بيروت-أ ف ب: أعلن رئيس الحكومة سعد الحريري امس إقرار مجلس الوزراء للاجراءات الاصلاحية التي اقترحها على شركائه بالإضافة إلى موازنة العام 2020، بعد خمسة أيام من تظاهرات شعبية صاخبة اجتاحت لبنان مطالبة برحيل الطبقة السياسية.وقال الحريري في كلمة ألقاها إثر انتهاء جلسة لمجلس الوزراء «أعطيت مهلة للشركاء في الحكومة للسير بالحد الأدنى من الاجراءات الضرورية والمطلوبة..هذه الاجراءات أُقرّت، منها في الموازنة التي أقررناها ومنها عبر إجراءات اتخذناها من خارج الموازنة». وأكد الحريري،قبيل انتهاء مهلة حددها لشركائه في الحكومة للموافقة على الاصلاحات، أن «الموازنة بعجز 0,6 في المئة وليس فيها ضرائب جديدة او اضافية على الناس».وفي كلمة له، قال الحريري إن الشعب اللبناني صبر كثيرا ووصل إلى اليأس قبل أن ينفجر، مشيرا إلى أن مهلة الثلاثة أيام التي طلبها لم يطلبها من الشعب، بل من شركائه في الحكومة. وقال إن الموازنة الجديدة لم تتضمن ضرائب جديدة، مشيرا إلى أن الحكومة ستخفض 50% من رواتب الوزراء والنواب، وبيّن أنهم بصدد العمل على إعداد مشروع قانون لاستعادة الأموال المنهوبة.وأوضح أن الحكومة تعمل على إنشاء هيئة لمكافحة الفساد قبل نهاية العام، مؤكدا أن الموازنة المقبلة تعكس تغييرا في التفكير الاقتصادي، مشيرا إلى أن هذه القرارات قد لا ترضي المحتجين الغاضبين، لكنها تحقق ما كان يطالب به منذ عامين، مشيرا إلى أن تحرك المتظاهرين هو ما أسهم في تحقيق ما توصلوا إليه اليوم. وفي كلمته للشعب اللبناني، قال الحريري «أرجو أن يكون ما وقع بداية نهاية النظام الطائفي في لبنان».وخرج منذ ليل الخميس مئات الآلاف من اللبنانيين إلى الساحات في بيروت ومدن أخرى من شمال البلاد حتى جنوبها ضد القادة السياسيين من دون استثناء، في مشهد غير مألوف في لبنان كسر «محرمات» لم يكن من السهل تجاوزها.وكانت الحكومة في الأسابيع الأخيرة تدرس فرض ضرائب جديدة تطاول بمجملها جيوب الفقراء ومحدودي الدخل، عوضاً عن وقف الهدر في بعض القطاعات واصلاح قطاعات تكلف خزينة الدولة أموالاً طائلة.وشكل سعيها لفرض رسم مالي على الاتصالات المجانية عبر تطبيقات الهاتف الخلوي الشرارة التي أطلقت هذه التحركات الغاضبة، إذ لم يعد بإمكان المواطنين تحمل غلاء المعيشة والبطالة وسوء الخدمات العامة.وأكد الحريري أن الاجراءات الإصلاحية التي أقرها مجلس الوزراء لا تهدف إلى «مقايضة» المتظاهرين على ترك الشارع.وقال «هذه القرارات ليست متخذة للمقايضة،يعني لا لأطلب منكم أن تتوقفوا عن التظاهر وعن التعبير عن الغضب» مضيفاً «أنتم من تتخذون هذا القرار ولا أحد يعطيكم المهلة». وأضاف «أنتم البوصلة، وأنتم من حركتم مجلس الوزراء وتحرككم هو الذي أوصل للقرارات» هذه. وأضاف «ما قمتم به كسر كل الحواجز وهزّ كل الاحزاب والتيارات والقيادات، واهم شيء أنه كسر حاجز الولاء الطائفي الاعمى».وأعلن الحريري دعمه لمطلب المتظاهرين بإجراء انتخابات نيابية مبكرة.وقال «يجب أن تعرفوا أن صوتكم مسموع، وإذا كانت الانتخابات النيابية المبكرة هي مطلبكم، وليكون صوتكم هو وحده الذي يقرر، فأنا سعد الحريري شخصياً معكم في هذا المطلب». وجرت آخر انتخابات نيابية في مايو العام 2018. وتأتي هذه التطورات في وقت تستمر فيه الاحتجاجات الشعبية لليوم الخامس على التوالي في عدد من المناطق للمطالبة باستقالة الحكومة ورحيل رموز النظام السياسي واستعادة الأموال المنهوبة.ومنذ الصباح، تجمع المتظاهرون وسط العاصمة بيروت ومدن أخرى، بينها طرابلس وعكار وصور وصيدا والنبطية.كما استمر قطع عدد من الطرق في بعض شوارع العاصمة والمناطق الأخرى، في ظل دعوات من نقابات واتحادات عمالية إلى استمرار التحركات الشعبية والإضراب العام. ويأتي التحرك غير المسبوق في لبنان على خلفية مطالب معيشية في بلد صغير تثقل المديونية والفساد والمحاصصة والوراثة السياسية كاهله، كما يتمسك المتظاهرون بمطلب رحيل الطبقة السياسية، مستهزئين بكل ما يقدم من حلول «تخديرية».
مشاركة :