العراق.. غليان في بغداد والجنوب وحرق مقار الأحزاب

  • 10/26/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

أخفقت وعود وتحذيرات الحكومة العراقية في إثناء المتظاهرين عن الخروج إلى الساحات والميادين في أنحاء البلاد، أمس، ومع اندلاع أعمال العنف واشتعال الوضع في الجنوب، تم إعلان حظر التجوال في عدد من المحافظات العراقية. ومع استئناف حركة الاحتجاجية المطلبية وتفجر الأوضاع في المحافظات الجنوبية، سقط عشرات القتلى ومئات الجرحى، حسبما أعلنت المفوضية العراقية لحقوق الإنسان في بيان. وقتل نصف هؤلاء بالرصاص الحي في جنوب البلاد، حيث حاول متظاهرون اقتحام مقر لـ«عصائب أهل الحق»، أحد أبرز فصائل «قوات الحشد الشعبي»، بحسب مصادر أمنية وطبية. وأكد عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، أمس، سقوط عشرات القتلى من المتظاهرين وإصابة 1779 آخرين جراء إطلاق الرصاص الحي والغازات المسيلة للدموع من قبل القوات العراقية ضد المتظاهرين في مناطق متفرقة من البلاد. وقال المفوض فيصل عبد الله: «إن عدد القتلى من المتظاهرين ارتفع إلى 21 شخصاً بسبب حالات الاختناق والرصاص الحي في المواجهات التي حصلت بين القوات الأمنية وحماية المقرات الحزبية والمتظاهرين». وأضاف عبد الله أن عدد المصابين ارتفع إلى 1779 مصاباً من المتظاهرين والقوات الأمنية، وأغلب الإصابات جراء طلقات نارية وغازات مسيلة للدموع ورصاص مطاطي. وأفاد بحرق وإلحاق الأضرار بـ27 مبنى حكومياً ومقار حزبية في محافظات الديوانية وميسان وواسط وذي قار والبصرة وبابل. وأشار إلى «نصب خيام الاعتصام في محافظات بابل وكربلاء والنجف» الجنوبية. وصدت القوات الأمنية بوابل من القنابل المسيلة للدموع آلاف المتظاهرين المحتشدين في وسط بغداد أمس. ووضعت جميع القوات الأمنية في حالة تأهب من قبل حكومة عادل عبد المهدي التي أكملت أمس عامها الأول في الحكم. واستخدمت قوات مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع في محاولة لصد تقدم المتظاهرين وإبعادهم عن المنطقة الخضراء التي تضم مقار حكومية ودبلوماسية، خصوصاً سفارة الولايات المتحدة، بحسب ما أفاد شهود عيان في المكان. وعاد المتظاهرون إلى ساحة التحرير الرمزية التي يفصلها عن المنطقة الخضراء جسر الجمهورية. جاء ذلك بعدما دعا ممثل آية الله علي السيستاني، أعلى مرجعية شيعية في العراق، في خطبة الجمعة إلى «ضبط النفس» لتجنب «الفوضى». وأضاف أن تأكيد المرجعية الدينية على ضرورة أن تكون الاحتجاجات سلمية خالية من العنف ينطلق «من حرصها البالغ على مستقبل هذا البلد» و«يخشى معها من أن ينزلق بالعنف والعنف المقابل إلى الفوضى والخراب». وكان هتاف المتظاهرين موحداً «كلهم حرامية»، داعين إلى إسقاط الحكومة، في بلد غني بالنفط، لكنه يعاني نقصاً مزمناً في الكهرباء ومياه الشرب. من جانبه، دعا الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أنصاره إلى التظاهر، كما طلب من فصائل «سرايا السلام» المسلحة التي يتزعمها الاستعداد «لحماية المتظاهرين»، وهو ما أثار مخاوف من حصول مزيد من أعمال العنف. واتسعت رقعة التظاهرات، أمس، لينضم