متظاهرون لبنانيون يكسرون حاجز الخوف من انتقاد «حزب الله» وأمينه العام

  • 10/23/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - الوكالات: منذ اندلاع حراك شعبي غير مسبوق في لبنان كسر المتظاهرون للمرة الأولى حواجز كانت بمثابة «محرمات» على غرار التظاهر في مناطق تعد معاقل رئيسية لـ«حزب الله» وتوجيه انتقادات غير مسبوقة له ولأمينه العام حسن نصر الله. وفي مواقع الاحتجاجات، أثناء البثّ المباشر على قنوات التلفزة المحلية، اتهم متظاهرون الحزب بتوفير الغطاء لحكومة فاسدة، يقولون إنها سلبت الناس مقدراتهم وسبل عيشهم. وقالت سارة (32 عاما)، وهي متظاهرة فضّلت استخدام اسم مستعار، تشارك في التظاهرات التي تشهدها مدينة النبطية جنوبا منذ أيام لوكالة فرانس برس: «لم يتوقع أحد أن نسمع في هذه المناطق من الجنوب هتافات ضد نصر الله وبري»، رئيس البرلمان اللبناني ورئيس حركة أمل. وتضيف: «إنه أمر لا يصدق، والجديد هنا هو أن بعض المتظاهرين حزبيون ويدعمون حزب الله، لكنهم يختنقون» جراء البطالة والغلاء وعجزهم عن تأمين احتياجاتهم الرئيسية. ولم يسلم «حزب الله» من الاستياء العام الذي وصل إلى ذروته الأسبوع الماضي، مع انطلاق تظاهرات منددة بزيادة الضرائب والفساد والظروف المعيشية السيئة. وشهدت مناطق عدة في جنوب لبنان الذي يعدّ معقلا للحزب منذ تحريره عام 2000 من الاحتلال الإسرائيلي تظاهرات غير مسبوقة، وخصوصا في مدن النبطية وبنت جبيل وصور حيث يحظى «حزب الله» وحليفته أمل بنفوذ كبير. وباستثناء مدينة صور، لم تكن التظاهرات في تلك المناطق بالحجم الذي كانت عليه في سائر لبنان. ولم يتقبل أنصاره سابقا أي انتقادات له وتحركوا احتجاجا عليها، وفي بعض الأحيان كان منتقدوه يوصفون بـ«العملاء» المؤيدين لإسرائيل. ولم يسلم نصر الله من الانتقادات منذ انطلاق التظاهرات في 17 أكتوبر، بوصفه أحد أركان الطبقة السياسية الحاكمة رغم أنه شخصيا لم يشارك في السلطة. وردد المتظاهرون في بيروت عبارة «كلهم يعني كلهم، نصر الله واحد منهم»، في إشارة إلى اعتباره جزءا من المنظومة الحاكمة. وفي مشهد غير مسبوق، بثت الانتقادات الموجهة ضد الحزب حتى على قناة المنار الناطقة باسمه. وخلال مقابلة مباشرة على الهواء من وسط بيروت، حضّ أحد المتظاهرين نصر الله على أن «يهتم بشعبه في لبنان» بدلا من التركيز على النزاعات الإقليمية كما في سوريا، حيث أرسل الحزب مقاتلين له لتقديم الدعم إلى نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وبدا نصر الله في خطاب يوم السبت مدركا للانتقادات التي توجه إليه. وقال «اشتموني، لا مشكلة لدي في ذلك». لكنه حذر من مطلب استقالة الحكومة، على اعتبار أن حلّ الأزمة وتشكيل حكومة جديدة سيتطلب وقتا طويلاً. وأكد حاتم غربيل وهو متظاهر في النبطية أن كلام نصر الله شكّل خيبة أمل لمناصريه. وقال: «الرسالة التي يحاول جمهور حزب الله إيصالها إلى السيد حسن نصر الله هي أن المقاومة ليست فقط ضد إسرائيل والإرهاب»، لافتا إلى أنها تتمثل أيضا بـ«دعم لقمة عيش المواطن في لبنان». وبحسب غربيل، شكّلت الانتقادات لنصر الله «كسرا لجدار الخوف»، وبيّنت أن «الشعب لم يعد يتبع زعاماته السياسية والطائفية بشكل أعمى». وأكد المحلل لقمان سليم، وهو ناشط سياسي ينتقد حزب الله بشكل علني، أن الاستياء من حزب الله «ليس وليد اللحظة»، بل «اختمر خلال السنوات الماضية جراء أزمة اقتصادية لا يعبر عنها فقط إفلاس الدولة اللبنانية»، بل تنعكس في وجود ما اعتبره «دويلة حزب الله أيضا». وأمس ولليوم السادس على التوالي خرج اللبنانيون مجددا إلى الشوارع، غير آبهين بإجراءات إصلاحية جذرية اتخذتها الحكومة في محاولة لامتصاص نقمة المتظاهرين المصرّين على التمسك بمطلب رحيل الطبقة السياسية بأكملها. واعتمدت الحكومة اللبنانية يوم الإثنين رزمة إجراءات إصلاحية، عبر اقرارها موازنة عام 2020 مع عجز نسبته 0.6 في المائة وإجراءات من خارجها، لا تتضمن فرض أي ضرائب جديدة. وتتمحور أبرز الإجراءات حول خفض النفقات العامة للدولة والموافقة على بدء تنفيذ مشاريع إصلاحية وردت في مؤتمر «سيدر». ويلفت المحلل الاقتصادي في مجموعة الأزمات الدولية هيكو فيمن إلى أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة «عبارة عن تدابير تقنية قد تحسن الوضع المالي في البلاد، ولكنها لا ترقى إلى مستوى التحدي الذي يفرضه المحتجون». وأمام مصرف لبنان المركزي في بيروت تجمّع عشرات من المتظاهرين مرددين شعارات «يسقط يسقط حكم المصرف»، احتجاجا على «السياسات المالية» المتبعة في البلاد. ويعتبر هؤلاء أن القطاع المصرفي، الذي يعود له الجزء الأكبر من ديون الدولة، شريك في إفقار اللبنانيين. وأبقت المصارف والجامعات وغالبية المدارس أبوابها مغلقة مع تعذّر الوصول إليها جراء قطع الطرق. واتخذت التحرّكات منحى تصاعديا منذ يوم الخميس مع ازدياد أعداد المتظاهرين تباعا، في تحرك شلّ البلد وأغلق مؤسساته كافة. ويحمل المتظاهرون على الطبقة السياسية لسوء إدارتها شؤون البلاد وفسادها وعجزها عن إيجاد حلول لمشاكل متفاقمة منذ عقود. وشكل سعي الحكومة لفرض رسم مالي على الاتصالات المجانية عبر تطبيقات الهاتف الخلوي الشرارة التي أطلقت هذه التحركات الغاضبة، إذ لم يعد بإمكان المواطنين تحمل غلاء المعيشة والبطالة وسوء الخدمات العامة.

مشاركة :