قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن مصر تميزت بوجود العلماء فيها منذ الفتح الإسلامي وإلى يومنا هذا، والعلماء المصريون كانوا حريصين دائمًا على العلم ومنهجه الدقيق، وكان من كبار علماء الصحابة عبد الله بن عمرو بن العاص، الذي عاش ومات في مصر، وتميز بدقة روايته للحديث النبوي الشريف.وأضاف «جمعة» عبر صفحته بـ«فيسبوك»، أنه كان عبد الله من العابدين الأتقياء، من أهل القرن الأول الهجري، والربط بين العلم والتقوى نجده في قوله تعالى : «وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ» فالعلم ليس مجموعة من المعلومات فحسب، بل هو أيضًا تقوى، وخوف من الله، ونية صادقة لنفع النفس، وكان الإمام أحمد بن حنبل يقول «ليس العلم بكثرة الرواية، إنما العلم الخشية» وهو كلام يفتح آفاق البحث العلمي إلى أقصى الحدود بحيث لا يكون هناك قيد عليه، وفي نفس الوقت يضع الضوابط الأخلاقية على استعمال النتائج التي توصلنا إليها من هذا البحث العلمي، بحيث أن يكون نافعا للخلق، معمرا للكون.وتابع: من الأئمة الأعلام المصريين الذين ماتوا بمصر [توفي سنة 205هجرية] وساهموا في رسم المنهج العلمي وتأكيده كان الإمام الشافعي -رضي الله تعالى عنه- وهو الذي كان يقول: أخي لن تنال العلم إلا بستة ** سأنبيك عن تأويلها ببيان.. ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة ** وإرشاد أستاذ وطول زمان.وواصل: وهو الذي وضع أصول الفقه، وأصول الفقه معرفة دلائل الفقه إجمالا، وكيفية الاستفادة منها، وحال المستفيد، وهي الثلاثة الأركان التي تكون أي منهج علمي لدراسة أي علم كان : معرفة المصادر، وطرق البحث بما تشتمل على أدوات وسياقات، وشروط الباحث. والمنهج العلمي بهذه النظرة كانت له مجالات مختلفة، فهناك مجال العلوم العقلية، وهناك مجال العلوم الحسية التجريبية، وهناك مجال العلوم النقلية، وهناك مجال العلوم الشرعية، لكن الأمر يوصف بأنه علم عندما تحدد مصادره وطرق بحثه، وشروط باحثه، ومن خلال شروط الباحث نجد بيانا للعلوم المساعدة التي ينبغي أن يدركها ذلك الباحث لتصب في علم الأصيل، وتخصصه الدقيق.وأكمل: وتعد عملية صياغة العمليات العقلية من أهم عمليات حفظ المجهود البشري المجهول في العلوم؛ لأن يحول الفكر والملكة إلى صياغات علمية دقيقة قابلة للنقل والتدريس والمناقشة والزيادة والتطوير.
مشاركة :