إليها في فترة بعد الظهر أنصار الصدر الذي يدعم تحالف «سائرون» البرلماني الفائز في الانتخابات التشريعية في مايو 2018. وكان الصدر دعا في وقت سابق إلى استقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة. ووجه رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي خطاباً إلى الأمة دافع فيه عن إنجازاته، واتّهم أسلافه بأنهم سلموه دولة ذات اقتصاد مستنزف وأمن هش، كما انتقد الصدر من دون أن يسميه. وكانت الحكومة العراقية أصدرت في 6 أكتوبر الجاري سلسلة قرارات «مهمة» خلال جلسة استثنائية عقدت برئاسة عبد المهدي، تضمنت حزمة إصلاحات من أجل تهدئة غضب المتظاهرين. وتصاعدت منذ أيام الدعوات إلى التظاهر، أمس، الذي يصادف الذكرى السنوية الأولى لتولي حكومة عبد المهدي مهماتها، وانتهاء مهلة الأسبوعين التي منحتها المرجعية الدينية الشيعية الأعلى في البلاد للسلطات، للاستجابة إلى مطالب المحتجين. ويشير خبراء إلى أن عدم اعتماد إصلاحات جذرية يطالب بها العراقيون بعد أربعة عقود من الحرب في بلد يحتل المرتبة 12 في لائحة البلدان الأكثر فساداً في العالم، ليس إلا تأجيلاً للمشكلة. وأشعل المحتجون في المحافظة النيران في مقار أحزب سياسية، منها الحكمة والدعوة وبدر وتيار الإصلاح والنصر والفضيلة، وميليشيا «كتائب سيد الشهداء»، وميليشيا «سرايا الخرساني» ومكتب النائب أشواق الضالمي، ومكتب مفوضية الانتخابات وفي محافظة البصرة المجاورة، خرج الآلاف في مسيرة صوب مبنى المحافظة الجنوبية، وبحسب الوكالة الرسمية في العراق فقط طالب المتظاهرون هناك بمكافحة الفساد وتوفير عمل للعاطلين، لكن صوراً جرى تداولها عبر شبكات التواصل، أظهر أن المحتجين يطالبون بمحاكمة المسؤولين عن قتل المتظاهرين الذين خرجوا مطلع أكتوبر الجاري، وبلغ عددهم بحسب لجنة التحقيق 157 قتيلاً. وأقدم محتجون على حرق مكاتب حزب الدعوة وحزب الفضيلة ومكتب بدر في مدينة المساوة مركز محافظة المثنى، في حين وصفت وسائل إعلام عراقية هؤلاء بـ«عناصر غير منضبطة». دلاء وقفازات أسلحة العراقيين بوجه «المسيلة للدموع» في مواجهة صفوف قوات الشرطة العراقية التي استعدت لإمطار الحشود المجتمعة في بغداد بالقنابل المسيلة للدموع لتفريقها، كان المتظاهرون بكامل جهوزيتهم وعتادهم: دلاء بلاستيكية وعلب مشروبات غازية وقفازات البستنة. وتواجه الطرفان عند جسر رئيس في العاصمة، استخدمه المحتجون للتقدم من ساحة التحرير الرمزية في وسط العاصمة للوصول إلى المقار الحكومية الرسمية في المنطقة الخضراء. وأعاقت قوات مكافحة الشغب التي يرتدي عناصرها بزات سود، تقدم المتظاهرين، بإطلاق وابل من قنابل الغاز المسيل للدموع من دون استخدام الرصاص الحي هذه المرة. وقام بعضهم برفع الدلاء البلاستيكية من الشوارع، ومطاردة القنابل لتغطيتها، وتقليل أثر الغاز المنبعث منها. لكنّ آخرين، وضعوا تلك الدلاء على رؤوسهم، في محاولة لتجنب إصابات الرأس. أما البعض الآخر، فقد وجدوا في قفازات البستنة حلاً أمثل، إذ تسمح سماكتها بالتقاط القنابل الساخنة مجدداً، ورميها مباشرة باتجاه القوات الأمنية، إلا إذا كانت الفرصة متاحة لركلها.

مشاركة :