مؤنّس: أفلامي واقعية باقتباسات تاريخية وأحداث متخيلة

  • 10/23/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت: هناء توبي يسترجع المخرج والكاتب وليد مؤنّس العدوان «الإسرائيلي» وآلام الحرب وانعكاساتها على اللبنانيين من خلال فيلمه «1982»، الذي حصد عدة جوائز كان آخرها وأهمها بالنسبة إليه أفضل فيلم آسيوي «نيتباك» (شبكة الترويج لسينما آسيا والمحيط الهادي). كما رشحته وزارة الثقافة في لبنان ليخوض مسابقة الأوسكار 2020 منافساً لأفلام عالمية.في لقائه مع «الخليج» عبر عن سعادته باقتناص الجائزة. وقال: «تحقق حلمي مع أول فيلم روائي أقدمه، ولا أعتبر فوزي قضية شخصية وإنما هو نصر جديد للسينما اللبنانية». لافتاً إلى أنه «قدّم عدداً من الأفلام القصيرة في لبنان والولايات المتحدة، وأنتج وأخرج كليبات لفنانين عالميين حصدوا بها الجوائز، لكن تظل جائزة «نيتباك» عن «1982» الذي استغرقت ولادته 8 سنوات، بمثابة الحلم الذي تحقق».في هذا الفيلم عالج مؤنّس تأثير القصف الجوي «الإسرائيلي» في المدنيين اللبنانيين، ورصد الحياة العادية في إحدى المدارس المطلّة على بيروت من ضواحيها إبان العدوان الواسع على كل لبنان في عام 1982. وفي اليوم الأول للاجتياح كما يتذكره، أبرز إصرار الناس على الأمل رغم قساوة الحرب وما تحمله من خوف وقلق، مصوراً بناء العلاقات الإنسانية في ظل الظروف الصعبة، راصداً العلاقات بين الصغار عموماً وأولاد المدرسة خصوصاً وكيفية تفتّح عيونهم على الآخر المختلف. كل هذه الأحداث وغيرها موصولة بالنقاء الذي يريد مؤنّس إظهاره في فيلمه، حتى أنه غلّب الحب على الحرب، وعن ذلك أوضح: «هذه الحبكة الحقيقية للفيلم والنهاية التي أريدها هي انتصار الإنسانية. واستلهمت من الواقع والتاريخ أحداثاً ثابتة لكنني أضفت إليها فصولاً متخيلة، وبذلك مزجت الواقع بالخيال، وخضت الحرب والفوضى من خلال قصص الحب».وعن قوة الحب لدى الأطفال قال مؤنّس: «الفيلم يتناول قصة حب جمعت بين وسام (محمد دللي) وجوانا (غنى ماضي)، وعدم تجرؤ الفتى على البوح بمشاعره في ظل أجواء الحرب والخوف مع تزامن ملاحظة معلمته ياسمين (نادين لبكي) لإعجاب وسام بجوانا، ووجود عائق الخوف بينهما، وهو العائق نفسه بينها والأستاذ جوزف (رودريج سليمان) الأمر الذي يدفعها لتغيير مجرى الأحداث بين الأولاد ومساعدتهم». يضيف: «الأحداث تتصاعد بحسب انطباعاتي الشخصية عن يوم العدوان «الإسرائيلي»، وكنت آنذاك في العاشرة من عمري، لذا آثرت أن أطرق هذا الباب من خلال نظرة الأولاد، مع استلهامي أحداثه من حياة اللبنانيين وقد تأثروا عميقاً بما حدث وأظهرت ذلك في عملي بطريقة لم يطرقها أحد قبلي».