عاد مرض اللشمانيا الجلدي (CL) ليستفحل مجددا بمناطق عدة غرب وشمال ليبيا، منذ ظهوره العام الماضي، مخلفاً حالة من الخوف والفزع بين المواطنين، لأسباب أرجعوها لـ«قلة الأدوية، وانتشار النفايات الضارة»، وسط توجيه انتقادات حادة لحكومة «الوفاق» في طرابلس بسبب عدم التدخل بسرعة لحل أزمة سكان مدينة تاورغاء. هذا المرض، الذي يخترق جلد الإنسان بعد لدغه من «ذبابة الرمل»، ويخلف ندوباً غائرة باتجاه العظم، انتقل مؤخراً من المواطنين العاديين إلى أحد المسؤولين المحليين، كما أصاب في طريقه أيضا فريقاً من الأطباء. وقد انتشر المرض في بلدات ومدن عدة، من بينها بني وليد وسرت، بالإضافة إلى تاورغاء، التي تشتكي من تراكم النفايات الضارة في شوارعها، مع تزايد انتقال الطفيليات المعدية. واتهم أحد مواطني تاورغاء، من العائدين لديارهم بعد عملية نزوح دامت قرابة ثمانية أعوام، بعض سكان مدينة مصراتة المجاورة بإلقاء النفايات في شوارع وساحات تاورغاء، مستغلين خلوها من السكان. وقال أيمن الرافدي لـ«الشرق الأوسط»: «تقدمنا بشكوى إلى حكومة (الوفاق) منذ قرابة سنة، وحذرنا من أن هذه القمامة ستنقل الأمراض الخطيرة. لكن لم يتم الاستجابة لنا إلى الآن، وهو ما ساهم في انتشار وباء اللشمانيا بين السكان العائدين إلى ديارهم». وشهد مستشفى تاورغاء العام (غرب) أمس ازدحاماً كبيراً بالمصابين بالمرض، وأعلنت إدارته أنها استقبلت في الأربع والعشرين ساعة الماضية أكثر من 150 حالة، ما بين أطفال ونساء وكبار السن. وفيما قدم المستشفى التحية لمن سماهم جنودا مجهولين من أطباء وتمريض ومساعدين بالمستشفى لأنهم يجابهون بمفردهم هذا المرض، وكلهم إصرار على دحره والانتصار عليه، كشفت إدارته الأسبوع الماضي عن إصابة أحد أطقمه الطبية باللشمانيا بسبب تعامله مع المرضى. وقال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن «المرضى يتزايدون بشكل مخيف، وهناك أكثر من ألف مصاب منذ أبريل (نيسان) الماضي»، مشيراً إلى «أنهم يسعون إلى محاصرة هذا الداء بتقديم الخدمة الطبية لجميع المصابين في وقت سريع. لكن الأدوية سرعان ما تنفد». ولفت المصدر أيضا إلى أن منظمة الصحة العالمية دعّمتهم بكمية من الأدوية، لكن أمام تزايد عدد المصابين وجه دعوته إلى جميع الجهات الدولية للمساعدة في التصدي للمرض، الذي قال إنه «ينتشر بين المواطنين بشكل واسع». وفي منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، أعلن عبد الرحمن الشكشاك، رئيس المجلس المحلي تاورغاء، عن إصابته باللشمانيا، ونشر صوراً له تظهر تقيحات على ساقيه، مطالباً الجميع بالدعاء له. وسعيا لمحاصرة الداء المنتشر في مناطق بغرب ليبيا، أمر فائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة (الوفاق الوطني)، خلال اجتماع مطلع الأسبوع الحالي باتخاذ الإجراءات اللازمة «على وجه السرعة لمواجهة انتشار مرض اللشمانيا». و«ذبابة الرمل» هي حشرة صفراء اللون صغيرة الحجم، تترك لدغتها ندوباً حمراء، قبل أن تتحول إلى تقيحات تتسع على الجلد سريعاً. وسبق أن حذرت منظمة الصحة العالمية من تفشي مرض اللشمانيا في ليبيا «في ظل تردّي مستوى الخدمات الصحية، وشح الأدوية». ولا تختلف معاناة المواطنين في تاورغاء كثيراً عن نظرائهم في بلدية بني وليد (شمالي غرب)، إذ أعلن فيها عن إصابة قرابة 300 حالة من جميع الأعمار، وسط مطالبات بزيادة الأدوية المطلوبة لمواجهة هذه المرض.
مشاركة :