لمثل هذه الأحداث، علّق فنان أمريكي عدداً من دُمى الأطفال ذات اللون الأسود على شجرة كبيرة غرب بالتيمور، وقام الفنان "لورينغ كورنيش" بتثبيت الدُمى خارج معرضه الخاص ، رداً على مقتل الأمريكيين السود مايكل براون، وإريك غارنر، ووالتر سكوت، على يد رجال الشرطة، والذي نتج عنه موجة من المظاهرات في جميع أنحاء البلاد ضد وحشية الشرطة. وكتب كورنيش على إحدى لوحاته "الإعدام خارج نطاق القانون لا يزال موجودا، الشرطة البيضاء تستخدم الرصاص والقانون لتقتل السود بطريقة علنية". وكانت تلك إشارة واضحة إلى أن ظاهرة العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية ارتفعت خلال الأشهر السابقة على خلفية مقتل عدد من الشبان السود على يد عناصر من الشرطة. كاميرات لرصد الشرطة ومن جانبها خصصت إدارة الرئيس باراك أوباما، مبلغ 20 مليون دولار لشراء كاميرات محمولة يتم تثبيتها على طية صدر سُتْرَة رجال الشرطة، بهدف تسجيل تحركات وتصرفات الضباط الأمريكيين وطريقة تعاملهم مع الأفراد. وقالت وزارة العدل الأمريكية، إن هذا المبلغ هو الدفعة الأولى من إجمالي 75 مليون دولار طلب الرئيس الأمريكي تخصيصها لشراء آلاف الكاميرات من نوع( كاميرات ترتدى بالملابس) خلال 3 سنوات. وزادت المطالبات بتوفير هذه الكاميرات لتسجيل أي تعامل بين الشرطة والأفراد بعد تصاعد الاحتجاجات على ممارسات الشرطة واستخدامها القوة المميتة ضد شبان سود غير مسلحين. وأضافت وزارة العدل في بيانها أن هذه الكاميرات ستحقق "الشفافية، والمحاسبة وستدعم الأمن العام ووصفتها بأنها وسيلة قَيِّمَةٌ لتعزيز علاقة الشرطة بالمواطن". إلا أن خبراء يشككون في قدرة هذه المخصصات في توفير كاميرا لكل ضابط شرطة، فمدينة لوس أنجلوس، بولاية كاليفورنيا، تنفق نحو 1.5 مليون دولار على شراء وصيانة وتخزين الفيديوهات لـ 860 كاميرا، وهو يعني أن مبلغ 20 مليون دولار سيغطي فقط نفقات شراء وصيانة 11 ألف كاميرا فقط لا غير. تظاهرات عارمة وقد شهدت مدن الولايات المتحدة الشرقية الكبرى نيويورك وبالتيمور وواشنطن وبوسطن تظاهر الآلاف احتجاجا على استهداف الشرطة للسود، وذلك عقب موت شاب أسود من جروح أصيب بها في بالتيمور بولاية ماريلاند. وشهدت بالتيمور أكبر المظاهرات، حيث شارك عدة آلاف من الشباب في مسيرة كبيرة توجهت نحو مقر الحكومة المحلية وشلت المدينة. كما تظاهر آلاف آخرون في نيويورك وواشنطن العاصمة وبوسطن تضامنا مع متظاهري بالتيمور. ورغم قيام الشرطة في نيويورك بإلقاء القبض على أكثر من 60 متظاهرا إلا أن المظاهرات اتسمت بالهدوء والسلمية، ولكن الاحتجاجات تركزت في بالتيمور حيث شارك بيض وسود في مظاهرة كبرى انطلقت من محطة القطار الرئيسية بالمدينة، وأطلق المتظاهرون هتافات مثل "لا عدالة، لا سلام، لا عنصريين، لا سلام." الصين تنتقد وكانت صحيفة الشعب اليومية الأوسع انتشارا فى الصين انتقدت الولايات المتحدة فى أعقاب احتجاجات مدينة بالتيمور جراء وفاة شاب أسود قائلة إنها تكشف زيف المزاعم الأمريكية عن أنها مجتمع ينعم بالمساواة، وكثيرا ما تلقى الصين انتقادات من الولايات المتحدة وغيرها من دول الغرب فيما يتعلق بحقوق الإنسان ونادرا ما تفوت أي فرصة للرد حتى أنها تصدر كل عام تقريرها الخاص بشأن وضع حقوق الإنسان في الولايات المتحدة. وقالت الصحيفة الناطقة بلسان الحزب الشيوعي الحاكم في تعليق إن الاضطرابات في بالتيمور وغيرها من المدن مثل فيرجسون بولاية ميزوري كشفت "الضعف المنهجي في النظام الأمريكي." وأضافت "في كل مرة تغلي فيها الكراهية القديمة والجديدة في التناقضات العرقية الأمريكية فإنها تقول للعالم بوضوح إن إعلان "الجميع ولدوا متساوين" في هذه التي تسمى "ساحة الأحلام" ليس له جذور بعد."، وجاء التعليق تحت عنوان "صوت الصين" الذي يستخدم غالبا للتعبير عن الآراء في السياسة الخارجية. وكان الشاب الأسود فريدي جراي (25 عاما) توفي متأثرا بإصابات في عموده الفقري مني بها أثناء احتجازه لدى الشرطة، وذكرت صحيفة الشعب أن الفقر والبطالة كانا سمة المكان الذي كان يعيش به جراي مشيرة إلى اتساع الهوة بين الأغنياء والفقراء على مستوى الولايات المتحدة.
مشاركة :