وعن خوفه من الرجوع إلى تاريخ الحرب وعدم قبول الناس للحديث فيها، كشف مؤنّس: «القصة تمثّل تحدياً بالنسبة لي، واخترت كسر الصورة النمطية التي يضعنا الغرب فيها، فالأعمال السينمائية التي عالجت الحرب أظهرت تشرّد اللبنانيين وفقرهم وعوزهم، أما غايتي فهي إظهار إصرارنا على الحياة والعيش، وقد جابهت هذه النمطية قبلاً في فيلمي «الجفت الذئب الواوي والصبي»، وقد أضأت من خلاله على العائلة اللبنانية ونماذجها المختلفة وأهمها النموذج المتماسك، وهو الشريط الذي رشّح لجائزة الأوسكار في العام 2017، وحصد النجاح في المهرجانات السينمائية». وأفلامي عموماً تميل إلى الواقعية، وفيها إسقاطات ذاتية واقتباسات تاريخية.وعن حقيقة الصورة السريالية التي ضمنها لفيلمه حيث انتصر الحب على الحرب، أكد:«الحب الطفولي يهزم الحرب لأنه بريء وصاف وعميق، لكنني غلّبت حب الراشدين على الحرب لأن هذه رسالتي من العمل، ولأنني مقتنع بأن الناس يختلفون ولا يتشابهون، وكل العلاقات بين البشر تحمل التناقضات، لكن من غير المقبول أن تكون سبباً للتناحر، وجلّ ما يمكن أن نقوم به هو تعلّم احترام الآخر وقبوله، وقد أخذت صورة مصغرة عن قبول الآخر المختلف لأعممها على كل الناس. هذه قناعتي وقد تجلى صدقي في عملي كما تجلّت تجربتي الشخصية، فأنا منذ صغري نشأت في بيت منفتح على الآخر، وانتسبت إلى مدارس تضم طلاباً يختلفون عن بعضهم في الأديان، ثم سافرت كثيراً، وأقمت في لوس أنجلوس دون أن أنقطع عن بيروت. جلت بلاد العالم وآمنت أكثر أن احترام الآخر أفضل سبيل للتواصل الإنساني معه».أما سبب تأخر ظهور الفيلم لثمانية أعوام، فأرجعه إلى انشغاله وعمله في لوس أنجلوس في إنتاج وإخراج الأفلام العالمية، وهو أحد قدامى مختبر «صندانس» لكتابة السيناريو وحال ذلك دون التفرغ لفيلمه. وقال:بقي السيناريو مدة طويلة في درج مكتبي لكن مكتوب له أن يرى النور وأن يحصد الجوائز وأهمها «فيبرسكي» و«نيتباك»، ويتم ترشيحه لأوسكار 2020، وأعيش فرحة هذا النجاح.وعن اختياره الممثلين في«1982» أشار إلى أنه لم يبحث عن أسماء مشهورة بل اختار الأطفال: محمد دللي وغسان معلوف وغنى ماضي وليلى حرقوص تبعاً لمواهبهم. وقال:«دربتهم على التمثيل لشهر ونصف، كنّا نتمرن ونشاهد أفلاماً ونتعارف. والفنانون المحترفون: نادين لبكي وعليا الخالدي ورودريج سليمان وسعيد سرحان وجوزف عازوري وزينة صعب، تلبسوا الشخصيات تماماً وأبدعوا في أدائها، وأعتقد أن عملنا كمجموعة شغوفة بالسينما أثمر نجاحاً، حتى الأولاد وقفوا أمام الكاميرا كمحترفين لدرجة أنني لم أجد فارقاً بين المحترفين والأطفال الموهوبين ليس الأربعة فقط بل صف الطلاب ككل كانوا في حالة جهوزية تامة أمام الكاميرا».وعن اعتقاده بارتقاء السينما اللبنانية، لفت إلى أنه «لدينا إنتاجات كثيرة والتنافس يساهم في رفع المستوى والسينما كغيرها من الفنون ترتقي تدريجياً، لا تثمر بسرعة لكن في السنوات الثلاث الأخيرة احتلت الأفلام اللبنانية مكانة عالمية، ووصلت أفلام نادين لبكي وزياد دويري وأحمد غصين وفيلمي ومجموعة من أفلام المخرجين الذين يحكون قصصهم ويقدمون لغتهم السينمائية برقي، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على الحركة السينمائية عموماً وليس على أسماء محددة».

مشاركة :