الساعون لإعادة تقاسم السلطة يحاولون ركوب موجة الاحتجاجات العراقية

  • 10/23/2019
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

تسعى أحزاب المعارضة النيابية في العراق إلى استغلال ضغط الاحتجاجات الشعبية المزمع تجدّدها بدءا من الجمعة، لإقالة حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي من باب تحميلها مسؤولية الإخفاق في إدارة الشأن العام، والفشل في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالبلد. وكان زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم هو أول من خرج على حكومة عبدالمهدي، مُعلنا انتهاجه خيار المعارضة قبل أن يلتحق به رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي وائتلاف النصر الذي يقوده. وجاء خيار الحكيم بسبب عدم رضاه عن عملية تقاسم المناصب الحكومية لدى تشكيل الحكومة الحالية واتهامه تيار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر والكتلة الممثلة للميليشيات الشيعية بقيادة هادي العامري بالاستئثار بعملية توزيع المناصب. لكن الحكيم والعبادي أعلنا مرارا أنهما معارضان من داخل النظام بهدف تصحيح مساره، لا من خارجه بهدف إسقاطه، وهي نظرية يبدو أنها لم تعد تجد من يصغي لها في الأوساط الشعبية. ومنذ اندلاع حركة الاحتجاج في العراق مطلع أكتوبر الجاري، بدا واضحا أن الحكيم والعبادي يسعيان إلى التناغم معها أملا في ركوب موجتها وتجييرها لخدمة مصالحهما السياسية. وبعد جولة دامية من الكرّ والفرّ بين المحتجّين وقوات الأمن نجم عنها سقوط الآلاف من الضحايا بين قتلى وجرحى، سارع الحكيم إلى القول إنّ “استخدام العنف المفرط في تفريق المتظاهرين أمر مستنكر وغير مقبول”. عمار الحكيم وحيدر العبادي يسعيان إلى التناغم مع حركة الاحتجاج أملا في ركوب موجتها وتجييرها لخدمة مصالحهما السياسية لكنه دعا المتظاهرين أيضا إلى “عدم التعرض للأجهزة الأمنية وعدم رفع الشعارات التي تتعارض مع الدستور والقانون” في إشارة واضحة على رفضه شعار “إسقاط النظام” الذي رفعه المحتجون. وعندما وجد الحكيم أنّ جانبا من المحتجّين يرفع شعار تعديل الدستور، أعلن أن “الدساتير لا تكتب لتخلد إنما تكتب لتعدّل وتُطور”، معتبرا أن “تعديل الدستور العراقي والاستفتاء الشعبي عليه يمثلان مطلبا إصلاحيا جوهريا”. وقبيل تجدد حركة الاحتجاج في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، طالب الحكيم “السلطتين التشريعية والتنفيذية بالعمل على خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب وكبار المسؤولين لتحقيق العدالة الاجتماعية”، بهدف “طمأنة الشارع العراقي بوجود خطوات جادة لإصلاح الوضع المتأزم”. كما فاجأ الحكيم المراقبين بمطالبته بإطلاق سراح ناشط بارز اختفى في ظروف غامضة مع تجدد الاحتجاجات، مشيرا إلى أن “ظاهرة تغييب واختطاف المواطنين، سيما الشخصيات المهمة والنخبوية، يعد استهانة صريحة واستخفافا كبيرا بهيبة الدولة وقدرتها على حفظ الأمن وفرض سلطة القانون في المجتمع”. أما رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، فقد كان أكثر جرأة في المواجهة. وبمجرد أن بدأ أعداد قتلى الاحتجاجات بالازدياد، أعلن أن حكومة عبدالمهدي “فقدت الأهلية بإدارة الحكم”، مطالبا “قيادات البلاد بتحديد تاريخ أولي لانتخابات مبكرة”. وكان العبادي من أكبر المرشحين لخلافة نفسه على رأس الحكومة في الانتخابات النيابية التي جرت العام الماضي. وظنّ أن تجديد ولايته على رأس الحكومة “جائزة” مضمونة ومستحقّة له نظرا إلى قيادته الحرب ضد تنظيم داعش والتي انتهت بنصر عسكري على التنظيم. لكنّه أصيب بخيبة أمل كبرى عندما عملت قوى سياسية موالية لإيران على حرمانه من المنصب، ما جعله يتحوّل إلى معارض شرس لحكومة خلفه عادل عبدالمهدي.وتؤكّد مصادر سياسية أن العبادي لم يقطع الأمل في إسقاط عبدالمهدي وانتزاع منصب رئاسة الوزراء منه. وقد غذّت ذلك الأمل موجة الاحتجاجات العارمة التي شهدها العراق مؤخّرا ويتوقّع أن تتجدّد في الفترة القادمة. وقال العبادي إن “ضمان انتخابات حرة ونزيهة بمشاركة جماهيرية واسعة هو مصداق لجدية القوى السياسية للاستجابة لدعوات الإصلاح التي يطالب بها الشعب”. وعندما قال المتظاهرون في ساحة التحرير إنهم يتعرضون لنيران قناصة مجهولين يطلقون النار على الرأس بهدف إيقاع أكبر عدد من القتلى، متهمين ميليشيات إيرانية بالضلوع في هذه الجريمة، قال العبادي “‏لا نريد جمهورية الخوف التي يُرعب فيها المواطن السلمي ويقتل الشاب المتحمس ويطارد الصحافي الوطني ويلاحق العسكري الشريف”. وأضاف مخاطبا الحكومة والميليشيات الإيرانية التي تحميها “خذوا قناصيكم وجماعاتكم المسلحة وإرهابييكم وعصابات الجريمة والتزوير واتركوا لنا وطننا الحر الذي ضحى العراقيون من أجله”. لكن الأحزاب التي تدعم عبدالمهدي، ترى أنّ أطرافا سياسية تسعى إلى إسقاط الحكومة، من بوابة التظاهرات، بعيدا عن شعارات الإصلاح. ويقول النائب في البرلمان سركوت شمس الدين إن “جهات سياسية تعمل على إسقاط حكومة عادل عبدالمهدي”، مقترحا منحها “مهلة تتراوح ما بين 6 و12 شهرا لتقييم حُزم الإصلاحات التي صوّتت عليها”، محذرا من “محاولات إسقاط الحكومة لأن وضع العراق والمنطقة لا يتحمل المزيد من الأزمات بحجة الإصلاح، فضلا عن الضعف الذي تعانيه مؤسسات الدولة والتي لا يمكن تحميلها أكثر من طاقتها”.

مشاركة :